fbpx

“المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية” تصدر مذكرة توقيف دولية ضد “رفعت الأسد” لجرائم حرب في حماة 1982

0 220

أصدرت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية (FCC) ومكتب العدل الفيدرالي (FOJ) يوم الأربعاء 16 أغسطس 2023، مذكرة توقيف دولية بحق رفعت الأسد، نائب رئيس النظام السوري وقائد سرايا الدفاع في فبراير 1982، على خلفية دوره في جرائم حرب وانتهاكات جسيمة ارتكبت في مدينة حماة.

وتمتلك هذه المذكرة أهمية كبيرة في مكافحة الإفلات من العقاب لأولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب، وتؤكد التزام الجهات الدولية بتحقيق العدالة، كما تفضح جرائم رموز النظام السوري، ودورهم في انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري، ودورهم في عدم الكشف عن مصير المختفين، إلى جانب النهب والتدمير، وتسلط الضوء على الوضع الحالي والتحديات التي تواجه جهود تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سوريا.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تلعب دوراً حيوياً في بناء القضية:

بدورها أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” يوم الخميس 17 أغسطس 2023، بياناً خاصاً تحدثت عن تلك المذكرة، وعن دورها الحيوي في بناء وتقديم القضية، حيث ساهمت بتقديم بيانات وتفاصيل دقيقة حول مجزرة حماة في فبراير 1982، بالإضافة إلى توفير معلومات الاتصال مع الشهود الرئيسيين، كما عقد مديرها التنفيذي – الأستاذ فضل عبد الغني – عدة اجتماعات مع المحققين المشرفين على القضية.

وأوضح البيان، أنه من خلال التعاون الموسع مع منظمات حقوق الإنسان، تقدمت منظمة ترايل انترناشونال بدعوى جنائية ضد رفعت الأسد في ديسمبر 2013. وقادت هذه المنظمة تحقيقاً جنائياً متعمقاً، وساهمت بشكل أساسي في تجميع الأدلة وتوجيه الاتهامات.

رفعت الأسد: مسار مثير للجدل في تاريخ سوريا وانتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة به:

جاء في البيان أن رفعت علي سليمان الأسد، من أبناء القرداحة بريف محافظة اللاذقية من مواليد عام 1937، أحد أبرز المتورطين في أحداث شباط وآذار/1982 في حماة، تولى منصب نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي وعضوية القيادة القطرية لحزب البعث، بالإضافة إلى قيادته سرايا الدفاع حتى عام 1984، والتي تعتبر القوة الرئيسة التي شاركت في مجزرة حماة.

وذكر البيان أن رفعت الأسد المعروف ب “جزار حماة”، والذي تم إبعاده عن سوريا في 1984 مع توفير ملايين الدولارات بموجب اتفاق مع شقيقه حافظ الأسد، عاد إلى سوريا من فرنسا، في تشرين الأول 2021، بعد حوالي 40 عاماً أمضاها في المنفى.

وأكد البيان أن عودة رفعت الأسد إلى سوريا كانت بحماية بشار الأسد، وذلك تجنباً للسجن، بعد إصدار الحكم بسجنه أربع، موضحاً بأن بشار الأسد لن يقوم بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية، لأنه متورط مثله أيضاً في مجزرة حماة 1982، ما دام أنه لم يقم بأي تحقيق عما حصل في حماة 1982، ولأنه لم يقم بكشف مصير آلاف المختفين قسرياً أو تعويض ذويهم، بل كرس ما قام به والده من إخفائهم قسرياً، ونهب ممتلكاتهم.

تداعيات هجوم قوات النظام السوري على المدينة في مجزرة حماة 1982:

في فبراير 1982، استمر هجوم قوات النظام السوري على مدينة حماة لمدة شهر، حيث بدأ الهجوم بحصار وقصف تمهيدي من قبل قوات النظام بقيادة رفعت الأسد، قامت هذه القوات بعمليات اقتحام وإعدامات ميدانية وعمليات نهب وعنف جنسي ضد المدنيين والمسلحين على حد سواء، وتصاعدت الاشتباكات بين النظام وعناصر الإخوان المسلمين، وشمل الهجوم استخدام الطيران والدبابات لقصف المنازل بدون تمييز، تم اعتقال مئات الأشخاص وتنفيذ إعدامات في الشوارع.

الحملة العسكرية على حماة 1982 وآثارها على السكان والتراث الثقافي:

 بحسب البيان فإن الحملة العسكرية التي قادها النظام السوري بقيادة رفعت الأسد في مدينة حماة أسفرت عن وفاة حوالي 40 ألف مدني، إلى جانب اختفاء نحو 17 ألف شخص حتى الآن، ولم يتم تحديد عدد القتلى من المسلحين في صفوف الإخوان المسلمين والقوات النظامية بدقة.

وأضاف البيان بأن هذه الحملة أدت إلى تدمير مناطق عديدة في المدينة، بما في ذلك الأحياء الأثرية ومنها الكيلانية والعصيدة والشمالية والزنبقي وبين الحيرين بشكل كبير، كما تضمنت الأحياء البارودية والباشورية والحميدية والأميرية والمناخ تدمير نحو 80 % من بنيتها، في حين تأثرت بقية الأحياء بنسب دمار تراوحت بين 25 إلى 50 %.

الإخفاء القسري والجرائم البشعة ضد الإنسانية في مأساة حماة المنسية:

تُظهر بيانات “الشبكة السورية” أن هناك نحو 3762 شخصاً مفقوداً قسرياً من سكان مدينة حماة، ولكن هذا العدد يُعتبر جزءاً صغيراً فقط من الإجمالي المتوقع للمفقودين قسرياً، الذي يُقدَّر بحوالي 17 ألف شخص، وتُطبِّق الصورة نفسها على ضحايا النزاع، حيث يوجد توثيق لحوالي 7984 مدنياً قتلوا في مأساة حماة المنسية.

ووفق البيان فإنها مؤشرات قوية تشير إلى أن الأغلبية الكبيرة من المفقودين قسرياً تم قتلهم على يد قوات النظام السوري، ورغم ذلك لم تُكشَف تلك المعلومات حتى الآن، حيث لم يجرِ النظام أي تحقيقات في هذا الشأن.

 كما أكد البيان بأن استمرار قوات النظام السوري في إخفاء مصير المواطنين السوريين بشكل قسري يزيد من معاناتهم ويخلق رعباً مستمراً على مر العقود، وهذا يُظهِر بوضوح مسؤولية بشار الأسد، حيث يُعَتَبَر حكمه امتداداً لحكم والده واعتمد على نفس الشخصيات القيادية التي كانت حاضرة خلال فترة حكم والده.

المذكرة الدولية كخطوة لتعزيز الضغط الدولي:

رحب بيان “الشبكة السورية” بإصدار المذكرة واعتبرها خطوة جديدة وهامة في مسار المحاسبة وتحقيق العدالة، وذلك بعد مرور أكثر من 42 عاماً على مجزرة حماة، لموضحةً بأن سوريا لا تزال تحكم من قبل العائلة ذاتها التي ارتكبت تلك المجزرة المروعة، وهذا يجسد أهمية استمرار النضال من أجل تحقيق العدالة وعدم السماح بالإفلات من العقاب.

كما أكد البيان على أهمية محاسبة النظام السوري على مجزرة حماة 1982، حيث أن عدم معاقبته مكَّنه من نشر الإرهاب والقمع في جميع المحافظات السورية على مدى عقود، وهذا يشجع على ضرورة تحقيق العدالة لمنع تكرار الجرائم.

أوضح البيان على أهمية المذكرة الدولية ضد رفعت الأسد، واعتبرها وصمة عار تزيد من التعرية له وتعزز من فرص تحقيق العدالة، وهي خطوة تسهم في زيادة الضغط الدولي على النظام السوري للمساءلة عن جرائمه.

وختم البيان بالتأكيد أنه على الرغم من مرور عقود على جرائم رفعت الأسد، يبقى هناك أمل في تحقيق العدالة والمساءلة، مشيراً بأن المذكرة الدولية تمثل خطوة مهمة نحو ذلك، وعلى المجتمع الدولي دعم هذه الجهود من أجل تحقيق العدالة لضحايا الجرائم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني