fbpx

قبض الريح

0 88

نكزني في الخاصرة.. قم. نهضت.. شمّرت عن ساعدي، وخرجت أبحث عن الضمير. سألت كلً مَن صادفتهم في شوارع المدينة؛ فلم يدلني عليه أحد. طفت في الأرياف؛ فلم أعثر على خبر له. أشاروا أن ألجأ إلى المجتمع الدولي؛ فما شفيت الغليل. توجّهت إلى أكبر هيئة أمميّة قررت جمعيتها العامة يوماً دولياً للضمير الإنساني، استجابة لدعوة الأمم المتحدة بغية إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب، ونشر ثقافة التسامح والإخاء، وحل المشكلات والنزاعات عن طريق الحوار والتفاوض، لتعزيز ثقافة المحبة والسلام، وإيقاظ الضمير الإنساني لتضييق فجوة الأعمال العدائية التي آذته، وسببت الكثير من المآسي جراء النزاعات الدائرة بين الدول، وكلفت الجميع بالبحث عنه وإحضاره موجوداً لسؤاله ومحاسبته…

قلت لقد سنحت الفرصة لأراه، وأشهد محاكمته، وأسمع دفاعه…

شدّدت الرحال إليها، وفي النفس يعتمل أمل كبير، وفي جعبتي زاد من الأسئلة. وبعد عناء ثقبتُ جدار المستحيل لأروي ظمأي من عذب الحقيقية فأسعد وأطمئن، وأحضر محاكمة علنية عادلة، ميزانها دقيق، يديرها قضاة عدل، ويترافع فيها محامون نجباء، يخرجون الزير من البير، يقدمون مذكرات دفوع تثبت براءة الضمير الإنساني مما ينسب إليه.

عُقِدت المحكمة، وجِيء بالمتهم مخفوراً، معصوب العينين، مغلولاً بالأصفاد، ومن خلف القضبان سأله القاضي:

– اسمك؟

– ضمير إنساني

– عمرك؟

– عمر البشرية

– سكنك؟

– أقفاص الصدور وخلايا العقول

– لماذا هربتَ؟

– لم أهرب

– إذن أين كنت؟

– مغيباً في السجن

– ماذا فعلت؟

– قلّدت الديك

– لماذا؟

– فكرت.. لعلّهم يصحون…

– هذا اعتراف؟

– أنا لا أعرف الكذب يا سيدي

وأقبل المدّعون يعززون الادعاء: إنه لا يني ينكزنا، ويقلقنا فيسرق النعاس من الجفون، ويفقدنا الراحة وطيب العيش وهناءته.

وانبرى المحامون يفنّدون دعواهم، ويثبتون أنه لم يرتكب جرماً، فلم يزهق روحاً، ولم ينتهك مقدساً، فهو يدعو إلى المحبة، والإخاء، والتسامح، والسلام مستنداً لدستور هيئتكم الموقّرة، وللمبادئ الإنسانية السامية…

وبعد أخذ ورد، ومذكرات ودفوع، قرر القضاة الإفراج عنه فضجّت القاعة بالتصفيق.. أخرج إرهابي السلاح وأطلق رصاصة (VITO) ارتجت الجدران.. وران صمت.. ارتفعت صرخة.. كفى ى ى ط.. الحريّة للض… تقدّم خمسة ملثمون من المنصة.. نحن الحكم.. اقتادوه أمام الجميع…

أودع القضاة الملف في الأدراج…

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني