عقد دامٍ من الانتهاكات بحق الأطفال يُهدد مستقبل سورية لعقود قادمة
بمناسبة اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، الذي يُصادف الرابع من حزيران من كل عام، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 4 حزيران 2021، بياناً تحدثت فيه عن تعرَّض الأطفال في سورية منذ بداية النزاع المسلح الداخلي لأفظع أشكال العدوان، وكان أشدها قسوة ومنهجية ما قامت به قوات النظام السوري من ارتكاب مختلف أنماط الانتهاكات.
وذكر البيان أنه لا يكاد يمرُّ انتهاك يتعرَّض له المجتمع السوري دون أن يكون ضمنه أطفال، من عمليات القتل بسبب القصف العشوائي، وعمليات التعذيب داخل مراكز الاحتجاز والتجنيد القسري، والتشريد القسري وقصف المدارس ورياض الأطفال.
وأضاف البيان أنه قد تراكم حجم هائل من العدوان على الأطفال على مدى السنوات العشر الماضية، ما ولَّد جيلاً يُعاني من تخلف الرعاية التعليمية والصحية والنفسية، إضافة إلى خطر انتشار الأمية بشكل غير مسبوق في تاريخ سوريا.
ونوه البيان إلى أن قرابة مليون وربع مليون طفل يعيشون ضمن المخيمات المنتشرة في سورية، ويعانون أسوأ الظروف الحياتية ومن انعدام أقل مقومات النظافة والخصوصية والمسكن والرعاية الطبية والصحية وغياب تدابير السلامة.
وأكد البيان على أن التشريد القسري لقرابة ستة ملايين مواطن سوري بسبب الهجمات والانتهاكات التي مارستها أطراف النزاع وفي مقدمتهم النظام السوري وحلفائه، أدى إلى تفشي الفقر، لأن النازحين هم أكثر فئات المجتمع هشاشة.
وأوضح البيان أنَّ كثيراً من الأطفال قد فقدوا من يعيلهم بسبب انتشار القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وتحوَّل كثير من الأطفال إلى معيلين لأسرهم، وانتقل الطفل إلى ساحة العمل بدلاً من الدراسة، وأصبح لدينا مئات الآلاف من الأطفال الأميِّين.
وذكر البيان أن معظم الأطفال المولدون خارج مناطق سيطرة قوات النظام السوري قد حرموا من الحصول على وثائق رسمية تثبت هوياتهم، وأن قسماً من الأطفال يُعاني من اضطرابات نفسيَّة لأسباب متعددة، من أبرزها فقدان أحد الأقرباء أو الأصدقاء.
واستعرض البيان حصيلة أبرز الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الأطفال في سورية منذ اندلاع الحراك الشعبي في آذار 2011 حتى حزيران 2021 وفقاً لقاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان:
أولاً: القتل خارج نطاق القانون
ذكر البيان مقتل 29520 طفلاً منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021، قُتل قرابة %85 منهم على يد قوات الحلف السوري/الروسي، جلُّهم قُتل عبر عمليات القصف العشوائي المتعمد على المناطق المدنية المأهولة بالسكان.
ثانياً: الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري
بحسب البيان فقد تم توثيق ما لا يقل عن 4924 طفلاً لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021، اعتقلت قوات النظام السوري منهم 3613 طفلاً، وقوات سورية الديمقراطية 659 طفلاً، وتنظيم داعش 319 طفلاً، بينما اعتقل الجيش الوطني 296 طفلاً، واعتقلت هيئة تحرير الشام 37 طفلاً.
ثالثاً: الضحايا بسبب التعذيب
أكد البيان أن النظام السوري يُعدُّ الطرف الأبرز في ممارسة سياسة الاعتقال، وتعذيب المعتقلين حتى الموت، وغالباً ما يتعرض الأطفال لأساليب التعذيب ذاتها التي تُمارَس على البالغين من المعتقلين.
وقد ذكر البيان توثيق مقتل 173 طفلاً بسبب التعذيب على يد قوات النظام السوري وحدها، من بين 180 طفلاً تم توثيق مقتلهم بسبب التعذيب في سوريا منذ آذار 2011حتى حزيران 2021 على يد جميع أطراف النزاع والقوى المسيطرة.
رابعاً: حوادث الاعتداء على المدارس
ذكر البيان أن ما لا يقل عن 1586 مدرسة في سورية، تعرضت لاعتداءات من قبل أطراف النزاع والقوى المسيطرة، منذ آذار 2011 حتى حزيران 2021، وأن قوات الحلف السوري/الروسي مسؤولة عن 90% من تلك الاعتداءات.
وأوضح البيان أنَّ النظام السوري تفوَّق على جميع الأطراف التي انتهكت حقوق الطفل، من حيث كمِّ الجرائم التي مارسها على نحوٍ نمطي ومنهجي – وخاصة الحقوق الواردة في المواد 6 و37 و38 من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها، بالحق الأصيل في الحياة والبقاء وحظر التعرض للتعذيب والحرمان من الحرية وضمان احترام قواعد القانوني الدولي الإنساني ذات الصلة بالطفل – وقد بلغت مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وأكد البيان أن اللجنة المعنية بحقوق الطفل والمنبثقة عن اتفاقية حقوق الطفل تتحمَّل المسؤوليات القانونية والأخلاقية في متابعة أوضاع حقوق الطفل في سوريا ووضع حدٍّ للانتهاكات التي مارسها النظام السوري.
وذكر البيان أنَّ هذه الانتهاكات هي فرع من استمرار النزاع المسلح الذي امتدَّ لعشر سنوات وفشل مجلس الأمن والمجتمع الدولي في تحقيق انتقال سياسي في سورية.
وأضاف البيان أن سورية لن تتمكَّن من النهوض والاستقرار، وعودة المجتمع نحو التَّماسك وتوقِّف عملية الانحدار نحو دولة فاشلة ما لم تنهض الدول الإقليمية والدول الصديقة بمسؤولياتها أمام أطفال سورية، فهي قضية عالمية، يجب على كل الدول أن تبذلَ جهدها في التخفيف من تداعياتها، عبر دعم المدارس والعملية التعليمية والطبية داخل سوريا، وللأطفال اللاجئين.
وحمَّل البيان دول العالم كافة التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل، مسؤولية الوفاء بالالتزامات المرتبة عليها لمحاسبة النظام السوري وفضح ممارساته الإجرامية بحق أطفال سورية، وبذل كل جهد ممكن للتخفيف منها وإيقافها.
وختم البيان بالقول إن الفشل المستمر في إيقاف ما يتعرض له هؤلاء الأطفال من انتهاكات أولاً، وفي الاستجابة لإعادة تأهيلهم ثانياً؛ سوف يتسبَّب في عواقب يصعب التنبؤ بها، وطالب البيان المجتمع الدولي أن يستثمر على نحوٍ عاجل في كل من الصَّعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ضمن استراتيجية طويلة الأمد.