حلمٌ.. إنما
أيقظني إياس من نومي.. امتدت يده الباردة ولمست جبيني الملتهب مسح جفني وحاجبي ورسم داوئر حول عيوني ففتحتهما بكسل وإعياء.. ثم انتشلني من هلوسات نومي وقال لي: هيا لنطر معاً..
خرجنا من الباب الخلفي لمنزلي كانت الطرقات لاتزال تغفو في شفيف الفجر الرطب وثلج خفيف بكر يغطي أسفلت الشوارع فيختلط بياضه بأسود مشرب بضوء الفجر الناعس.. كنت حافية القدمين ولا أرتدي سوى ثوب رقيق قلت له: أنا أشعر بالبرد… قال لي: لا تتوهمي في الأحلام لا نشعر بالبرد أبداً… ومضى يركض بي ويركض وتكاد أنفاسي تتقطع، ثم حين أوشكت على الاختناق وقف أمام تقاطع طرق واسع وأفلت يدي ثم استدار وواجهني مبتعداً خطوات… وكنت أرتجف ربما من البرد أو من وحشة الطريق أو ربما، وأظنه الأرجح لإفلات إياس يدي.
طبع إياس أثر قدمه على الثلج ثم بصم بيديه الاثنتين وقال لي قفي هنا بين الأثرين وعندما وقفت رفعني بين ذراعيه وألقى بي في الهواء وتلقفني في حضنه الدافئ العبق بندى الفجر والثلج والحب وشيء آخر لم اكتشف له اسماً همس في أذني: أنت ربة قلبي المتوجة.. وأعادها مرات وصوته يرتفع في كل مرة حتى استحال صراخاً همست له.. ستوقظ الآخرين… صرخ: تباً للآخرين واستمر بصراخه.. حتى أنهك وهوى على ركبتيه اقتربت منه وهويت على صدره فأفزعني بضرباته المتلاحقة… وضعت كفي عليه فسكن كطفل أرهقه البكاء…
حينها بكيت فجفف إياس دموعي بقبلاته الطويلة الهادئة وضع رأسي على كتفه فأغمضت عيني وفجأة هوت بي كتفه من عل فارتجف جسدي بعنف.. فتحت عيني فإذ بي في غرفتي المظلمة والعرق يتصبب من مسامي وأضلاعي تنتفض بوجيب قلبي الذي يفرّ كطائر مطارد…. وإياس يقف بعيداً في زاوية لا مرئية وعيونه يثقلهما دمع حبيس والثلج يملأ راحة يده اليمنى وفي يده اليسرى يحمل ملاءة نومي ويغيب في تفاصيل ضباب كثيف انسدل على زوايا غرفتي وأثقل جفني بنوبة حمى جديدة..