الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تدين تعذيب ثلاثة محتجزين حتى الموت على يد إدارة الأمن العام في الحكومة الانتقالية
أصدرت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بياناً قوياً يدين التعذيب الوحشي الذي تعرض له ثلاثة محتجزين حتى الموت على يد عناصر من إدارة الأمن العام التابعة للحكومة الانتقالية في سوريا. وأكدت الشبكة على ضرورة فتح تحقيق مستقل وشفاف، محاسبة المتورطين في هذه الجرائم، وتعويض عوائل الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم.
محمد لؤي طيارة: الضحية الأولى للتعذيب في حمص:
في 29 كانون الثاني/يناير 2025، أقدمت عناصر من إدارة الأمن العام في الحكومة الانتقالية على احتجاز المواطن محمد لؤي طيارة من حي الإنشاءات في حمص، بناءً على اتهامات بانتمائه سابقاً إلى قوات الدفاع الوطني التابعة لنظام بشار الأسد. بعد يوم واحد من احتجازه، تلقت عائلته بلاغاً يفيد بوفاته داخل مركز الاحتجاز. وعند استلام جثمانه من مشفى الوليد في حمص، لاحظت والدته آثار تعذيب شديدة على جسده، مما يشير بوضوح إلى أن وفاته كانت نتيجة التعذيب والإهمال الطبي أثناء احتجازه. الشهادات التي جمعتها الشبكة تشير إلى أن محمد كان في صحة جيدة وقت احتجازه، مما يعزز فرضية أن وفاته كانت نتيجة التعذيب.
رضوان حسين محمد: ملاحقة في ريف حمص الغربي:
في حادثة منفصلة، تسلمت عائلة رضوان حسين محمد (مواليد 1999) جثمانه يوم 30 كانون الثاني/يناير 2025، وذلك بعد احتجازه في 25 كانون الثاني/يناير 2025 من قبل عناصر من إدارة الأمن العام في ريف حمص الغربي. كان رضوان قد تطوع سابقاً في فرع الأمن العسكري في مدينة حمص، ومع تسلّم جثمانه ظهرت عليه آثار طلق ناري في الرأس، وعلامات تعذيب على جسده، ما يعكس ممارسات تعذيب وحشية تمّت أثناء احتجازه.
بدر محيي صقور: الضحية الثالثة في مسلسل الانتهاكات:
في 1 شباط/فبراير 2025، تسلمت عائلة بدر محيي صقور، المنحدر من قرية الكنيسة في ريف حمص، جثمانه من أحد المشافي في حمص بعد أن تم احتجازه في 22 كانون الثاني/يناير 2025. عند تسلّم الجثمان، تبين أن جسده كان يحمل آثار تعذيب واضحة، بالإضافة إلى آثار طلق ناري في جسده، ما يعكس الاستمرار في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المحتجزين.
التعذيب جريمة محظورة دولياً:
أكدت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان في بيانها أن التعذيب جريمة محظورة بموجب القانون الدولي، حيث يُحظر جميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. هذه القوانين تعتبر جزءاً من القواعد العرفية التي لا يجوز انتهاكها في أي ظرف كان، حتى في حالات الطوارئ. كما شددت على أن المسؤولية الجنائية عن جريمة التعذيب لا تقتصر على منفذي الجرائم فقط، بل تمتد إلى كل من أصدر الأوامر أو تواطأ أو تغاضى عن ارتكابها.
المطالبة بالتحقيق والمحاسبة:
دعت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان إلى اتخاذ عدة خطوات عملية لضمان محاسبة المتورطين، وهي:
1. فتح تحقيق مستقل وشفاف في ملابسات الجرائم، ومحاسبة جميع المتورطين من مصدري الأوامر إلى المنفذين المباشرين.
2. إطلاع المجتمع السوري على نتائج التحقيقات وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
3. اتخاذ تدابير صارمة لمنع تكرار هذه الجرائم، والتأكيد على التزام الحكومة الانتقالية بالمعايير القانونية الدولية في جميع عملياتها الأمنية.
4. تعويض عوائل الضحايا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء هذه الجريمة.
5. إصلاح النظام القضائي والأمني لمنع الانتهاكات المستقبلية، وضرورة سن تشريعات جديدة تضمن استقلالية القضاء وتحظر جميع أشكال الاعتقال التعسفي.
6. تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من خلال برامج متخصصة لإعادة تأهيل الناجين من الاعتقال والتعذيب.
7. تعزيز الرقابة والمساءلة داخل الأجهزة الأمنية، وإنشاء لجان رقابية مستقلة لضمان عدم وقوع انتهاكات أثناء الحملات الأمنية.
8. تحسين التواصل مع الأهالي وتعزيز الشفافية في السياسات الأمنية، وتوفير تقارير دورية حول الاعتقالات والإفراجات.
9. تسريع إجراءات تسوية أوضاع المطلوبين، ووضع آلية عادلة لتسوية أوضاع المطلوبين وتشجيعهم على الاندماج في المجتمع.
10. إشراك المجتمع المدني في صنع القرار لضمان تمثيل عادل لجميع الفئات في المجتمع السوري.
في الختام، شددت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان على أن استمرار ممارسات التعذيب والاحتجاز غير القانوني يقوض أسس العدالة وحقوق الإنسان في سوريا، ويجدد الجراح التي عانى منها السوريون على مدار سنوات تحت حكم نظام الأسد. وأكدت أن الحكومة الانتقالية تتحمل مسؤولية تاريخية لإثبات التزامها بحقوق الإنسان من خلال إجراءات عملية تحمي كرامة السوريين وتساهم في إرساء مرحلة جديدة قائمة على سيادة القانون والمحاسبة.