fbpx

“لجنة التحقيق الدولية المستقلة”: “سوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين”

0 111

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية تقريرها السادس والعشرين يوم الأربعاء 14 أيلول 2022، والذي ستقدمه اللجنة إلى مجلس حقوق الإنسان يوم الخميس 22 أيلول 2022، ويغطي التقرير المدة ما بين 1 كانون الثاني و30 حزيران 2022، ويوثق التقرير الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الدولي الإنساني في جميع أنحاء سوريا، وقد اعتمد على التقرير 501 مقابلة مباشرة.

 “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” رحبت بنتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة وما قدَّمه من توصيات، وأكدت دعم ولايتها ودعم عمليات التحقيق التي قامت بها منذ تأسيسها في صيف 2011 حتى الآن، مشيرةً إلى أنها قدمت الكثير للشعب السوري، ووثقت بشكل مهني ونزيه الانتهاكات التي وقعت ضدَّه، ورحَّبت دائماً بالنَّقد الموجَّه لبعض النقاط، وقامت بمراجعتها.

وبدوره قام فريق “الشبكة السورية” بمراجعة التقرير، وأورد أبرز النقاط التي تحدَّث عنها التقرير:

الوضع الاقتصادي والإنساني:

تحدث التقرير عن استمرار مختلف أشكال الانتهاكات على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، ووصف العام الجاري 2022 بأنه الأسوأ منذ اندلاع الحراك الشعبي على صعيد الوضع الاقتصادي والإنساني، موضحاً أن نحو 14,6 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وهذه نتيجة حتمية للانتهاكات المستمرة والمتراكمة منذ قرابة 11 عاماً.

الوضع الأمني والعسكري في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري:

أشار التقرير إلى انعدام الأمن في جميع المناطق الخاضعة للنظام السوري، وقال إن قوات الأمن والميليشيات المحلية والأجنبية تسيطر على نقاط التفتيش ومراكز الاحتجاز وتسيء استخدام سلطاتها، وتمارس عمليات ابتزاز بحق المواطنين لتحصيل الأموال، كما أكَّد على استمرار عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والموت بسبب التعذيب ضد المواطنين بمن فيهم اللاجئين أو النازحين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري.

وتطرق التقرير إلى أنماط أخرى من الانتهاكات التي قال بأنها تشكل عقبات أمام عودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين، مثل الاستخدام التعسفي للتصاريح الأمنية التي يفرضها النظام السوري بهدف تقييد الحريات، وتعد شرطاً مسبقاً للحصول على حقوق الملكية والسكن الأساسية، مؤكداً أنه يجب ضمان العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وألا يترتب عليها أذى جسدي أو انتهاك لحقوقهم الإنسانية الأساسية.

على صعيد العمليات العسكرية:

قال التقرير إن النظام السوري استمرَّ في استهداف المدنيين في مناطق شمال غرب سوريا، وذلك بدعم من روسيا، وأشار إلى مسؤولية القوات الروسية، حيث ذكر أنه رصد طيران حربي روسي تزامناً مع غارات استهدف أعياناً مدنية.

قال التقرير إنَّ هيئة تحرير الشام قيَّدت الحريات الأساسية بما فيها حرية التعبير، واستمرت في احتجاز صحفيين ونشطاء على خلفية الرأي ممن يناهضون سياساتها، ومنع المحتجزون من الاتصال بذويهم، كما حرموا من الرعاية الطبية، إضافةً إلى استيلاء الهيئة على أملاك خاصة واستخدامها، وتركَّز ذلك على أملاك المعارضين لهيئة تحرير الشام بمن فيهم من النازحين.

وذكر التقرير أنَّ فصائل الجيش الوطني استمرَّت في عمليات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، وأن عناصر تابعة للجيش قد مارست التعذيب بما فيه العنف الجنسي، وبعض حالات التعذيب تسببت في موت المحتجز، وتشكل هذه الممارسات جرائم حرب.

وأشار التقرير إلى أن الجيش الوطني قيَّد في مناطق سيطرته حرية التعبير والتجمع، وارتكب هذا النوع من الانتهاكات بحق المرأة على أساسٍ جنساني. ومارست فصائل في الجيش الوطني في مناطق سيطرتها الاستيلاء على الممتلكات تزامناً مع عمليات الاحتجاز، وبحسب التقرير فإنَّ مصادرة الممتلكات من قبل أطراف النزاع ترقى حد النهب، الذي هو جريمة حرب.

تحدث التقرير عن المخيمات في شمال شرق سوريا، وقال إن قوات سوريا الديمقراطية استمرت في احتجاز قرابة 58 ألف شخص بينهم نحو 17 ألف امرأة و37 ألف طفل في مخيمي الهول وروج، مشيراً إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، وحرمان قاطني المخيمات من الرعاية الصحية وأبسط مقومات الحياة الأساسية بما فيها المياه الصالحة للشرب، والمرافق الصحية.

إضافةً إلى انعدام الأمن في مخيم الهول وتكرار حوادث القتل، وفي هذا الصدد طالب التقرير قوات سوريا الديمقراطية باتخاذ المزيد من الخطوات لمنع عمليات القتل داخل المخيمات والتحقيق فيها.

ووفقاً للتقرير إن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن قوات سوريا الديمقراطية تنتهك الالتزام بمعاملة جميع الأفراد الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية معاملة إنسانية، وفي بعض الحالات ارتكبت أعمالاً ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري.

وفي سياقٍ متصل طالب التقرير الدول باستعادة رعاياها المحتجزين في شمال شرق سوريا بسبب ارتباطهم المزعوم بتنظيم داعش، ولا سيما الأطفال مع أمهاتهم.

وأشار التقرير إلى اعتقال قوات سوريا الديمقراطية معارضين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي والإدارة الذاتية الكردية، كما قيّدت حرية التعبير في مناطق سيطرتها بشكل خاص على الصحفيين.

أبرز الاستنتاجات والتوصيات:

طالب التقرير أطراف النزاع في سوريا باحترام القانون الدولي، والتوقف عن جميع الهجمات العشوائية والمباشرة على المدنيين والأعيان المدنية، وإجراء تحقيقات مستقلّة وذات مصداقية في الحوادث التي خلّفت إصابات في صفوف المدنيين وتورّطت فيها قواتها، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وعدم تكرارها، ونشر نتائج هذه التحقيقات للسوريين.

كما أكد على ضرورة وقف التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي والجنساني، في جميع أماكن الاحتجاز، ووقف جميع أشكال الاحتجاز مع منع الاتصال، والإفراج عن المحتجزين تعسفاً، وضمان محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات من خلال محاكمات عادلة.

وفي السياق ذاته طالب التقرير بوقف جميع حالات الاختفاء القسري واتخاذ جميع التدابير الممكنة، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2474 (2019)، لتحديد مكان جميع المختفين قسرياً، وتحديد مصيرهم أو أماكن وجودهم، وضمان التواصل مع أسرهم، كما أوصى بتيسير إنشاء آلية دولية مستقلة لتنسيق وتوحيد المطالبات المتعلقة بالمفقودين، بمن فيهم الأشخاص المعرّضون للاختفاء القسري في سوريا.

وطالب التقرير بمواصلة السعي إلى تحقيق المساءلة، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم تجرِ مساءلة شاملة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ارتكبتها أطراف النزاع في سوريا، وفي مقدمتهم النظام السوري، كما أوصى بإجراء تقييمات مستقلة لتأثير العقوبات بغية تخفيف الآثار غير المقصودة على الحياة اليومية للسكان المدنيين.

والجدير بالذكر، أن “الشبكة السورية” تعاونت منذ الأيام الأولى لتأسيس لجنة التحقيق مع المحققين، وقدمت ما لديها من بيانات ومعلومات وعلاقات تواصل مع الضحايا وذويهم، ولا زالت تؤكد على استمرار دعمها لعمل لجنة التحقيق الدولية؛ لما له من أهمية استثنائية في ظلِّ استمرار ارتكاب الانتهاكات الفظيعة في سوريا وبشكل خاص من قبل النظام السوري.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني