fbpx

قلعة الكهف.. تاريخ وموقع جبلي حصين

1 406

لو قيّض للتنقيبات الآثارية أن تفتش عن معالم الحضارات السابقة التي مرّت على سوريا، لأصيبت بالدهشة، فلا توجد منطقة سورية إلا وشهدت وجوداً حضارياً ترك معالمه فيها، سواء في الداخل السوري، أم في مناطق الجبال والساحل.

ولعلّ قلعة الكهف واحدة من هذه المعالم القديمة التي تشهد على تاريخ البلاد، حيث تقع هذه القلعة بين بلدتي القدموس والشيخ بدر، إذ تبعد عن الأولى مسافة تقدر بـ 20 كم جنوباً وعن الثانية بمسافة تقدر بـ 15 كم شمالاً.

أقيمت قلعة الكهف على هضبة صخرية طولانية باتجاهين شرق غرب، ولهذا كان من المتعذر الوصول إليها إلا من الجهة الشرقية وبصعوبة، بسبب الوديان السحيقة التي تحيط بها.

قلعة الكهف تتربع على هضبةٍ مطلةٍ على واد سحيق، وهي محاطة بالجبال، ولهذا تعتبر حصناً طبيعياً الوصول إليه يبدو أكثر صعوبة ووعورةً، وهذا ما جعل منها قلعة حصينة تصعب مهاجمتها ويسهل الدفاع عنها.


تحتل قلعة الكهف مساحة مقدارها 43396 متراً مربعاً، وتزداد أهمية موقعها باعتبارها قلعة سيطرة على باقي القلاع في المنطقة، فهي في موقع يشرف على قلاعٍ عديدةٍ، كقلعة القدموس، وقلاع أخرى هي العليقة والخوابي ومصياف والرصافة وقلعة أبو قبيس.

تقول الدراسات إن قلعة الكهف كانت موجودة في القرن الحادي عشر الميلادي، ولكنها تعرّضت فيما بعد إلى أضرار كبيرة بسبب الهجمات المتلاحقة عليها، وبسبب الظروف المناخية، فهذه القلعة تناوب العرب والفرنجة السيطرة عليها، أما الداعية الإسماعيلي حسن الصباح اتخذ منها عاصمة لفرقته الدينية السياسية، فقد حولها إلى مكان يدرّب فيه ما يطلق عليه اسم (الفدائيون). ووضع حسن الصباح مشرفاً على هذا الموقع شخصاً موالياً له هو الشيخ شهاب الدين أبو محمد الملقب (الفراسه).

بعد وفاة الشيخ شهاب الدين قام شيخ الجبل وهو سنان راشد الدين بتدعيم القلعة وتحصينها لأغراض استراتيجية، وكانت القلعة قد وقعت بيد الصليبيين عام 1128م ولكن سيف الدين بن عمرون الدمشقي استعادها منهم عام 1132م.


الظاهر بيبرس مرّ بها وخضعت لسيطرته، ثم انتقلت السيطرة للحكم العثماني، حيث عمل العثمانيون على تنصيب حكامها الأساسيين عليها مقابل دفع الضرائب السنوية إلى الوالي العثماني، وهو ممثل السلطان في اسطنبول. وبقيت هذه الحالة مستمرة حتى عام 1815 إذ تمّ هجر القلعة في ذلك التاريخ، وصار أن زالت معالمها تدريجياً بعد هجرها.

بنيت قلعة الكهف في داخل الصخور المحفورة، وتحوي هذه القلعة ثلاثة طوابق من الكهوف الحجرية، وتم اكتشاف معبدين فيها يعتقد أنهما معبدان رومانيان.

في داخل القلعة سبع غرف منحوتة بالصخر، كما يلاحظ وجود بقايا سور يحيط بالقلعة، وثلاثة أبراج من جهة الشرق والغرب والجنوب، في القلعة آبار لتجميع مياه الأمطار، كما تتغذى القلعة بالماء من ماء عين تبعد عنها 2 كم، حيث تنقل المياه من العين إلى القلعة عبر قناة فخارية.

يوجد فوق السور ثلاثة أبراج متهدمة، وهي من جهة الشرق والشمال والجنوب، ويطل البرج الشرقي على قلعة القدموس، أما البرج الشمالي فيعلو المدخل الرئيس ويطل على وادٍ سحيق، وكذلك الأمر بالنسبة للبرج الجنوبي حيث يطل على وادٍ سحيق.

للقلعة ثلاث بوابات وفيها جامع على سطحها قرب ساحة التدريب.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

1 تعليق
  1. خضر ياغي says

    مقال مهم، شكراً لهذا السرد التاريخي لمعلم مهم من معالم حضارتنا السورية .
    شكراً استاذة شهناز

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني