fbpx

الوسام ذو الرصيعة لربيبة الأسد المريعة

0 304

بعد عزلة استمرت لأعوام، جعلت من رأس النظام السوري رئيساً منبوذاً على المستوى العربي والعالمي، وبعد قطع معظم الدول علاقاتها مع سوريا لتقتصر العلاقات على روسيا وإيران وبعض الدول ذات الاتجاه المشابه، تلك العزلة حددت الوظائف الرئاسية المنوطة بشخص رئيس الدولة الذي يعد واسع الصلاحيات في سوريا، لكن ما إن اقترن ذلك المنصب باسم بشار أسد حتى تقلصت تلك الصلاحيات كما تقلصت سوريا.

بالنسبة للشؤون الخارجية وعقد الاتفاقيات وإبرام الصفقات أعفت روسيا بشار أسد من هذا الدور بعد سيطرتها على مفاصل صنع القرار واستيلائها على الموارد الطبيعية والجغرافية لتكون صاحبة كلمة الفصل، والدليل الحي على ذلك تداول اسم روسيا حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين سوريا ولبنان كونها صاحبة المصلحة.

وهكذا تقتصر وظائف رأس النظام على إصدار بعض المراسيم المتعلقة بالشؤون الداخلية وزيارة جرحى ومعاقي الحرب وجولات تفقدية في بعض الأحياء والشوارع والمشاركة بصلاة العيد وتناول الشاورما مع أسرته بحي الميدان الدمشقي.

لكنه رغم ذلك احتفظ بوظيفة حساسة ومهمة بالنسبة له على الأقل وهي تقليد الأوسمة وتوزيع صكوك الوطنية.

بعد الدمار الذي ألحقه النظام بسوريا أرضاً وشعباً انحسرت الحركة الثقافية والفنية في سوريا وبالتالي توقفت مهرجانات التكريم التي كان يرعاها النظام السوري ليجد ضرورة إعادة إحيائها لتعيده بدورها إلى الضوء كنظام منفتح داعم للحركات الثقافية والفنية وتعود تلك التكريمات وتقتحم الساحة السورية المظلمة المغطاة بغبار حرب همجية قادها نظام على شعبه، وتبدأ سلسلة تكريمات تقتصر على الفنانين الموالين الداعمين للنظام إضافة للتكريم فنانين لم يغادروا في سنواتها العجاف مع بعض الفنانين الصامتين الذين لم يتخذوا موقفاً ليبقوا خارج التصنيف، معلوم أن التكريم يقوم به كبار الفنانين ممن حظوا بتاريخ فني عريق يؤهله ليكرم غيره إلا في سوريا من يقوم بالتكريم شخصيات سياسية في مسعى من النظام إلى تسييس الفن كما سبق وتم تسييس باقي جوانب الحياة العامة وبالتالي فإن معيار نجاح أي عمل هو مقدار انحياز هذا العمل وسعيه لإظهار النظام بالصورة المرضي عنها أمنياً.

وبذلك يصبح التكريم حكراً على من ارتدى اللباس العسكري وزار الجبهات وركع أمام الحذاء العسكري وقبّله، ليطول التكريم فنانين من خارج الحدود فقط لمساندتهم النظام، لا لقيمة فنية قدموها ولا لعمل فني نجحوا من خلاله ولا الرسالة أدت وظيفتها، فيُكرّم ملحم بركات الداعم لنظام بشار أسد وبذات الوقت يُغيب زكي كورديللو وابنه مهيار بأقبية الأفرع الأمنية، تُستدعى إلهام شاهين للتكريم وتُدفن مي سكاف بتراب المنفى.

في سوريا الأسد تفتح أبواب القصر لسلاف فواخرجي التي زارت الجيش الأسدي على الجبهات ووصفت الثوار بالبلطجية وتغلق حدود سوريا بوجه مكسيم خليل الذي كُرّم في محافل دولية مقدماً تكريمه هدية لثوار سوريا.

اليوم يكرم رأس النظام نائبته نجاح العطار ربيبة آل الأسد وخادمة القصر الوفية التي استخدمها حافظ أسد لما يقارب ربع قرن كحاملة لحقيبة الثقافة السورية وتكون بذلك صلة وصل بين السلطة الديكتاتورية والميادين الثقافية التي افتقدت أعلامها خلف قضبان سجون حافظ أسد.

لم يتم اختيار نجاح العطار لقيمتها العلمية وإمكانياتها المعرفية ولا لمقالاتها التي نشرت في جريدة البعث مطلع السبعينيات، والتي استرعت اهتمام حافظ أسد حتى أنه كان يتوقف عندها ويستشهد بها مع محدثيه وليس لمقالها المعنون “إلى سيد يضيق بالسياسة ” الذي نُشر إبان حرب تشرين وقابلها حافظ أسد على إثره وإنما لخلفيتها الاجتماعية كابنة لأسرة دينية دمشقية ويكفي نصراً لحافظ أسد أنها شقيقة عصام العطار أهم رموز حركة الإخوان المسلمين وبذلك تكون وسيلة حافظ أسد لاختراق تلك البيئة وتصدير الوجه الكاذب للنظام القمعي.

استمرت نجاح العطار بمنصب وزيرة الثقافة السورية التي لم تصدر إلا النتاج الثقافي الممنهج والمضبوط على مقاس النظام السوري.

وبمقارنة بسيطة وواضحة للعيان نلاحظ غزارة الإنتاج الأدبي والفكري للهاربين من المحرقة الأسدية والذي قارب الـ 400 رواية لناجين احتضنتهم دول اللجوء ووفرت لهم البيئة الآمنة لإنتاج فكري إنساني.

تكريم العطار ليس فقط لإعادتها للواجهة علّها تصلح ما أفسده الجزار وإنما أيضاً جاء كرد لهديتها التي قدمتها لبشار بكتاب أصدرته وأهدته لبشار يوم تكريمها حمل عنوان “مسيرة من البطولات والتضحيات” واستهلته بوصفه بـ صاحب المكرمات والبطولات في المواقف والتضحيات ليبادلها بشار الإطراء بقوله الوسام لا يحمل وسام وغيرها من عبارات التلميع والبهرجة المفتعلة.

وبمفارقة لا تحدث إلا في سوريا تُكرّم نجاح العطار بوسام “أمية” في دمشق التي تحولت إلى مدينة الخامنئي المتشحة بالزي الإيراني والتي غُيّب عنها أعلامها ومفكريها إما بأقبية السجون أو ما وراء الحدود.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني