دور المرأة السورية وأهميته
إن التقدم والتطور الحضاري والمجتمعي الذي تواتر عبر مراحل البشرية كان نتاج مشترك للرجل والمرأة وبأدوار تتلاءم وطبيعة كينونة كل منهما، وقد تفاوت تأثير وبروز دور المرأة بحسب طبيعة المجتمع الذي تحكمه قناعات دينية وعادات وتقاليد وأعراف وبالتالي ظهر اختلاف في النظرة المجتمعية لدور المرأة ما بين توسعته وتضيقه بل حتى تهميشه.
والآن ومع التطور المجتمعي والذي طال كل المجالات سواء التقنية والثقافية والتشريعات التي تتناول حقوق الإنسان فقد تنامى الدور الريادي للمرأة واتسعت مساحة مساهمتها في المسارات النهضوية للمجتمع.
والمرأة السورية لم تكن بمعزل عن التأثر بهذا التغيير الإيجابي لدور المرأة وضرورة مساهمتها في تطور وتقدم المجتمع السوري وخاصة في هذه المرحلة المفصلية الهامة في التاريخ السوري..
وللإلمام أكثر بهذا الملف المجتمعي الهام سنتناول التركيز على ثلاث محاور رئيسية.
المحور الأول: العقبات التي تحول دون أخذ المرأة لدورها المجتمعي.
فبرغم التطور المجتمعي والتشريعي الذي عزز دور المرأة وحمايته الا انه لازال هناك هوامش إقصائية وتهميشية لدور المرأة ومن أبرز هذه العقبات.
– الفهم المغلوط للنظرة الدينية للمرأة والذي فسره بعض اصحاب الرؤية القاصرة على ان هناك دونية للمرأة، وأنها منقوصة الفكر والتكليف وبالتالي عدم إشراكها باي عمل مؤسساتي او إداري. وبالطبع هذا مفهوم خاطئ وغير سليم.
– العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية والتي جعلت المرأة رهن لإرث مجتمعي سلبي، كتزويج المرأة بسن مبكر وإشغالها بالتزامات البيت وتربية الأطفال. وحرمانها من التعليم وتوسيع مداركها العلمية والخبراتية، ومنعها من العمل وبالتالي مساعدة نفسها واكتساب مهارات تفيدها وترفع سوية العمل الذي تمارسه.
– الظروف المعيشية الصعبة التي تدفع الاهل لتزويج بناتهم وحتى القصر للتخفيف من الأعباء العائلية.
في عملية التطور المجتمعي
المحور الثاني: المقومات المتوافرة للمرأة السورية والتي تهيأ مساهمتها والمؤسساتي
هناك عدة مقومات ومن أبرزها:
– سن تشريعات وقوانين دولية ووطنية تعزز حقوق المرأة وتصونها، وهذه التشريعات وفي إطارها العام نادت وطالبت بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة كما أنها ركزت على ضرورة مشاركة المرأة في تقدم وتطور المجتمع، وضرورة تقلدها لأي منصب او عمل تملك الخبرة والمؤهل للنهوض به.
– الموروثات الجينية الفكرية للسوريين، فسوريا صاحبة أول أبجدية بالتاريخ وقد نشأت فيها حضارات هامة نهلت منها حضارات وشعوب العالم. وبالتالي فالمرأة السورية لديها هبة الإبداع بالفطرة.
– الحالة السورية: فمنذ عام 2011 وما رافقها من تداعيات مريرة من قتل واعتقال ولجوء ونزوح وظروف معيشية سيئة ورغم سوداوية هذه المرحلة إلا أنها صقلت ودعمت دوافع البقاء لدى المرأة السورية التي ونتيجة للظروف أصبحت من تعيل الأسرة ودخلت مجالات عمل زادت من خبرتها ورفعت من سوية مهاراتها لدرجة الإبداع في مهن متعددة.
– الدورات والورشات التعليمية والمهنية التي نشطت في عدة مناطق وفي دول كتركيا ساهمت في تعلم المرأة لمهن متعددة، إضافة للمهن النسوية التقليدية ساعدت في دخولها القطاع الإنتاجي وبيع منتجاتها وتحسين وضعها المعيشي.
– البرامج الحكومية لعدة دول وعدة منظمات وجهات مختصة التي استهدفت المرأة من خلال أنشطة متعددة كالدعم النفسي والتمكين ورفع الوعي الحقوقي والسياسي.
– التطور التكنولوجي والمعلوماتي والذي جعل العالم داخل جهاز تقني والمعلومة متاحة للجميع، ما ساهم بشكل أو بآخر في الحصول على ثقافة عامة لجميع الفئات ومنها المرأة.
المحور الثالث: سبل تفعيل دور المرأة الحالي والمستقبلي
هناك عدة آليات وسبل لتأخذ المرأة السورية الدور المناط بها في التقدم المجتمعي والمؤسساتي سواء في المرحلة الراهنة وفي المستقبل، ومنها:
– المساواة الكاملة عند الترشح لوظيفة أو منصب والتركيز على المؤهل العلمي والخبرة العملية. وإغفال التقييم العفوي المتعلق بجنس المتقدم للعمل.
– أن تكون مشاركة المرأة في أي ميدان ومجال هي مشاركة فعالة ومؤثرة وعدم قصرها على نمطية وجودها التكميلي أو تسويغ لقانونية وضرورات هيكلية نشاط ما.
– قيام الحكومة بإعداد وتنفيذ برامج ممنهجة لتهيئة كوادر نسائية وفي مختلف النواحي سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية لتكون جاهزة للانخراط في اي عمل او نشاط او تمثيل يساهم في استمرارية عمل مؤسسات وإدارات الدولة.
وفي نهاية المطاف لابد من التأكيد على ضرورة إطلاق سراح طاقات المرأة السورية ودعمها والاستفادة القصوى من الملكات والإمكانيات والخبرات التي تمتاز بها المرأة السورية العظيمة لتأخذ دورها الجوهري في ازدهار وتطور وتقدم سوريا لتصبح بلد الحضارات وبلد الرقي.