لعلّ من الصعب على الشخص العادي أن يتخيّل ما يعانيه نظيره من ذوي الإعاقة، أيًّا كانت تلك الإعاقة، من مشاّق وصعوبات من في ممارسة حياته اليومية، لا سيما في بيئة غير مؤهلة لاحتياجاته في التنقل والحركة والتواصل والنشاطات الحيوية الأخرى.
محمد وأشقاؤه من ذوي الإعاقة
صالح أبو محمد أب لثلاثة أطفال من ذوي الإعاقة ولدوا يحملون إعاقة نتيجة تطابق زمرة الدم بينه وبين زوجته فابنه محمد الذي يبلغ السادسة عشر من عمره غير قادر على القيام بأي عمل حتى تناول الطعام ويحتاج إلى حافظات صحية وكرسي كهربائي للتنقل.
تقول أم محمد: لقد بات علي من الصعب أن أعتني بمحمد وإخوته لوحدي فقد أصبح في سن الشباب وهو أمر محرج بالإضافة إلى أن وزن محمد يزداد بشكل كبير كونه لا يمارس أي نشاط حركي ونتيجة لذلك تعرضت للإصابة بالديسك ما دفع زوجي لترك العمل والبقاء في المنزل لمساعدتي بالعناية بهم جميعاً وخاصة محمد.
مُعاناة أحد أفراد العائلة من إعاقة مُعيّنة قد يُؤدّي إلى إرباك العائلة بأكملها ووضعها تحت ضغطٍ نفسيّ وعصبيّ وأحياناً ماديّ كبير، لذلك يُنصَح بتلقّي الإرشادات من المُختصّين ومن مراكز متخصصة بمثل هذه الحالات
من هم (ذوو الإعاقة) أو ذوو الاحتياجات الخاصة؟
يشمل مصطلح ”الأشخاص ذوو الإعاقة“ كل من يعاني من عاهات طويلة الأجل بدنية أو عقلية أو ذهنية أو حسّيَة، قد تمنعه أن يكون على قدم المساواة مع الآخرين، وقد اعتمدت الأمم المتحدة تعريف للمعاقين أو لذوي الاحتياجات الخاصة معتمدة على تعريف الحكومة الأمريكية، إن أي فرد يعاني من إعاقة جسدية أو عقلية تقيد بشكل كبير واحدة أو أكثر من أنشطته الحياتية أو يعتبر الفرد مصاباً بمثل هذا الإعاقة.
أسباب الإعاقة
أهم مسببات الإعاقة، الإصابات والأمراض والحالات الطبية والعوامل العصبية والكيميائية والتنموية، التي تؤثر على وصول الشخص للخدمات العامة أو اندماجه بالمجتمع أو تقيد ممارسة حياته الطبيعية.
وقد خصصت الأمم المتحدة عام 1992م يوم 3 ديسمبر اليوم العالمي لذوي الإعاقة، فقد تم تخصيص هذا اليوم لدعم ذوي الاحتياجـات الخاصة.
يضيف صالح يحتاج أولادي الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و7 و5 سنوات إلى حافظات صحية بشكل دائم وهو أمر مرهق مادية كوني تركت العمل وحافظات العجزة ذات سعر مرتفع.
سألناه عن دور المنظمات وهل قدمت لأطفاله أي دعم؟
يقول صالح إن التقرير لا يذكر حاجتهم للحافظات الصحية لذلك لم تقدم له المنظمات أي مساعدة بهذا المجال ولكون المنظمات غير مرخصة لهذه الأمور.
وحاول صالح الحصول على كرسي كهربائي لابنه محمد ليسهل عليه إخراجه من البيت والتنقل به فرفض الطلب بحجة أن وضعه العقلي غير مؤهل لخروجه من البيت وهذا الأمر أحزن محمد وزاد معاناة صالح، فالكرسي العادي ينوء بثقل محمد وأصبح يشكل عائقاً كبيراً للعائلة.
المنظمات غير مرخصة للاحتياجات الصحية
تضيف أم محمد: توجهنا إلى عدة منظمات من أجل تأمين احتياجات أطفالي، ودائماً كان طلبنا مرفوضاً، حيث أن المنظمة تقول هي غير مرخصة إلا للأدوات الطبية، وكذلك بما يخص المعالجة الفيزيائية، فقد تلقى محمد برنامج علاج لعدة أشهر من إحدى المنظمات ولكنه توقف فجأة بسبب كورونا وهذا الأمر أدى إلى تراجع حالة ابني الصحية وبات غير قادر على الجلوس بعد أن كان وضعه قبل المعالجة أفضل.
الصيدلي محمد عيسى بدوره أجابنا عن تساؤلنا حول عدم صرف الحافظات الصحية وغيرها من المستلزمات عن طريق التقرير الطبي، فقال موضحاً: إن التقرير الطبي يذكر وضع المريض الصحي فقط بعد أن يكون قد عرض على لجنة مكونة من عدة أطباء اختصاصيين وهي في النهاية من يقرر حاجة المريض والتقرير عادة لا يذكر إلا الأدوية التي يصفها الطبيب المختص.
مراكز خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة
يطلب صالح من الحكومة المضيفة والمنظمات الإنسانية تخصيص مدارس ومراكز مختصة بذوي الاحتياجات الخاصة، ويتمنى أن يذهب أطفاله إلى المدرسة مثل باقي الأطفال الطبيعيين بدل بقائهم في البيت وهذا الأمر يسبب ضغطاً نفسياً كبيراً لأسرة صالح وهو غير قادر على إرسالهم إلى مدارس خاصة كونه لا يعمل ولا يملك أي دخل مادي مستقل.
يعاني ذوو الإعاقة من التمييز ومن حواجز تقيد مشاركتهم اليومية في المجتمع على قدم المساواة مع غيرهم، وغالباً ما يُحرمون من حقوقهم في إدماجهم في المدرسة، ومكان العمل مثلاً، وفي العيش بشكل مستقل في المجتمع.
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي معاهدة دولية لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة تهدف إلى حماية حقوق وكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتلزم الاتفاقية الأطراف تعزيز وحماية وضمان التمتع الكامل بحقوق الإنسان والمساواة للأشخاص ذوي الإعاقة.
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2006. ودخلت حيز التنفيذ في شهر مايو عام 2008م وعلى الرغم من كونها أحدث المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، فقد أصبحت الاتفاقية بشكل سريع واحدة من أكثر المعاهدات التي تم التصديق عليها، وتتضمن الاتفاقية 30 مادة أساسية تحدد حقوق جميع الأشخاص ذوي الإعاقات، وقد صادقت 177 دولة على هذه الاتفاقية.
وفي تركيا، بحسب مصادر رسميّة، نحو 513 ألف معوّق. وتعتمد الدولة مجموعة من الأنظمة والقوانين الخاصة لتحسين حياتهم ودمجهم في المجتمع. كما أن النقل مؤمّن مجاناً لهم، إضافة إلى فرص عمل من خلال وكالة توظيف حكومية، وقروض لأصحاب المشاريع،
جائحة كورونا توقف الدعم عن المنظمات
قمنا بالبحث عن المنظمات التي تدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.
منظمة إنسان هي مؤسسة مهتمة بتربية ودعم الطفل في أورفا وهي تعمل منذ عام 2015، واستهدفت الأطفال بعدة مشاريع منها الدعم التعليمي.
وتميزت بالعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث قدمت لهم برامج ركزت على المهارات التعليمية والذهنية والتركيبية، محاولة الاهتمام بهم لعدم وجود مؤسسة تهتم بشؤونهم، وكان يرتادها أكثر من أربعين طالباً من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولكن نتيجة ضعف الدعم المادي، وعدم استمراريته، نتيجة جائحة كورونا وعدم وجود تنمية مستدامة، وغياب لدعم المنظمات الدولية لمثل هذه المشاريع الصغيرة توقفت منظمة أنسان عن استكمال مشاريعها وكانت جائحة كورونا من الاسباب الرئيسية في توقف منظمة انسان عن تقديم خدماته لفئة الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة
جعفر قاسم المعتقل سابقاً لدى قوات النظام في سوريا، خرج بعد خمس سنوات يعاني من إصابة مزمنة في العمود الفقري مع إصابات عصبية وصداع انتهت به على كرسي متحرك.
يقول جعفر: أحتاج الى دواء وهو غالي الثمن ولا يصرف بموجب التقرير ما يجبرني على شرائه على نفقتي الخاصة بالإضافة لحاجتي إلى (قثاطر) خارجية وحافظات صحية وهي غير مسجلة بالتقرير الطبي مما يشكل عبء كبير على عائلتي لتأمين كل احتياجاتي الطبية والصحية، وما زاد الطين بلة انتهاء فعالية بطارية الكرسي المتحرك وعطبها ما جعلني حبيس البيت وملازماً للفراش ولم أجد أي مساعدة من منظمات طبية أو إغاثية أو غيرها لتأمين بطاريات جديدة أو حتى ثمنها المرتفع جداً بالنسبة لوضعي الحالي كوني بدون عمل.
وضحة الخليف سيدة تعرضت لجلطة دماغية أدت إلى شلل نصفي بالجانب الأيسر من الجسم بالإضافة لعدم القدرة على الكلام وهي سيدة أرملة وهي في الوقت الحالي عند شقيقها (أبو أحمد) الذي يقول: إن شقيقته تحتاج الآن إلى حافظات صحية وكرسي متحرك بالإضافة إلى معالجة فيزيائية وهذا الأمر مكلف بالنسبة لهم وخاصة جلسات العلاج الفيزيائي التي تصل تكلفتها إلى أكثر من 50 ليرة تركية للجلسة الواحدة في اليوم وبعضهم يطلب أكثر من ذلك، إذا احتاج الأمر لاستخدام الكهرباء وأجهزة أخرى ويضيف أبو أحمد: إن المشفى زودهم بتقرير طبي يصف وضع شقيقته الصحي ولكن لم يذكروا احتياجاتها التي ذكرها سابقاً.
الخدمات التي تقدمها المنظمات
بينما قالت (م.أ) المتطوعة بإحدى المنظمات الطبية في أورفة: إن منظمتنا حديثة العمل بهذا المجال والمنظمة تقدم أجهزة الرذاذ (الأوكسجين) وأجهزة لقياس الضغط والسكر وتقوم بنشاطات التوعية الصحية والدعم النفسي للنساء وخاصة فئة الحوامل والأطفال ولكن منظمتهم لا تستطيع تقديم السماعات لفاقدي السمع بسبب ارتفاع ثمنها رغم أن الطلب عليها كبير جداً، وفيما يخص الحافظات قالت المتطوعة: نحن لا نقدمها، فالجهة الداعمة تركز على الكراسي المتحركة والإسفنجات الطبية والأسرة وبعض الأدوات الطبية ولا تقدم لنا الدعم اللازم لمثل هذه الأمور، وكذلك القثاطر الخارجية التي تعتبرها مواد استهلاكية.
تضيف المتطوعة: توقفنا عن العمل في المنظمة لمدة عام تقريباً بسبب جائحة كورونا وحالياً بدأنا مرحلة جديدة، نحن بصدد التحضير لبرنامج نأمل أن يكون أفضل من المرحلة السابقة.
وطبقًا لإحصاءات البنك الدولي، يعاني أكثر من مليار شخص – حوالي 15% من سكان العالم – من إعاقات، من ضمنهم قرابة مليون طفل، ويعيش حوالي 80% منهم في البلدان النامية، بمعنى أن كل شخص من بين سبعة أشخاص، يعاني من إعاقة من نوع معين.
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
يحقّ لذوي الاحتياجات الخاصة التمتّع بجميع الحقوق الصحية بمراعاة الاحتياجات الخاصة التي يحتاجونها من أجل البقاء في صحة جيدة ونشاط عالٍ كما يحقّ لذوي الاحتياجات الخاصة، وفقاً لحقوق الإنسان المنصوص عليها عالمياً، التمتّع بجميع الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
كما يجب أن يحظى ذوو الاحتياجات الخاصّة بعناية صحيّة طبيعيّة كغيرهم من البشر لممارسة حياتهم الطبيعيّة، لأنّهم أكثر عرضةً للخطر من غيرهم، لذلك فهم بحاجةٍ إلى مُتابعةٍ حثيثةٍ من ذويهم.
تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”، “صحفيون من أجل حقوق الإنسان” بتمويل من برنامج عالم كندا Global Affaris Canada
الله يعطيك العافية، مادة جميلة، برافو
حسبي الله ونعم الوكيل