إسلام الشعب وإسلام السياسة
يختلف إسلام الشعب عن إسلام السياسة، هذان وعيان مختلفان في اﻷصل والوظيفة ويجب عدم الخلط بينهما.
إسلام الشعب هو الإسلام الحقيقي هو ثقافة الشعب الدينية ذات العمر الطويل. إنه مجموعة من القيم والمعتقدات والعادات والطقوس الجماعية. إنه اﻹسلام الذي يظهر في الحياة اليومية بشكل عفوي ولا ينطوي على أي نزعة إرغام وعنف. إنه التدين بمعناه الايماني والاخلاقي. اﻹسلام الشعبي هذا هو اﻹسلام الذي لا يشكل عائق أمام قبول التغيرات الحياتية في السياسة والقيم والمعرفة. إن إسلام شكري القوتلي لا يختلف من هذه الزاوية عن إسلام سائقه. وفي هذا اﻷمر تتساوى في الإسلام الشعبي الفئات اﻹسلامية كلها. إن البلدان العربية المسلمة هي بلدان اﻹسلام الشعبي. وشيوخ اﻹسلام الشعبيين هم مكون اساسي من وعي الشعب الذي يقدر المعرفة الدينية والوظيفة الدينية ولا يعطي الشيخ أهمية دنيوية. فيما اﻹسلام السياسي أو إسلام السياسة فهو أيديولوجيا سياسية معتدية على الإسلام الشعبي، لأنها معبرة عن حزب أو جماعة يهدفان لاستلام السلطة باسم تطبيق الشريعة الإسلامية، وهذا ظهر عند بعض النخب السنية والشيعية التي كونت الحركات الإسلامية السياسية كلها.
بعضها يتوسل العنف وبعضها تتوسل الطرق السلمية الخبيثة. وبالتالي ليس هناك أي تطابق بين اﻹسلام الشعبي وبين اﻹسلام السياسي. وهذا الذي يفسر نجاح رياض المالكي في البرلمان السوري وسقوط مصطفى السباعي في الخمسينات في دمشق ذات اﻷغلبية السنية. هذا الذي يفسر ظهور اﻷحزاب اللادينة بأغلبية سنية ومن طوائف أخرى. والدين الشعبي يعارض معارضة حقيقية للعنف اﻷصولي السياسي ﻷنه دين الحياة المستقرة. اﻷكثرية السنية بعامة هي التي أيدت عبد الناصر. وليس لدى اﻷكثرية السنية عصبية طائفية وهذا من شيمة الدين اﻹسلامي الشعبي. وظهور الوعي السني الشعبي في سوريا والعراق – وهو أمر مؤقت وغير طبيعي – ليس وعياً سياسياً بل وعياً أكثرية وجدت نفسها مهمشة ومغبونة من أنظمة ذات عصبية طائفية في احتكار القوة. فنظام الحكم الطائفي السياسي في العراق الذي يحكم بوعي قهري انتقامي من السنة خلق لدى السنة وعيا بسنيتهم. وعلونة أدوات القهر والقمع – الجيش والأمن هو الذي خلق الوعي السني في سوريا حتى لدى العلمانيين السنة. إن الوعي السني هنا ليس وعياً دينياً بل وعياً دنيوياً. فأنا لا أعتقد أن وعي صديقنا صادق العظم هو وعي ديني بل هو جزء من الوعي المحتج على السلطة التي وجدت نفسها في ورطة تاريخية لا تستطيع الخروج منها بسبب دكتاتوريتها الطائفية – العسكريتارية. ولهذا يجب استعادة اﻹسلام الشعبي عبر التحول دولة المجتمع وسلطة الدولة، ويجب التحرر من دولة السلطة وليس هناك إﻻ وسيلة واحدة لانتصار دين الحياة إسلام الحياة الشعبي على دين السياسة أﻻ وهي انتصار الحياة نفسها وانتصار الحرية على اﻷرض وانتصار اﻹنسان الذي وقد تحرر جسده من العوز وصار قادراً على أن يقول لا ونعم متى شاء ودون إكراه.