fbpx

درعا.. حاجز الجوية بمئة ليرة سورية

0 167

منذ الصغر علقت في أذهاننا تلك الصورة السيئة لشرطة المرور في سوريا، فساد ورشاوى وضعف رقابة، استغلال للأهالي والعاملين على الطرقات لكسب قوت يومهم فكيف الحال اليوم؟

اندلعت الثورة في العام 2011 فلم تعد وحدها شرطة المرور من تمارس رذيلة الرشاوى والاستغلال بل انتشرت مؤسسات الجيش والأفرع الأمنية على الطرقات وباتوا يتنافسون ويتسابقون لممارسة التسلط على الطرقات وطلب مبالغ تصل إلى مئات الآلاف في بعض الأحيان ولا خيار أمام المواطن إلا أن يدفع حتى دون أن يفكر في محاسبة هؤلاء فلمن تشتكي القمحة إذا كان القاضي دجاجة فإما أن تدفع أو يلوح شبح الاعتقال في الأفق.

لتعرف بعض الحواجز فيما بعد باسم المبالغ التي تتقاضاها جراء السماح بعبور البضائع أو المواد الغذائية فبعضها حاجز المليون وآخر حاجز الخمسين – الخمسين ألف ليرة سورية – وتحولت بعض الحواجز لمعابر شبه رسمية ما بين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والمعارضة.

لا يخفى على أي مواطن يذهب اليوم لمراكز المدن والمحافظات التي تنتشر على طرقاتها ومداخلها قوى الأمن وشرطة المرور تلك الحال.

السيد أ.ز قال لـ نينار برس عن واقع الحال والرشاوى التي يتقاضها من يدعون بأنهم موجودون لتطبيق القانون وحماية الأهالي:

بينما كنت ذاهباً إلى مدينة درعا وأنا أركب بجانب أحد سائقي الميكروباصات – باص النقل 14 راكب – على الطريق العام وصلنا بالقرب من حاجز للمخابرات الجوية على أحد مداخل مدينة درعا الذي كان يقوم بتفتيش الهويات وتفييشها فإذا بأحد الركاب يقول مخاطباً للسائق (لو سمحت بدنا نلحق الدوام وما في وقت للتفتيش والتفييش) ليرد السائق لدي الحل.

ويردف أ.ز كنت أراقب بصمت ما سيفعل السائق وإذا به يخرج مئة ليرة سورية ولدى وصوله للعسكري على الحاجز وضعها بيده ورد العسكري بكلمة واحدة ( تفضل) وسمح لنا بالمرور ما أثار فضولي لسؤال السائق (أيعقل مئة ليرة وسمح لنا بالمرور) فأجاب السائق (حاجز الجوية بــ 100 هيك التسعيرة وباليوم بتمر مئات السيارات و100 على 100 بتجمع).

فيما قال السيد أ.ز عن شرطة المرور المنتشرة في درعا المدينة: ما يلبث السائق أن يصل إلى أي شرطي حتى يبادره السلام باليد على السائق ليأخذ منه مئتي ليرة سورية مع انتشار وباء كورونا وهي الحق الذي شرعه رجال شرطة المرور لأنفسهم.

درعا منطقة دوار الحمامة

فإذا كان الحال هكذا مع السائقين الموجودين بشكل يومي على الطرقات فما الحال مع البقية؟ الأستاذ محمد السالم العائد من السفر حديثاً تحدث لـ نينار برس حول هذه القضية ليقول:

كنت متوجهاً لمدينة درعا وعند أحد المداخل أوقفتني دورية للمرور ولدى اقتراب الشرطي تذكرت بأن شهادة القيادة الخاصة بي بحاجة لتجديد وسيخالفني الشرطي ولدى اقترابه بالفعل  طلب مني الشهادة وأوراق السيارة وقال : شهادتك منتهية يا أستاذ فبدت علامات الارتباك على وجهي لينقذ المشهد صديقي عدنان الذي كان جالساً بجانبي، فوضع 500 ليرة سورية في يد الشرطي وقال مخاطباً الشرطي: تأكد ممكن أنك أخطأت بالقراءة وبالفعل راجع الشرطي الشهادة المنتهية أصلاً وقال الشهادة صحيحة ولكن لمرة واحدة مشيراً أنه يريد 500 ليرة في كل مرة يتم فيها إيقافي حتى أجدد شهادتي.

وأضاف الأستاذ السالم: الفساد مستشر في جميع مؤسسات الدولة فمنذ ذلك الحين قمت بتجديد شهادتي بدفع مبلغ مالي لأحد السماسرة وقمت أيضاً بتجديد أوراقي الثبوتية وجوازات السفر لي ولأولادي وتكلفت في بعض الأحيان أضعافاً مضاعفةً عن التكلفة الحقيقية، ولأني لا أملك أي نوع من الوساطات يتم إيقاف أوراقي إلى أن أدفع وقس على ذلك.

كل هذه الرشاوى باتت تؤخذ جهاراً “على عينك يا تاجر” ولا يخفى الحال والمآل التي آلت إليه البلد في ظل حكم العصابات لها فلا شريعة تحكمها ولا قانون يضبطها فمن شرعن الرشوة اليوم هو ذاته الذي لا يستطيع إطعام حتى مؤيديه أو موظفيه سواء المدنيين أو العسكريين منهم ليطلق أياديهم على رقاب المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة فيدفعون بصمت ويتجرعون المرارة جراء العيش في ظل الأخ الأكبر . 

[1]الأخ الأكبر هو شخصية
مستبدة ديكتاتورية في الدولة الشمولية في رواية 1984 لـ جورج أورويل.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني