fbpx

لا لاحتكار المجتمع المدني

4 612

تحت عنوانين هما الأول: حماية الفضاء المدني السوري ودعم الدور الريادي للمجتمع المدني في بناء مستقبل سوريا، والثاني هو: لسنا بالبديل عن أي جسم سياسي قائم، تعلن مبادرة “مدنية” عن إطلاق منصتها الجديدة بقيادة رجل الأعمال السوري السيد أيمن الأصفري وعدد من الشخصيات المعارضة.
جاءت هذه المبادرة بحسب مطلعين عليها وعاملين فيها بعد ما قام ولي العهد البريطاني آنذاك والملك الحالي تشارلز الثالث واجب العزاء بالسورين والسوريات اللذين قضوا حتفهم بالزلازل الذي ضرب كل من سورية وتركيا في شباط الماضي. حيث واجه المجتمع السوري المعارض المقيم ببريطانية مشكلة المكان والجهات المراد منها تمثيل الشعب السوري أمام جلالته. فتبرع السيد أيمن الأصفري بمبلغ تم من خلاله تحضير المكان والترتيبات اللوجستية ودعوة عدد من المنظمات لاستقبال ولي العهد آنذاك لتسهيل مهمته في تقديم العزاء.
اليوم تعلن مبادرة “مدنية” أن الهدف من منصتها أو جسمها الجديد هذا هو ضم المجتمع المدني السوري تحت مظلة واحدة، تهدف منه حماية الفضاء المدني وتعزيز أهدافه وآلياته في صنع القرار وتنظيمه ضمن فضاء مدني “موحد”. وتأكد منصة “مدنية” على أنها هي جهة مستقلة لا تتبع أي جهة سياسية أو أجنبية، ولا تهدف إلى تأسيس تجمّع أو ائتلاف سياسي جديد. بل على العكس، هي عبارة عن منصة تحاول حماية الفضاء المدني، وتعمل على تعزيز فاعليته في صنع قرار مستقبل سورية.
تعزيز فاعلية صنع القرار هذا تأتي عبر مجلس إدارة يضم 26 عضواً يتم تغيير ثلثهم فقط كل ثلاث سنوات، بمعنى أن مجلس الإدارة وهو من يتخذ القرار ويقود المبادرة موجود أصلاً، ويتم الآن تركيب قاعدة لهذه المبادرة، ليكون لها وزن، والمشكلة أن هذه القاعدة التي يتم تركيبها، و وفقاً لهذه الآلية ستكون لإعطاء طابع تمثيلي لقيادة المبادرة، والا لماذا لا يتم انتخاب أعضاء الإدارة من المنظمات العضوة؟ ولماذا يتم فرض ممثلين عن المنظمات لم ينتخبوا منها أساساً، على الرغم من ادعاء القائمين على المنصة عكس ذلك، والسبب، أن المنظمات التي تنتسب لهذه القاعدة لا تستطيع أن تكون في إدارة المبادرة، فقيادة المبادرة هم من الأفراد وليس المنظمات أصلاً، أفراد لم ينتخبوا أساساً، وتم اختيارهم من قبل مطلق هذه المبادرة قبل تشكيل المنصة، وقد لا تتناسب توجهاتهم مع المنظمات ورؤيتها، وقد لا يحظى بعضهم بثقة المنظمات، وبالتالي المواقف السياسية التي قد تتخذ باسم هذه المنصة قد لا تتناسب مع توجه المنظمات وفكرها و رؤيتها وموقفها مما يحدث في الوطن السوري، وبنفس الوقت فهذه المواقف ستقدُم للمجتمع الدولي على أنها تمثّل المجتمع المدني السوري وهذا خطير، وهو بشكل من الأشكال مصادرة لرأي منظمات المجتمع المدني ، خاصة أنه يأتي في توقيت سياسي مفصلي.
ومن أجل الموضوعية، فإن أقصى ما يمكن الاستفادة منه هو ربما التشبيك بين المنظمات وهو متاح خارج المبادرة أصلاً.
وبحسب تقارير صحفية، تضم مبادرة “مدنية” أكثر من 150 منظمة ومؤسسة من المجتمع المدني السوري من مختلف القطاعات في داخل وخارج سورية. حيث أكد رئيس مجلس إدارة المبادرة أيمن أصفري على أهمية الدور الذي لعبه المجتمع المدني عبر سنوات الحرب في مجال الإغاثة وغيره، وأنه هو أي المجتمع المدني له الحق بأن يكون له دور فاعل في المشاركة في صنع قرار مستقبل سوريا.
لا أحد يختلف مع رؤية مبادرة “مدنية” من ضرورة مشاركة المجتمع المدني الفعالة في صنع القرار ومستقبل سورية، بل الكل يتفق معها على أن هذا المجتمع يعتبر الوسيلة الوحيدة التي يعول عليها في الحل السياسي والضغط لتطبيق القرار 2254، وخاصة، في ظل المنعطف الخطير، الذي تمر فيه القضية السورية، بعد القرار العربي بتعويم النظام السوري أعقاب الزلازل.
ولكن يبدو أن القائمين على “مدنية” لم يتعلموا الدرس من التجارب السابقة في توحيد اللباس واللون في المعارضة السياسية. وآثروا المضي على نفس الطريق الذي سار عليه المجلس الوطني السوري ومن بعده الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية، وما آل على السوريين والسوريات من كوارث في المسار السياسي. ويبدو لنا أن المبادرة لم تمعن النظر بالنتائج الكارثية التي نتجت عن التجمعات السياسية والعسكرية والهيئات واللجان والمنصات والمؤتمرات والغرف التي أسست وشكلت. إذ لم يعد باستطاعة السوريين الاستمرار بالعدّ والمتابعة لكثرة الاجسام والمنصات، التي تخرج عليهم كل يوم، لتمثلهم في المحافل الدولية والمحلية دون انتخاب، بل كقوى أمر واقع.
في هذا المرحلة الحساسة والاستعصاء السياسي الذي تمر به القضية السورية، ومع عجز القوى السياسية المعارضة في الضغط على المجتمع الدولي لتطبيق قرارته، لم يبق أمام السوريين غير المجتمع المدني كقوى قد تكون ضاغطة في ظل التعويم والتطبيع الذي نشهده. يحقّ لجميع السوريين اليوم التوجه بالسؤال عن الأسباب الحقيقة لتشكيل هكذا منصة، وتوحيد المجتمع المدني تحت راية واحدة، دون آلية مشاركة ديمقراطية واضحة في صنع القرار. بينما نرى أن معظم المجتمعات المدنية في دول مختلفة تعمل في فضاء كبير ومتنوع وضمن عناوين كثيرة تضمن التعددية. وفي حالة التضامن، تحاول التعاون والتنسيق ضمن قوانين وأطر واضحة، تضمن المشاركة المتساوية العادلة لجميع الأطراف.

4 التعليقات
  1. ميسر says

    للاسف كل منظمة مجتمع مدني سوري داخلي اوخارجي عندها مصالح شخصية واصبح همها الظهور اكثر من مساعدة الشعب السوري حتى بموضوع الاغاثة هناك محسوبيات لذلك وبعد ١٢سنة على تشرد وقتل السوريين فشلت هذه المنظمات فشلا ذريعا لازال شعبنا بالخيم وهذا اكبر موقف يؤخذ على جميع المتطمات حتى ان الداعمين للمنظمات عندهم برنامج يتم طرحه على المستفيدين من المنظمات وفي حال لم يتم الموافقة على البرنامج لايقدم الدعم فالجميع غايته المصلحة الشخصية

  2. Marwan Al Esh says

    للاسف أغلب منظمات المجتمع المدني السوري، محترقة اولا ، انتهازية ثانيا ، لم تدقق من جهات محايدة ، انا مع العمل المؤسسي للمنظمات ، وتدقيق الأعمال والانجازات السابقة على الأرض وليس أرقام وبروشورات .

  3. سعدالدين says

    لم أفهم المقال جيدا، فلربما يكون مترجما او يحتاج صياغة او تنسيق أكبر

  4. […] الموجهة لـ “مدنية” يُنظر على سبيل المثال: لا لاحتكار المجتمع المدني، مقال إخباري، نيناربرس، 3-6-2023، […]

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني