fbpx

سوق العقارات في دمشق يديرها المستغلون ويحترق بنارها النازحون

0 172

امتلاك منزل في سوريا كان يعد حلماً من أحلام المواطن السوري الكثيرة وقد انتشرت طرفة بين صفوف السوريين أن المواطن السوري يحتاج لربح ورقة يانصيب ليستطيع شراء منزل في أرياف المدن وقد ترتب على ذلك انتشار المساكن العشوائية التي تكتظ العاصمة وحدها بالعشرات منها والتي تأوي عشرات الآلاف وبعضها يوجد في قلب العاصمة. 

وضع العقارات في ظل الحرب

خلفت الحرب في سوريا دماراً هائلاً على جميع الأصعدة، ودمرت مدن بأكملها نتيجة ذلك وتحولت إلى كومة رمال وقد قدر عدد المباني النظامية المدمرة في سوريا حوالي مليونين مبنى ناهيك عن المساكن العشوائية غير المسجلة في السجل العقاري أي حوالي ثلث المباني في سوريا مدمرة إما بشكل كامل أو جزئي وقد ترتب على ذلك أن ملايين المواطنين وجدوا أنفسهم بلا سكن أو مأوى ويقدر عدد النازحين في الداخل السوري بـ 6 مليون نازح ومن هنا أصبح هناك ضغط كبير على سوق العقارات في سوريا فالعدد كبير والمساكن محدودة ومن هنا بدأ الاستغلال في الإيجارات والتحكم بها وخاصة أن مدينة دمشق قبل بدء الحرب كانت تحتل المركز الثامن من حيث غلاء أسعار العقارات وقد كان يصل سعر المنزل في أحد أحياء دمشق الراقية كحي “أبو رمانة” أو المالكي إلى 5 مليون دولار، أما مع بداية الحرب، لحق ضرر كبير بسوق العقارات وانهارت أسعارها مع انهيار الدولار ومع ذلك تبقى أسعارها خيالية بالنسبة لدخل المواطن السوري وقد تمكن عدد قليل جداً من النازحين من شراء منازل عوضاً عن التي دمرت.

الشروط التعجيزية للإيجارات في سوريا
لجأ أغلب النازحين إلى استئجار المنازل وهنا وضع الناس تحت رحمة تجار الأزمات والعقارات الذين ما انفكوا يضعون أسعار خيالية مقابل المنازل ففي أحياء دمشق كالمزة والبرامكة والميدان يتراوح إيجار المنزل في الشهر الواحد بين الـ 300 إلى 400 ألف ويشترط عندها دفع الإيجار مدة عام مقدماً بالإضافة إلى 400 ألف كنوع من الضمان، أما في أحياء دمشق الراقية كأبي رمانة والمالكي قد يصل الإيجار إلى مليون ليرة شهرياً نظراً لتوفر الخدمات الأساسية وتوفر الكهرباء على مادر اليوم ونظراً لأن معظم سكان تلك المنطقة من المسؤولين والقادة الأمنيين ووجود حراسات مشددة. ويشترط في تلك المناطق الحصول على موافقة أمنية من كل الفروع الأمنية بخلاف باقي المناطق التي يشترط فيها موافقة فرع الأمن السياسي فقط، وإذا ما ابتعدنا عن المدينة وانتقلنا إلى الريف تنخفض الأسعار من فلكية إلى خيالية ففي مناطق صحنايا وعرطوز تتراوح الإيجارات بين 60 و100 ألف أما في قدسيا وضاحيتها فيبدأ الإيجار من 100 ألف وقد يصل إلى 250 ألف مع اشتراط الدفع لمدة سنة وقد تحدثنا إلى السيدة أم يوسف وهي نازحة من الرقة انتقلت إلى دمشق مع سيطرة داعش على المدينة وقد أخبرتنا أن إيجار منزلها الصغير بدأ بـ 50 ألف ليرة منذ 4 أعوام والآن طلب منها مالك المنزل 125 ألف واشترط عليها فع الإيجار لمدة عام مقدماً أو إخلاء المنزل وقد اتخذت قرراها بالعودة إلى الرقة فعلى رغم غياب الخدمات ولكن على الأقل تجد سقف منزل يؤويها هي وأطفالها.
والغريب أن الإيجار المدون في العقد لا يزيد عن 10 آلاف ليرة سورية لتفادي الضرائب على المالك، أما في الأماكن التي سيطر عليها النظام حديثاً كالغوطة الشرقية والمعضمية يخبرنا أبو عصام وهو نازح من الغوطة عاد إليها حديثاً ووجد منزله مدمراً فاضطر لاستئجار منزل جاره وقد كان يدفع 10 آلاف والآن ارتفع الإيجار إلى 50 ألف قابلة للزيادة نظراً لعودة الأهالي إلى الغوطة هرباً من الاستغلال في دمشق ليقعوا بين يدي مستغلين جدد لكن في مناطق مدمرة وفي ظل خدمات معدومة.

صمت تام للدولة التي ترى وتسمع ولا تحرك ساكناً لإنصاف الناس ومساعدتهم وخاصة مع ضعف الدخل العام للمواطنين وفقدان معظمهم لمنازلهم، وما يزيد الطين بلة الحصار الذي ضرب على سوريا وعدم وجود أي بارقة أمل لبدء إعادة الإعمار، التي ستساهم بشكل كبير في انخفاض الأسعار وتخفيف العبء الكبير الذي أثقل كاهل السوريين وأرق لياليهم.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني