في اليوم العالمي للاجئين: لا يزال أكثر من نصف الشعب السوري مشرَّداً قسرياً بين نازح ولاجئ وغير قادر على العودة
بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف 20 حزيران من كل عام، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الأحد 20 حزيران 2021 تقريراً خاصاً، قالت فيه “لا يمكن حل قضية النازحين واللاجئين السوريين دون إنهاء النزاع المسلح وتحقيق انتقال سياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.”
وذكر التقرير أن انتهاكات النظام السوري والتي بلغ بعضها مستوى الجرائم ضدَّ الإنسانية، كانت الدافع الأبرز وراء سعي السوريين نحو اللجوء، مشيرة إلى أن بقية أطراف النزاع قد مارست أصنافاً من الانتهاكات ضدَّ بعضها بعضاً وضمن مناطق سيطرتها.
كما توسع التقرير في حصيلة أبرز الانتهاكات خلال عشر سنوات، ومن قبل جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية.
القتل خارج نطاق القانون
وثق التقرير مقتل 227781 مدنياً بينهم 29250 طفلاً و16150 سيدة في سورية على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة، منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021.
وأوضح التقرير أن النظام السوري كان المتسبب الرئيس في الغالبية العظمى من الانتهاكات، ويتصدَّر عمليات قتل المدنيين في سوريا، بنسبة بلغت قرابة 88% من إجمالي حصيلة الضحايا، حيث قتل 200117 مدنياً، بينهم 22887 طفلاً، و11931 سيدة، تليه القوات الروسية بنسبة قرابة 3%، حيث قتلت 6867 مدنياً، بينهم 2005 أطفال، و969 سيدة، أي أن الحلف السوري/الإيراني/الروسي مسؤول عن قرابة 91% من المدنيين الذين قتلوا منذ بدء الحراك الشعبي في آذار 2011.
الموت بسبب التعذيب
سجَّل التقرير مقتل ما لا يقل عن 14537 شخصاً بسبب التعذيب بينهم 180 طفلاً و92 سيدة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021، قتل النظام السوري منهم 14338، بينهم 173 طفلاً، و74 سيدة.
الاعتقال التعسفي
بحسب التقرير فإنَّ ما لا يقل عن 149457 شخصاً بينهم 4930 طفلاً و9296 سيدة لا يزالون قيد الاعتقال على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021، اعتقل النظام السوري منهم 131178، بينهم3619 طفلاً، و8034 سيدة. فيما اعتقلت داعش 8648 بينهم 319 طفلاً، و255 سيدة، واعتقلت هيئة تحرير الشام 2253 بينهم 37 طفلاً و 43 سيدة، واعتقل الجيش الوطني 3582 بينهم 296 طفلاً و 761 سيدة، واعتقلت قوات سوريا الديمقراطية 3796 شخصاً، بينهم 659 طفلاً ، و176 سيدة.
الاختفاء القسري
سجل التقرير ما لا يقل عن 101678 شخصاً بينهم 2424 طفلاً و5828 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2021، أخفى النظام السوري 86276، بينهم 1757 طفلاً و 5011سيدة.
وأكد التقرير أن السبب الرئيس الذي يدفع السوريين إلى النزوح ومن ثم اللجوء هو عمليات القتل بالقصف الجوي بمختلف أنواع الأسلحة، وبشكل خاص عبر سلاح الطيران الذي استخدمه الحلف السوري/الروسي على نحوٍ كثيف جداً، وأضاف التقرير أنَّ القصف الجوي مسؤول عن 70 إلى 75% من إجمالي عمليات القتل والدمار، وبالتالي التشريد.
وأضاف التقرير أن ثلاثية الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، هي العامل الثاني وراء لجوء السوريين وعدم رغبتهم في العودة إلى بلادهم ما دامت الأجهزة الأمنية متحكمة في رقاب السوريين.
وبحسب التقرير فإن ما لا يقل عن 1,2 مليون مواطن سوري قد تعرض لتجربة الاعتقال، ولا يزال 131178 منهم قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري حتى الآن لدى النظام السوري، وقد قتل منهم 14338 بسبب التعذيب.
وأكد التقرير أن العامل الثالث هو حصار مناطق بأكملها ومنع دخول المساعدات إليها في شكل من أشكال العقاب الجماعي، ثم عقد اتفاقيات مصالحة إجبارية تهدف إلى تشريد أهلها.
وأوضح التقرير أن كل هذه العوامل أدت إلى تشريد قسري متواصل على مدى عشر سنوات، مؤكداً إلى أن تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تشير إلى قرابة 13 مليون سوري ما بين نازح ولاجئ.
ووفق التقرير فإن النظام السوري وحلفاؤه لم يكتفوا بتشريد السكان، بل امتدَّت الانتهاكات بحقهم إلى عمليات نهب طالت منازلهم، وسرقة محتوياتها، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي الزراعية التي يمتلكونها عن طريق المزادات العلنية.
وأوضح التقرير أن جميع هذه الممارسات العنيفة، تمنع المشردين (النازحين واللاجئين) من العودة إلى مناطقهم الأصلية، وأشار التقرير إلى أن الظروف القاسية في بلدان اللجوء تجبر بعض اللاجئين السوريين على العودة إلى مناطق النظام السوري غير الآمنة، وأن النسبة الإجمالية للعائدين من اللاجئين من كافة دول العالم تقدر بما لا يتجاوز 7% غالبيتهم من لبنان ثم الأردن.
وذكر التقرير أن الغالبية العظمى من المشردين هم من المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري الذي لا يُبالي بعودة اللاجئين أو النازحين، بل يضع العراقيل في وجه عودتهم.
وبين التقرير أن عودة اللاجئين رغبة روسية بهدف الضغط على الدول الأوروبية، وإثارة نزعات اليمين المتشدد، بهدف خلق قلاقل، ما يسمح لروسيا بالابتزاز وطلب تقديم مساعدات للنظام السوري من أجل إعادة الأعمار أو تحت ذريعة المساعدات الإنسانية التي تذهب في غالبيتها إلى أجهزة الأمن والميليشيات المحلية والموالين للنظام السوري كنوع من التعويض.
وأكد التقرير أن شروط العودة الآمنة الطوعية لم تتحقق بعد فيما يتعلق باللاجئين السوريين، ولن تتحقق طالما أن نظام بشار الأسد والأجهزة الأمنية المتورط في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ما زال يحكم مناطق واسعة من سوريا.
وأوصى التقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بمتابعة وضع اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا والإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
كما أوصى التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإدانة قرارات النظام السوري التعسفية التي تعرقل عودة المواطنين السوريين وتنهب أموالهم، وفضح تلك الممارسات المنظمة التي يقوم بها النظام السوري، ويغلفها بقوانين تُشرعن جريمته.
كما أوصى التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة ببذل جهود حقيقية لتطبيق قرار الانتقال السياسي 2254 ضمن جدول زمني، ويضمن تحقيق العودة الآمنة والكريمة والطوعية للمواطنين السوريين.
وختم التقرير بتوصية جميع دول العالم التي يوجد فيها لاجئين سوريين بعدم سحب إقاماتهم، أو إرسالهم إلى مناطق غير آمنة وغير مستقرة، أو إعادتهم إلى سوريا، بل مساعدتهم على الاندماج في المجتمع، ولم الشمل، وإعطائهم حقوقهم كافة تطبيقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.