أيرنة قطّاع الأسمنت السوري
أصدر رأس نظام أسد المرسوم التشريعي رقم ’’3‘‘ لعام 2024 القاضي بإحداث الشركة العامة لصناعة وتسويق الأسمنت ومواد البناء ’’عمران‘‘ لتحل محل المؤسسة العامة للأسمنت ومواد البناء والشركات التابعة لها، المرتبطة بوزير الصناعة والمؤسسة العامة للتجارة الداخلية للمعادن ومواد البناء المرتبطة بوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لتصبح المؤسستان شركة ذات طابع اقتصادي تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري ومقرها دمشق.
ويتبع المؤسسة الشركات التالية: ’’شركة طرطوس لصناعة الأسمنت ومواد البناء – شركة عدرا لصناعة الأسمنت ومواد البناء – الشركة السورية لصنع الأسمنت ومواد البناء – شركة الرستن لصناعة الأسمنت ومواد البناء – الشركة العربية لصناعة البورسلان والأدوات الصحية – الشركة الوطنية لصنع الشمينتو ومواد البناء – الشركة العربية لصناعة الأسمنت ومواد البناء – شركة حلب لصناعة منتجات الأسمنت الإميانتي – شركة الشهباء للأسمنت ومواد البناء – الوحدة الاقتصادية لتصنيع القطع التبديلية لمعامل الأسمنت‘‘ والمرتبطة بوزير الصناعة. والمؤسسة العامة للتجارة الداخلية للمعادن ومواد البناء المرتبطة بوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
متذرِّعاً من وراء اصدار هذا المرسوم بالأسباب التالية:
- تكامل النشاط وإدارة حلقة الإنتاج بدءاً من التنقيب وتأمين المواد الخام وإنتاج وتطوير صناعة الأسمنت ومواد البناء، وصولاً إلى تسويق وبيع المنتج النهائي.
- تأمين حاجة السوق من الأسمنت ومواد البناء بجودة عالية وأسعار مناسبة.
- تحسين الأداء وإعادة هندسة الأنشطة وتوطينها بما يعزز الإنتاجية الإجمالية.
- خلق فرص تنمية جديدة في صناعة الأسمنت ومواد البناء.
- تطوير صناعة أسمنت صديقة للبيئة.
وهي في الحقيقة أسباب واهية لإخفاء الأهداف الحقيقيّة من ورائه والتي يمكن استنتاجها مما يلي:
من خلال المادة’’26‘‘ التي نصّت على أنّه: في كل ما لم يرد عليه نص في هذا المرسوم التشريعي، تطبق أحكام القانون رقم (2) لعام 2005 وتعديلاته والتي تنصّ على أنّه: يتم إحداث المؤسسة العامة والشركة العامة والمنشأة العامة بمرسوم. تعتبر كل من المؤسسة العامة والشركة العامة والمنشأة العامة تاجرا في علاقاتها مع الغير وتمارس جميع النشاطات المترتبة على ذلك. تعتبر المؤسسات العامة والشركات العامة والمنشآت العامة القائمة والموفقة أوضاعها مع أحكام المرسوم التشريعي رقم 18 لعام 1974 والمحدثة وفق أحكام المرسومين التشريعيين رقم 18 لعام 1974 ورقم 20 لعام 1994 محدثة حكماً وفق أحكام هذا القانون (عدا مؤسسات وشركات الإنشاءات العامة المشمولة بأحكام القانون رقم (1) لعام 1976.
والمادّة ’’27‘‘منه التي تنصّ على أنّه: يلغى العمل بالمرسوم التشريعي رقم (163) لعام 1970، والمرسوم رقم (1300) لعام 1975، والمرسوم رقم (177) لعام 1979، ويلغى كل نص مخالف لأحكام هذا المرسوم التشريعي.
المرسـوم التشـريعي رقم /163/ تاريخ 23 /7 /1970 الذي تم بموجبه إحداث المؤسـسـة العامة للتجارة الداخلية للمعادن ومواد البناء ’’عمران‘‘.
والمرسوم التشريعي رقم’’1300‘‘ لسنة 1975 وتعديلاته بالمرسوم رقم 177 لعام 1979 المتعلقان بإحداث المؤسسة العامة للأسمنت ومواد البناء.
ولابد من فهم أبعاد وأهداف ومآلات هذا المرسوم بيان الفرق بين المؤسسة العامة والشركة العامة وتحليل المواد الأساسيّة في هذا المرسوم.
أولاً: مدلول تحويل المؤسسة الى شركة:
المؤسسة العامة: وفقاً للتعريف الوارد في القانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2005: هي شخص اعتباري عام يتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويشارك في تنمية الاقتصاد الوطني ويمارس عملاً ذا طابع اقتصادي بنشاطه المباشر أو بالإشراف على عدد من الشركات العامة والمنشآت العامة ذات الأغراض المتماثلة أو المتكاملة والتنسيق فيما بينها.
أما الشركة العامة فقد عرّفها القانون المذكور: هي شخص اعتباري عام يتمتع بالاستقلال المالي والإداري ويشارك في تنمية الاقتصاد الوطني ويتكون من وحدة أو مجموعة وحدات اقتصادية تمارس عملاً زراعياً أو صناعياً أو تجارياً أو مالياً.
وحيث أن القانون ’’2‘‘ لسنة 2005 وهو الناظم لكل ما لم يرد فيه نصّ في المرسوم الجديد وحيث أنّ المادة ’’2/ب‘‘ منه تنصّ على أنّه: تعتبر كل من المؤسسة العامة والشركة العامة والمنشأة العامة تاجراً في علاقاتها مع الغير وتمارس جميع النشاطات المترتبة على ذلك.
ما يعني أنّ تحويلها من مؤسسة عامّة الى شركة ومنحها صفة ’’التاجر‘‘ يجعل هدفها الأول هو الربح من خلال فتح أبواب الاستثمار على مصراعيه للمستثمر الداخلي والخارجي على حساب الأهداف الاجتماعية التي تُنشأ المؤسسات العامة لأجل تحقيقها.
وبالتالي فإنه يمكن القول بأنّ الهدف البعيد من وراء هذا المرسوم هو خصخصة المؤسسات و الشركات العامّة بذريعة الحاجة للعمل على زيادة الإنتاجية وتطوير أداء المنشآت الصناعية و تطوير وتأهيل خطوط الإنتاج وإحياء النشاط الصناعي للمنشآت الصناعية المتوقفة وحتى العاملة من خلال التمويل الحكومي وهو ’’المستحيل‘‘ بسبب انهيار الاقتصاد الوطني مما يجعل الخيار الوحيد طرحها للاستثمار مع القطاع الخاص ’’الوطني والأجنبي‘‘.
ثانياً: مدلول المادة ’’7‘‘ منه والخاصّة بصلاحيات مجلس الإدارة:
لدى مقارنة مضمون المادة ’’7‘‘منه والمادة ’’10‘‘ من القانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2005 لوجدنا أن المادّة ’’7‘‘ منه منحت سلطات واسعة لمجلس الإدارة ومنها:
الإشراف على الشركة ورسم السياسة التي تسير عليها لتحقيق الهدف الذي أحدثت من أجله، بما ينسجم مع السياسة العامة للدولة وخططها العامة وأحكام هذا المرسوم التشريعي.
ويتمتع بالصلاحيات المحددة في القوانين والأنظمة النافذة، ويتولى إضافة إلى المهام والاختصاصات الواردة في القانون رقم /2/ لعام 2005 وتعديلاته.
الموافقة على إحداث فروع الشركة في إطار خططها المقررة وفقاً لمتطلبات عملها، داخل وخارج أراضي الجمهورية العربية السورية.
والمصادقة على العقود الداخلية والخارجية التي تزيد قيمتها عن صلاحيات المدير العام.
والموافقة على إبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الداخلية والخارجية التي تخدم مصلحة الشركة وفق الأحكام النافذة.
بينما كان نص المادة 10 من القانون رقم /2/ لسنة 2005 يقصر مهمة مجلس الإدارة على رسم السياسة التي تسير عليها المؤسسة العامة لتحقيق الغرض الذي قامت من اجله ويتمتع بالصلاحيات في إدارة المؤسسة وتسيير أعمالها ويعتبر مسؤولاً مسؤولية كاملة عن إقرار الخطط وحسن تنفيذها والإدارة الاقتصادية للمؤسسة وتحقيق الريعية الاقتصادية لها وفق سياسة الدولة وخططها العامة وأحكام هذا القانون وقانون التجارة السوري وبصورة خاصة عن حسن تنفيذ خطط الإنتاج والاستثمار والتصدير والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بهدف تحقيق ريعية مناسبة لرأس المال المستثمر.
ما يعني تحرير مجلس الإدارة من السلطات الوصائيّة عبر منحه صلاحيات التعاقد وإبرام اتفاقيات داخليّة وخارجيّة بما يحقّق الهدف الذي أحدثت من أجله الشركة الجديدة. حيث كانت ووفقاً للمادة ’’4‘‘ من القانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2005 صلاحيات المؤسسة عقد القروض مع الدولة والمؤسسات المالية والمصرفية الداخلية والخارجية وذلك دون الإخلال بالصلاحيات الممنوحة لهيئة تخطيط الدولة بمقتضى القوانين والأنظمة النافذة. وصلاحية الشركات العامة محصورة بإبرام عقد القروض مع الدولة والمؤسسات المالية الداخلية فقط.
ثالثاً: مدلول المادّة ’’18‘‘ منه التي تتعلّق باستثمار أملاك الشركة:
لدى مقارنة المادة’’18‘‘ منه التي تنصّ على أنّه: يجوز للشركة استثمار أملاكها الثابتة والمنقولة بما يحقق الريع الاقتصادي لها، وبما يتفق وأهدافها بعد موافقة مجلس الوزراء. وهو نص يتطابق مع نصّ المادة ’’33‘‘ من القانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2005 مع فارق في بيان الأملاك الثابتة والمنقولة بدلا من الأملاك الجارية في ملكيّتها.
وحيث أن قانون الاستثمار رقم ’’18‘‘ لسنة 2021 المعدّل بالقانون رقم ’’2‘‘ لسنة 2023 هو القانون الناظم لأحكام الاستثمار لأموال الشركات والمؤسسات العامة مع القطّاع الخاصّ وفقاً للمادة ’’3‘‘منه.
ووفقاً للمادة ’’7‘‘ منه منح المجلس الأعلى للاستثمار صلاحيّات الموافقة للجهات العامة على تأسيس شركات مشتركة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع استثمارية وفق أحكام هذا القانون، وإقرار مساهمات تلك الجهات في رؤوس أموال هذه الشركات. وإقرار بدلات إيجار أملاك الدولة الخاصة الأراض هذا القانون بناء على اقتراح الجهة المعنية. وتحديد الحد الأدنى لقيمة الموجودات الثابتة أو رأس المال للمشاريع الاستثمارية في كل منطقة اقتصادية خاصة أو في كل قطاع حيث يلزم.
ووفقاً للمادة ’’27‘‘منه يحق للمستثمر تملك واستئجار الأراضي والعقارات اللازمة لإقامة المشروع أو توسيعه في حدود حاجة المشروع بعد الحصول على موافقة المجلس في حال تجاوز سقف الملكية.
وحيث ان أملاك المؤسسات والشركات العامة هي من أملاك الدولة الخاصة التي عرّفتها المادة ’’1‘‘ من القانون رقم ’’43‘‘ لعام 2023 القاضي بإحداث الهيئة العامة لإدارة وحماية أملاك الدولة بأنها: العقارات المبنية وغير المبنية والحقوق العينية غير المنقولة التي تخص الدولة بصفتها شخصاً اعتبارياً بموجب القوانين والأنظمة النافذة سواء كانت تحت تصرفها الفعلي أم تحت تصرف أشخاص آخرين. وكذلك المادّة ’’90‘‘ من المدني التي حدّدت مفهوم الأموال العامة كما يلي: تُعَدُّ أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة، أو الأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة، بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم.
وحيث أن الاستثمار في الأملاك العامة يحتاج الى إنشاء شركات مساهمة مغفلة مشتركة أو شركات محدودة المسؤوليّة بين الدولة والقطّاع الخاص وفقاً لقانون الشركات المادة ’’6/2‘‘:2/ الشركات المشتركة.. هي الشركات التي تساهم فيها الدولة أو إحدى الجهات العامة بنسبة معينة من رأس مالها وتخضع الشركات المذكورة للأحكام والقواعد المنصوص عليها في القانون الخاص بها.
كما يأتي هذا المرسوم ضمن سلسة القوانين والمراسيم التي أصدرها رأس النظام مؤخّراً وآخرها القانون رقم ’’26‘‘ لسنة 2023 الصادر في07/12/2023 الخاص باستثمار الأموال المنقولة وير المنقولة المصادرة بقرار قضائي مبرم.
النتيجة: وحيث أن قطّاعات الأسمنت والعمران وتخطيط المدن والاستثمار العقاري والطاقة والاتصالات وإنعاش المشاريع الاقتصاديّة المتعثِّرة كلّها مرتبطة بالنظام الإيراني عبر منظومة الاتفاقيّات والتفاهمات الثنائيّة بينه وبين نظام أسد، وفي 2021 تم طرح شركات المؤسسة العامة لصناعة الأسمنت الأربع وهي: ’’أسمنت الشهباء في حلب وبرج إسلام في اللاذقية وشركة حلب لصناعة منتجات الأسمنت الإمينتي في حلب والشركة الوطنية لتصنيع الأسمنت في دمشق منطقة دمر،، الأمر الذي يدلّ على أن الهدف النهائي من هذا المرسوم هو إشراك الشركات الإيرانيّة في ملكيّة وإدارة قطّاع الأسمنت ومواد البناء وإحكام السيطرة عليه للتحكّم بأسواق الأسمنت ومواد البناء في حال البدء في عمليّات إعادة الإعمار ورفع القيود الحكوميّة عن أسعار هذه المواد باعتبار أن هذه القيود تتناقض مع هدف جني الربح وتحقيق أعلى قدر من العوائد، الأمر الذي سينعكس سلباً على المواطن السوري الذي سيكون ضحيّة لتجّار الحروب من ميليشيات أسد الطائفيّة وميليشيات الحرس الثوري الإيرانيّة، لا سيما بعد التخلّص من مجموعة فرعون التي كانت قد تعاقدت مع هذه المؤسسة لتطوير صناعة الأسمنت، شركة أسمنت عدرا لصناعة الأسمنت ومواد البناء للبدء بعمليات تطوير الخطوط الإنتاجية الثلاثة فيها ورفع طاقتها تنفيذاً للعقد الموقع بين الجانبين لمدة ’’17‘‘ ومن قبله مع شركة أسمنت طرطوس عبر إلقاء الحجز الاحتياطي على أموالها المنقولة وغير المنقولة ومن ثم رفعه ونقل الخلاف إلى التحكيم والشركة العربية للأسمنت معمل أسمنت حلب يخضع للشراكة الاستثماريّة مع شركة نبض الإبداع الاستثماريّة المؤسسة سنة 2018 لصاحبها اللبناني حسن طلال زعيتر القيادي في الحزب القومي السوري في دمشق لبناني.