
العقوبات الأمريكية لازالت جاثمة ومتصيِّدة
إن جميع ما نعرفه عن السياسة الأمريكية وعن مؤسسات ومراكز ودوائر صنع القرار والتي تتداخل وتتعقّد حتى نضطر للاعتقاد بوجود دولة عميقة ترسم الخطوط العريضة وتشير إلى الآفاق البعيدة.
وإن ما رأيناه وعايشناه وما بدر من تصرفات أمريكية وما رشح حول احتمال تصرفاتهم.
وإن جميع التصريحات والمدوّٓنات والتسريبات والتوصيات الأمريكية الصادرة عن كافة المسؤولين والمعنيين الأمريكان وعن الناطقين والمتحدثين باسمهم إن كل هذه المؤشرات التي أعقبت تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول رفع العقوبات الأمريكية عن سورية بتاريخ 13/5.
إن كل ما سبق ذكره والإشارة إليه يدل على أن العقوبات الأمريكية ضد سورية لم يتم رفعها وإلغاؤها!
نعم لم يتم إلغاء العقوبات لأن إلغاء الشيء وعدم اعتباره موجودا يلغي كل ما يتعلق به نهائيا ويتوقف البناء عليها والاقتران به بشكل بات وقطعي، أما ما نراه ونسمعه فهو تسويف وارجاء ووعود بالنظر بالموضوع مما يعني بقاء نصوص القوانين.
وعود بالتخفيف، ما يعني النية بإبقاء القوانين وقابلية الرجوع إليها واعتمادها حين الطلب، ولكن يمكن التخفيف بشكل يساير ويلمّع التصريحات ويلبي ضروريات السياسة الامريكية عملياتياً وتكتيكياً،
وكذلك نلاحظ الاستثناء وهذا نوع من التعاطي مع القانون القائم وإدارته لأن الاستثناء هو رفع في موضع والإبقاء في مواضع أخرى بشكل يخدم المصالح والخطط الأمريكية.
الحديث الرسمي والقانوني والتشريعي عن مدة محددة مثل تصريح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأنه تم رفع التفعيل مدة ستة أشهر ولا يخفى على أحد أن هذا الرفع المؤقت لا يعتبر إلغاء لقوانين العقوبات وهو لا يبنى عليه فلا يمنح مجالاً للاستثمارات ولا للاتفاقيات ولا لعقود استيراد وتصدير ثابتة، إنه يعني مدة سريعة لاقتناص أعمال وصفقات ربح سريع.
وإن أوضح ما هنالك من إشارات تثبت بقاء العقوبات هو استبعاد وإقصاء بعض الدول من رفع العقوبات أثناء أي تعامل معها مثل روسيا وكويا وإيران، وبغض النظر عن هذه الدول والرغبة بالتعامل معها او عدم الرغبة، ولكن إن استبعاد وحرمان دول وجهات وأشخاص من رفع العقوبات يعني سلب الخيارات من السوريين وحصرها بهدف التحكم بالتوجه السوري وابتزاز السوريين واستغلال انحسار خياراتهم لما يخدم سياسات أمريكية بعيدة المدى ومتعددة الأذرع وواسعة المجال.