fbpx

السوريون في تركيا.. بين ضرورة التعليم وتحصيل لقمة العيش

0 633

الحديث عن أهمية التعليم وضرورته لطلابنا في تركيا، في مراحل التعليم كافة، لا يكتمل دون التطرّق إلى رحلة اللجوء، فقد بدأت المعاناة منذ أحد عشر عاماً، تزامناً مع بدء الأزمة في سورية

ما أجبر كثيراً من العائلات السورية إلى اللجوء إلى دول الجوار ومنها تركيا.

ومع ازدياد عدد السوريين في تركيا، الذي وصل مؤخرا حسب إحصائيات المديرية العامة للهجرة إلى ثلاثة ملايين و684 ألفاً و828 سوري مسجلين تحت الحماية المؤقتة، ومتابعة الدراسة بالنسبة لأبناء اللاجئين أمر ضروري وملح، ما يعني زيادة في المصاعب، نظراً لما يواجهون في سبيل تأمين أسباب العيش.

نتيجة هذه الصعوبات اضطرت بعض العائلات السورية للزج بأولادها في سوق العمل ليكونوا معيناً لهم على ظروف الحياة المعيشية الصعبة. فوضع الأطفال السوريون محفوف بالمخاطر حيث 90٪ من الأطفال يحتاجون المساعدات الإنسانية حسب ما صرحت به المديرة التنفيذية هنرييتافور “لا يمكن للاحتياجات الإنسانية أن تنتظر، وواجب على المجتمع الدولي أن يبذل قصارى جهده لإحلال السلام في سوريا وحشد الدعم للأطفال”.

منى إحدى الطالبات المتميزات دراسياً وفكرياً، كانت مضطرة لتحمل مسؤولية توفير لقمة العيش لعائلتها، فقد أخذت على عاتقها مسؤولية تحقيق أمرين في آن معاً، إتمام دراستها الثانوية، ومتابعة تحصيلها الجامعي، ومواجهة الوضع المعيشي الصعب، فأسرتها من الأسر الفقيرة، التي فقدت معيلها شهيداً في سورية.

تقول منى: فقدت والدي، واضطررت وأسرتي المؤلفة من خمسة أفراد إلى الهروب من ظروف الحرب إلى تركيا، بمساعدة أحد أقربائنا.

لم نتوقع أن تكون الحياة في تركيا صعبة بهذا الشكل، فقد أنفقنا كل ما نملك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من وجودنا على الأراضي التركية.

التحقت والدتي بسوق العمل، لكنَّ الأجرَ الذي كانت تحصل عليه، لم يكن يكفي متطلبات العائلة حتى بالحدود الدنيا، ما دعاني أيضاً للعمل، فعملت مؤخراً في خدمات التنظيف في المنازل وغسل أدراج الأبنية، حيث قامت صديقاتي بمساعدتي لتأمين هذا العمل.

كنت أمارس هذا العمل بعد انتهاء دوامي المدرسي، واستمر عملي هذا لمدة سنتين، لكنني كنت اضطر أحياناً إلى التأخر في العمل حسب الظروف، ولا أستطيع تأدية فروضي المدرسية المنزلية، نتيجة التعب والإرهاق، فكنت أعمد إلى الاستيقاظ باكراً لإتمامها.

كما كنت أغفو أحياناً أثناء الحصص الدراسية، وأتعرض للتوبيخ واللوم من المدرسين الذين اتهم بعضهم أسرتي بالإهمال، ما سبب لي ألماً كبيراً، فهم لا يدركون حجم المعاناة التي نعيشها.

تقول منى أنا على أبواب امتحانات المرحلة الثانوية، وأعاني من الضغط كثيراً، فليس لدي وقت كاف للدراسة، ومازلت مضطرة لمتابعة العمل، وأطمح لنيل درجات عالية تخولني دخول الجامعة.

هل هناك حل؟ ماذا أفعل كي أتجنب ما حصل لإحدى صديقاتي، التي تعيش ظروفاً مشابهة، وتعاني الآن حالة من المرض والاكتئاب.

هل تستطيع رولا؟

رولا طالبة أخرى في المرحلة الثانوية، تم توجيه سؤال لها عن وضع دراستها، فتروي لنا احتياجاتها المتعددة في المرحلة الأخيرة من التعليم الثانوي، فهي تذهب إلى المدرسة منذ السابعة والنصف صباحاً، وتحتاج إلى استخدام وسيلتي مواصلات نظراً لبعد المسافة، ما يشكل مصروفاً إضافياً، ناهيك بـوجبة خفيفة في المدرسة.

تقول رولا:

لدي أخوان في المرحلة الإعدادية، والدي الوحيد الذي يعمل في المنزل، وهو يعمل بدوام كامل في عملين مختلفين كي يستطيع توفير ما نحتاجه لمتابعة تعليمنا، والمشكلة الأكبر، عندما نصل إلى مرحلة التعليم الجامعي، فأقساط الجامعات مرتفعة، وأنا قلقة منذ الآن حول كيفية تأمينها، أنا أخطط لتأمين عمل لي بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية، كي يكون عوناً لي في المرحلة الجامعية.

لقاء مع متخصص في الدعم النفسي

أجرت نينار برس اتصال هاتفي مع السيد عمر الذي عمل في مجال الدعم النفسي لعدة سنوات، فقد عمل مع فريق بناء التطوعي، ومنظمة نساء الغد، وهو يتابع أوضاع منى وأسباب قلقها، فيخبرنا عن أهمية الدعم النفسي، وأهمية متابعة مثل هذه الحالات بشكل دقيق.

تحدث لنا السيد عمر:

منذ بداية الأزمة السورية، واجهنا حالات كثيرة ومختلفة، تحتاج للدعم النفسي، وتمّت متابعة أكثر من خمسمئة حالة، وتقديم المساعدة لأصحابها، فقد تواصلنا مع الأهل، وقاموا بتنفيذ التعليمات الضرورية حسب توصياتنا علمياً وعلاجياً، ووصلنا إلى أفضل النتائج.

من المهم جداً الانتباه لمثل هذه الحالات باكراً، والتواصل مع مراكز الدعم النفسي، للوصول للعلاج الكامل، سواء للشخص المنزعج نفسياً والمضطرب نفسياً، فنحن بدورنا، وضمن استطاعتنا، لا نستطيع أن نغيّر واقع الشخص، وإنما نغيّر ردود أفعال هذا الشخص تجاه واقعه، عن طريق تحديد الاحتياجات، وبالتالي تحديد المشكلة لديه، وتوجيهه بشكل صحيح لما يحتاجه تماماً.

وأكد، أنه من المهم جداً عند وجود حالات تحتاج دعماً نفسياً، التواصل مع المتخصصين، وإحضار هذه الحالة باكراً إلى مراكز الدعم النفسي، وتنفيذ التعليمات بشكل جيد، لأنها ترفع نسبة المتعافين.

تسجيل صوتي للداعم النفسي

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة تعتبر من الوثائق المتفق عليها لدى هيئة الأمم المتحدة، وتعتبر معياراً لقياس حقوق الأفراد في مجتمعاتهم لدى الدول والشعوب كافة من أجل توفير الحماية لهم.

نصّت المادة الخامسة والعشرون على: أنه لكل شخصٍ حقّ أن يعيش بمستوى يكفيه لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن وصعيد الخدمات الاجتماعية، ونصّ الإعلان على حفظ الأمومة والطفولة وحق الرعاية والمساعدة الخاصة، ولجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية، كما نصّت المادة السادسة والعشرون “أنه لكل شخص حق التعليم وتوفره مجاناً”.

من المسؤول الأول عن آلام وضياع هؤلاء الأشخاص.. وماهي الآليات؟

من خلال لقاء مع عدد من السيدات المعيلات لأسرهم مع سيدات يعملن في القطاع الإنساني وإعلاميات والحديث عما يستطعن تقديمه ضمن إمكانياتهم، كان خلاصة الحديث بالاتفاق إن هذا الإخفاق لضمان وصول الأطفال السوريون إلى التعليم بالشكل المقبول نوعا ما سيكون له أثر مخرب على جيل كامل، لذلك ما نحتاجه هو العمل بشكل متكامل ومترابط ومنهجي لكي نستطيع الوصول لجميع من يحتاج المساعدة والأخذ بيدهم لتجاوز الظروف الصعبة التي يمرون بها، وذلك يكون بالتنسيق بين المنظمات الإنسانية الموجودة على الأرض، بالاستهداف المنظم للأسر السورية للقدرة على للوصول للجميع، والتنسيق مع مراكز التعليم التي يتابع الأطفال السوريون تعليمهم فيها كما للتواصل مع المسؤولين وصناع القرار في تركيا للوصول إلى أفضل نتائج وحلول لهم وبذلك نكون قد حافظنا على أكبر نسبة لهؤلاء الأطفال من الضياع لأنها مسؤولية جميع من يعمل في هذه الدائرة الإنسانية والتعليمية عليهم جميعاً.

تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”، “صحفيون من أجل حقوق الإنسان” https://linktr.ee/jhrsyr

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني