fbpx

“تنظيم داعش”.. أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سورية

0 163

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الخميس 10 شباط 2022، تقريراً خاصاً عن أبرز انتهاكات “تنظيم داعش” بحق المجتمع السوري، وإسهامه في تشويه الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة.

خلفية موجزة عن جذور تنظيم داعش وتأسيسه في سورية:

لم ينشأ “تنظيم داعش” إلا بعد مرور أكثر من عامين على انطلاق الحراك الشعبي الذي طالب بالحرية والكرامة في سورية في آذار 2011، وقابله النظام السوري بارتكاب انتهاكات بلغ بعضها جرائم ضدَّ الإنسانية.

وقد استفادت جميع التنظيمات المتطرفة من حالة الفوضى واستمرار النزاع في سورية لأكثر من عامين مع إفلات تام من العقاب، وانعدام أفق الحل السياسي، وفقدان الأمل بسبب استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة والتعذيب حتى الموت وغيرها من الممارسات العنيفة.

وعمدت التنظيمات المتطرفة في بناء سردية ترتكز في جزء كبير منها على المظلومية الكبيرة، التي تعرض لها المجتمع، وقدمت نفسها على أنها البديل الذي سوف ينتقم من الظالمين، ويقيم دولة على أسس إسلامية.

منهجية التقرير:

اعتمدَ التقرير بشكل رئيس على تحليل ما يقوم به فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان من عمليات رصد وتوثيق يومية مستمرة لانتهاكات قام بها تنظيم داعش، مشيراً إلى تغير في مناطق السيطرة التي خضعت للتنظيم منذ ظهوره في نيسان 2013.

ونوَّه التقرير إلى أن معظم حوادث الانتهاكات قد تركَّزت في الأجزاء التي خضعت لتنظيم داعش في محافظات الرقة ودير الزور وحلب على اعتبار أنها كانت مناطق سيطرة التنظيم الرئيسة، وقد خضعت لسيطرته مدة أطول مقارنة مع مناطق في محافظات أخرى مثل دمشق أو درعا أو حماة أو حمص.

وتظهر الصورة التالية المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش منذ عام 2014، وتغيرت مع مرور السنوات حتى نهاية كانون الثاني 2022.

حصيلة أبرز انتهاكات “تنظيم داعش” بحق المجتمع السوري:

جاء في التقرير أن “تنظيم داعش” قد قتل 5043 شخصاً، بينهم 32 بسبب التعذيب، وما زال مصير 8684 مختفٍ قسرياً لديه مجهولاً، بالرغم من مضي قرابة عامين على اندحار التنظيم.

واقع القتل خارج نطاق القانون على يد تنظيم داعش:

سجل التقرير منذ نيسان 2013 حتى كانون الثاني 2022 مقتل ما لا يقل عن 5043 شخصاً بينهم 958 طفلاً و587 سيدة (أنثى بالغة) على يد تنظيم داعش أو بسببه.

توزع عمليات القتل بحسب طبيعتها:

عرض التقرير توزع حصيلة القتل بحسب طبيعتها إلى:

4428 شخصاً، بينهم 910 طفلاً و539 سيدة قتلوا عبر الأعمال القتالية غير المشروعة.

فيما قتل 32 شخصاً، بينهم طفلاً واحداً و14 سيدة بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية.

وقتل 536 شخصاً، بينهم 31 طفلاً و24 سيدة عبر الإعدام من خلال إجراءات موجزة وتعسفية.

كما سجل التقرير مقتل 47 شخصا، بينهم 16 طفلاً و10 سيدات، قضوا بسبب نقص الغذاء والدواء نتيجة الحصار الذي فرضه تنظيم داعش على مناطقهم.

توزع عمليات القتل بحسب الأعوام:

بحسب التقرير فقد أظهرَ تحليل البيانات أنَّ عام 2017 كان الأسوأ من حيث حصيلة ضحايا القتل خارج نطاق القانون، يليه عام 2016 ثم 2015، يليه 2018.

توزع عمليات القتل بحسب المحافظات:

أورد التقرير توزع ضحايا القتل خارج نطاق القانون على يد تنظيم داعش تبعاً للمحافظات التي ينتمون إليها:

فقد تصدرت محافظة دير الزور بقية المحافظات بـ 30.43% من حصيلة الضحايا المسجلة، تلتها حلب ثم الرقة ثم حمص.

واقع الاختفاء القسري على يد تنظيم داعش:

ركّز التقرير بشكل أساسي على قضية المختفين قسرياً لدى التنظيم على اعتبار أنها قضية مستمرة حتى الآن، ولم تبذل جهود كافية في معالجتها والتصدي لها.

قال فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان:

“لقد كان هناك بصيص أمل لدى أهالي المختفين قسرياً لدى تنظيم داعش أنه بعد اندحار التنظيم سيُكشَف عن مصير أحبائهم، والآن وبعد مضي أكثر من سنتين على خسارة التنظيم آخر معاقله ولم يُعرَف مصيرهم، تسود بين الأهالي حالة من الإحباط ممزوجة باحتقان شديد، وكلما طال الزمن كلما أصبحت مهمة الكشف عن مصير المختفين أشد تعقيداً وصعوبة”.

وبحسب التقرير فإن ما لا يقل عن 8684 شخصاً بينهم 319 طفلاً و255 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري لدى التنظيم منذ الإعلان عن تأسيسه مطلع نيسان 2013 حتى كانون الثاني 2022.

توزع الاختفاء القسري بحسب الأعوام:

وفقاً للمؤشر التراكمي لهذه الحصيلة فإنَّ عام 2016 كان الأسوأ، يليه عام 2017 ثم 2015 ثم 2018.

توزع الاختفاء القسري بحسب المحافظات التي ينتمون إليها:

أوردَ التقرير رسماً بيانياً لحصيلة المختفين قسرياً لدى تنظيم داعش تبعاً للمحافظات التي ينتمون إليها، أظهر أن محافظة دير الزور تتصدر بقية المحافظات بقرابة 18.63%، تليها حلب ثم الرقة.

توزع الاختفاء القسري بحسب المحافظات التي شهدت حالة الاحتجاز:

أوردَ رسماً بيانياً لحصيلة المختفين قسرياً لدى التنظيم تبعاً للمحافظة التي شهدت حادثة الاحتجاز، وأظهر الأخير تصدُّر محافظة الرقة تلتها دير الزور ثم حلب ثم حمص.

الهجمات بالأسلحة الكيميائية:

طبقاً للتقرير فقد نفَّذ تنظيم داعش ما لا يقل عن 5 هجمات بأسلحة كيميائية، كانت جميعها في محافظة حلب، وتسبَّبت في إصابة 132 شخصاً.

التشريد القسري:

أجبرت هجمات تنظيم داعش على المناطق ذات الكثافة السكانية العالية السكان المدنيين على الفرار والنزوح نحو الحدود أو القرى والمدن المجاورة لها خوفا من أعمال انتقامية يقوم بها التنظيم من قتل واعتقال وتشكيل بالمدنيين.

وأصبحت العديد من المدن والقرى خاوية من سكانها، وتحولت إلى خط اشتباكات دائم بعد سيطرة التنظيم عليها.

أهم حوادث التشريد القسري التي ارتكبها تنظيم داعش:

تشريد ما لا يقل عن 130 ألف شخص من مدينة الشحيل بريف دير الزور الشرقي في شهر تموز 20014.

تشريد ما لا يقل عن 33 ألف شخص من مدينة أبو حمام بريف دير الزور الشرقي في شهر تموز 2014.

تشريد ما لا يقل عن 2100 عائلة في ريف حلب الشرقي في شهر تموز 2014.

المختفون قسرياً لدى “تنظيم داعش” قضية عالقة منذ سنوات:

أوضح التقرير أن ما يميز قضية المختفين قسريا لدى تنظيم داعش أنه لم يتم الكشف عن مصيرهم على الرغم من السيطرة على كل مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة للتنظيم.

ووفقاً للتقرير فقد مارسَ تنظيم داعش عمليات الإخفاء القسري ضدَّ فئات واسعة من المجتمع وفي كل منطقة سيطر عليها أو وجدَ فيها، كسلاح رعب وترهيب للمجتمع وكسياسية لإنهاء وسحق خصومه من النشطاء والوجهاء والفاعلين المؤثرين في المجتمع، وفي أثناء هجماته على المناطق الخارجة عن سيطرته.

كما استهدف تنظيم داعش على نحوٍ خاص الأجانب بهدف الحصول على مبالغ مالية ضخمة، والصحفيين وعمال الإغاثة والنشطاء الإعلاميين والعاملين لدى المنظمات الإنسانية والأقليات العرقية والدينية.

بالإضافة إلى المخالفين للتعاليم والقرارات التي يفرضها سواء كانت دينية أو غيرها.

كما شملت عمليات الإخفاء القسري مقاتلين من خصومه.

وقد فصَّل التقرير في ستة أنماط لاستراتيجية الإخفاء القسري مارسها تنظيم داعش على نحوٍ واسع.

مراكز الاحتجاز التابعة لتنظيم داعش:

وفي سياق متصل عرض التقرير خريطة لأبرز مراكز الاحتجاز التي استخدمها التنظيم، وأكد أنَّ مراكز الاحتجاز هذه كانت خالية عند انسحاب تنظيم داعش من كل منطقة من المناطق، بناء على ذلك شدد التقرير على أهمية التعامل مع ملف المفقودين والمختفين قسرياً لدى تنظيم داعش بشكل جدي.

أساليب التعذيب لدى تنظيم داعش:

طبقاً للتقرير فقد تعرض المختفون قسريا لدى تنظيم داعش لأساليب تعذيب غاية في القسوة؛ وقد اتبع التنظيم أساليب تعذيب مشابهة لما مارسه النظام السوري.

وعرض التقرير 17 من أساليب التعذيب التي تميَّز بها تنظيم داعش بمعنى أنه مارسها بشكل متكرر وكثيف. منها 15 أسلوب جسدي، وهي:

قطع أحد الأعضاء، الجلد، الضرب، العضاضة، الصعق بالكهرباء، الحرق، الخنق بالغازات، الإيهام بالغرق، الحرمان من النوم، التجويع والتعطيش، أعمال السخرة، السحل حتى الموت، الرجم، الإلقاء من شاهق، الرمي.

ومن أساليب التعذيب النفسي، الإيهام بالتعذيب، وإجبار المحتجزين على مشاهدة أشرطة فيديوهات و تسجيلات لعمليات إعدام وقطع رؤوس وحرق لمحتجزين سابقين.

سهولة قتل المحتجزين لدى تنظيم داعش:

وثق التقرير قتلَ تنظيم داعش العشرات من المحتجزين لديه، مما يثير مخاوف من أن يكون المختفون قسريا قد لقوا المصير ذاته.

وصنَّف أبرز الأنماط التي نفَّذ خلالها التنظيم عمليات قتل المحتجزين في خمسة أشكال:

قتل المحتجزين قبل وصولهم إلى مراكز الاحتجاز.

قتل المحتجزين قبل الانسحاب من المنطقة.

تكليف المحتجزين بأعمال خطيرة قد تؤدي إلى مقتلهم.

قتل المحتجزين عبر إجراءات شديدة الإيجاز.

قتل المحتجزين بطرق استعراضية؛ ما يؤكد انعدام اكتراث تنظيم داعش بحياتهم.

تقاعس “قسد” في الكشف عن مصير المختفين قسرياً لدى تنظيم داعش:

قال التقرير إن قوات التحالف الدولي ساهمت بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالدور الجوهري في القضاء على تنظيم داعش، وسيطرت قوات سورية الديمقراطية “قسد” على الأراضي التي كانت خاضعة له، وتتحمل هذه القوة المسيطرة مسؤوليات مدنية وقانونية وحقوقية أمام المجتمع الذي تسيطر عليه.

وأوضح التقرير بأن قضية المختفين قسرياً لدى تنظيم داعش من أبرز وأهم القضايا التي تمسُّ عشرات آلاف الأسر في هذه المناطق، وعلى الرغم من اندحار تنظيم داعش منذ آذار 2019 من معقله الأخير في دير الزور، وقبل ذلك بأشهر طويلة من محافظتي الرقة والحسكة، إلا أنه لم تبذل جهود حقيقية من قبل القوة المسيطرة في سبيل الكشف عن مصير المختفين قسرياً.

الاستنتاجات القانونية:

أكد التقرير أنَّ تنظيم داعش أصبح طرفاً من أطراف النزاع المسلح الداخلي، ويتوجب عليه احترام القانون الدولي الإنساني، كما سيطر على مساحات واسعة من الأراضي، ويتوجب عليه كقوة مسيطرة احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقال التقرير إن تنظيم داعش انتهك في الغالبية العظمى من عمليات القصف مبادئ التمييز والتناسب، وتسببت هجماته في وقوع خسائر مادية وبشرية، وتشكل الهجمات العشوائية على المناطق المأهولة بالسكان انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

كما انتهك تنظيم داعش القانون الدولي الإنساني عبر استخدامه سلاحاً محرماً دولياً، وهو بذلك قد ارتكب جريمة حرب، إضافة إلى انتهاكه قرارات مجلس الأمن الخاصة بهذا الشأن.

وقال التقرير إن تنظيم داعش قد ارتكب انتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرته عبر عمليات الخطف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، كما منع الأهالي من النزوح من المناطق التي يسيطر عليها، وذلك بغرض الاحتماء بهم واستخدامهم دروعاً بشرية.

وأضاف التقرير بأن تنظيم داعش مارس أعمال عنف ضدَّ المحتجزين لديه، تتمثل في عمليات تعذيب، وظروف احتجاز سيئة، وإعدام بإجراءات موجزة بحق مدنيين وأسرى من مقاتلي المعارضة المسلحة، وقوات سورية الديمقراطية، وقوات النظام السوري، وفي هذا انتهاك للمادة 3 مشتركة بين اتفاقيات جنيف، والقانون الدولي العرفي، ويرقى إلى جريمة حرب.

التوصيات:

بحسب التقرير فإن إهمال المجتمع الدولي ومجلس الأمن حل النزاع في سورية ساهم في تعزيز قوة تنظيم داعش ونشر الفكر المتطرف الناتج عن استمرار الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان.

لذلك أوصى التقرير مجلس الأمن والمجتمع الدولي بدعم المجتمعات والمنظمات المحلية التي تساهم في نشر الوعي الديني والسياسي القائم على احترام حقوق الإنسان.

كما أوصى باتخاذ خطوات جدية لإنهاء النزاع في سورية بما في ذلك وضع جدول زمني صارم لعملية الانتقال السياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254، كونها ما زالت تراوح مكانها منذ بيان جنيف واحد حزيران2012 حتى الآن.

وأضاف التقرير بأن التنظيمات المتشددة تشكل خطراً وجودياً كيانياً على جميع أبناء سورية، ولديها موارد مادية تمكنها من دفع رواتب مقاتليها.

وختم التقرير بضرورة دعم الفصائل المجتمعية في حربها ضدَّ التنظيمات المتشددة المعولمة، بمختلف أشكال الدعم المادي والعسكري الممكنة. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني