fbpx

“جواز السفر السوري: وثيقة محرومة من السوريين”

0 55

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تدعو إلى إصلاح عاجل لسياسات إصدار جوازات السفر وتخفيض رسومها الباهظة بما يكفل الحق في حرية التنقل.

بينما يُفترض أن يكون جواز السفر أداة للحرية، تحوّل في سوريا إلى عبء مالي ثقيل وسلعة شبه محتكرة لا يملكها إلا من يستطيع دفع ثمنها الفلكي. وتُعد رسوم جوازات السفر الحالية أحد أبرز مظاهر التمييز الاقتصادي وانتهاك حق التنقل، ما يدفع الشبكة السورية لحقوق الإنسان للمطالبة بإصلاح عاجل وشامل لهذا النظام الجائر، بالتزامن مع انطلاقة الحكومة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد.

واقع مرير: رسوم تعجيزية لعائلات منهكة:

في الداخل السوري، تبلغ تكلفة الجواز الفوري نحو 2.1 مليون ليرة سورية (ما يعادل نحو 200 دولار)، أي ما يعادل راتب موظف حكومي لشهر كامل أو أكثر. أما الجواز “العاجل” فيصل إلى 432,700 ليرة. في بلد تتراوح فيه الرواتب بين 580 ألف و2.16 مليون ليرة شهرياً، فإن مجرد السعي لاستخراج وثيقة سفر يُعد تحدياً وجودياً لعشرات الآلاف من الأسر.

في الخارج، يواجه السوريون تحديات أكثر قسوة. إذ تصل رسوم الجواز العادي إلى 300 دولار، وتصل إلى 800 دولار للمعاملة المستعجلة، ما يجعل جواز السفر السوري ثاني أغلى جواز في العالم، رغم أنه لا يتيح دخول أكثر من 28 دولة فقط دون تأشيرة.

فقر مدقع وحقوق مسلوبة:

مع بلوغ خط الفقر المطلق 2.54 مليون ليرة سورية، وارتفاع الحد الأدنى لكلفة معيشة أسرة من خمسة أفراد إلى 9.1 مليون ليرة شهرياً، تصبح تكاليف الجوازات بمثابة حرمان مؤسسي لشرائح واسعة من السوريين من أبسط حقوقهم، وأهمها:

لمّ الشمل الأسري.

الهجرة من مناطق الخطر.

الوصول إلى التعليم والعمل والطبابة خارج البلاد.

إن استمرار هذا النظام المالي المجحف يُشكل انتهاكاً مباشراً للمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمن حرية التنقل، ويُرسّخ حالة تمييز اجتماعي واقتصادي مؤسسي يجب أن تنتهي.

أين نحن من العالم؟

بحسب المعايير الدولية، لا ينبغي أن تتجاوز رسوم الجوازات الوطنية 20 إلى 50 دولاراً، مع صلاحية لا تقل عن 10 سنوات. لكن ما يحصل في سوريا هو عكس ذلك تماماً، إذ يُجبر المواطن على دفع مئات الدولارات لقاء وثيقة غير فعّالة، غالباً ما يُحرم منها الفئات الأضعف: اللاجئون، الطلاب، النازحون، والعائلات تحت خط الفقر.

مطالب عاجلة للحكومة السورية الجديدة:

تطالب الشبكة السورية لحقوق الإنسان الحكومة السورية الانتقالية باتخاذ الإجراءات التالية دون إبطاء:

1. تخفيض الرسوم: اعتماد رسوم منصفة لا تتجاوز 50 دولاراً للجواز العادي و100 دولار للعاجل، تماشياً مع دخل المواطن السوري والقياسات الدولية.

2. تمديد الصلاحية: رفع مدة صلاحية الجواز إلى 10 سنوات للبالغين و5 سنوات للقاصرين لتقليل أعباء التجديد.

3. مكافحة الفساد: إنشاء منصة إلكترونية شفافة لحجز المواعيد ومتابعة الطلبات، وإنهاء سوق “السماسرة”.

4. إعفاء الفئات الأضعف: توفير جوازات مجانية أو مدعومة للاجئين، الطلاب، والأسر الفقيرة كجزء من واجب الدولة تجاه مواطنيها.

5. تحسين أوقات المعالجة: تحديد مدد واضحة وثابتة لإنجاز المعاملات، ومعاقبة التأخير المتعمّد الذي يُستغل لدفع المواطنين نحو الخيارات الأعلى تكلفة.

وثيقة سفر أم أداة ابتزاز؟

لقد آن الأوان لأن تستعيد وثيقة السفر السورية معناها الحقيقي، كأداة تفتح الآفاق أمام الأفراد لا أن تسجنهم داخل حدود الجغرافيا والفقر.

تخفيض رسوم الجواز، وضمان الوصول العادل إليه، ليس ترفاً إدارياً، بل استحقاق قانوني وإنساني لا يمكن تأجيله.

لا يليق بسوريا الجديدة أن تُقيّد حرية أبنائها بوثيقة يفترض أن تفتح لهم أبواب العالم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني