احتجاجات السويداء.. “صمت” النظام السوري يطرح سؤالا “صعبا”
بينما تتواصل الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء السورية ليومها التاسع يطلق “الصمت المريب” للنظام السوري حسب وصف مراقبين “سؤالا صعبا”، يتعلق بالنقطة التي سيصل إليها الحراك في الأيام المقبلة، والتطورات التي قد تطرأ على “المطالب” المعيشية، أو السياسية التي باتت أكثر ما يردده المحتجون.
وينادي المحتجون منذ الأسبوع الفائت، ومن كافة الفئات المجتمعية بـ”إسقاط النظام السوري ورئيسه بشار الأسد”، ويحملون في الشوارع لافتات تؤكد على ضرورة تطبيق القرار الأممي الخاص بالحل في سوريا، والمعروف بـ 2254 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2015.
وحتى الآن، لم تصدر أي بادرة أو تعليق من جانب النظام السوري بشأن المطالب أو المشاهد التي توازت معها، وتمثلت بحرق صور الأسد في الساحات الرئيسية، وتلك المعلقة على أفرع “حزب البعث العربي الاشتراكي” ومبنى الدوائر الحكومية، من بينها مجلس المدينة، ومبنى البريد، الاثنين.
وعلى مدى السنوات الماضية شهدت السويداء، ذات الغالبية الدرزية، بين فترة وأخرى، احتجاجات شعبية، لكنها سرعان ما توقفت من دون أن تتحقق المطالب الدافعة لها. ومع ذلك يرى مراقبون وصحفيون من المدينة أن ما يحصل الآن يختلف من زاوية “زخم المشاركة” وطول أمد البقاء في الشارع.
ومن غير الواضح حتى الآن المسار الزمني الذي سيسلكه الحراك الشعبي في الأيام المقبلة، فيما يؤكد مشاركون ومحتجون لموقع “الحرة” أنهم سيواصلون ما بدأوه قبل تسعة أيام “حتى تتحقق المطالب التي ينادون بها”.
ماذا وراء “صمت” النظام؟
و”لم يقدم النظام السوري أي طرح أو فكرة أو مفاوضات”، حسب ما يقول الناشط المشارك في الاحتجاجات يحيى الذي يرى أن “طريقة التعامل بالصمت تبعث بشيء من القلق”.
ولدى الشارع في المحافظة في الوقت الحالي “قناعة أن النظام لا يملك أي شيء ليقدمه، سواء مقومات معيشية واقتصادية أو حتى أي تنازل سياسي”.
ويضيف الناشط، الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملا لاعتبارات أمنية، لموقع “الحرة” أن “المواصلة هي قرار المحتجين الآن، ولا عودة عنه بغض النظر عن تصرفات النظام أو ما قد يتّبعه لاحقا”.
والاحتجاجات الحالية هي الأكبر من نوعها التي تشهدها السويداء منذ عام 2011، وتتميز الأصوات التي تعلو منها مطالبة بإسقاط النظام السوري بأنها تخرج من منطقة خاضعة لسيطرته.
واعتبر المحلل السياسي المقيم في دمشق، شريف شحادة أن “الناس في المحافظة يطالبون بمطالب الحصول على ماء وكهرباء وغير ذلك”، وأن “هذا أمر طبيعي لكل إنسان يجب أن ينادي بالأساسيات”.
ولم ينف شحادة إطلاق الشعارات السياسية ضد النظام السوري، قائلا لموقع “الحرة”: “هناك من أساء للحكومة ومقام الرئاسة وهناك من عبّر بغير ذلك”.
ويعتقد شحادة أن “الحكومة تصرفت بهدوء عندما لم ترد على التظاهرات بشكل عنفي. تركتهم يتظاهرون ويتحدثون كما يريدون”، مرجحا أن “تذهب الأمور إلى التهدئة والحلول”، وأن “قرار 2254 لا يعالج في تظاهرة بل في مجلس الأمن وعلى مستوى الدول الكبيرة”.
لكن الصحفي، ريان معروف، وهو مدير شبكة “السويداء 24” يشكك في نوايا النظام السوري، ويقول إن “صمته المريب يدل على أنه يسير في سياسية احتواء بعيدا عن إحداث المشاكل”.
ويضيف معروف لموقع “الحرة” أن أعداد المشاركين في الاحتجاجات في ازدياد، و”العصيان المدني مستمر”، وأن “الناس لم تؤثر عليها طبيعة تعاطي النظام السوري”.
“الناس ليس لديها مطالب إصلاحية ولا تفاوض على مطالب إصلاحية، بل تنادي بشعارات سياسية لإسقاط النظام السوري وتطبيق القرار الأممي 2254″، وفق حديث الصحفي السوري.
ويشمل القرار الأممي 2254، الذي تقدمت به الولايات المتحدة، قبل سبع سنوات 16 مادة، وتنص الرابعة منه على دعم عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر حكما ذا مصداقية يشمل الجميع و”لا يقوم على الطائفية”.
كما تحدد هذه الفقرة جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، فيما يعرب مجلس الأمن عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة.
لكن النظام السوري وحتى الآن لم يقدم أي بادرة إيجابية للخوض بشكل جدي في تطبيق القرار الأممي، وتهرب مرارا من مسارات أخرى للحل في البلاد، على رأسها “اجتماعات لجنة إعادة صياغة الدستور”.
المصدر: الحرة