fbpx

أسئلة في مهب الريح.. بمناسبة اليوم العالمي للتسامح

0 86

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 ديسمبر/كانون الأول بـالقرار 95 /51 لعام 1993 (سنة 1995 سنة الأمم المتحدة للتسامح)، وأطلقت منظمة اليونسكو مبادرتها للتسامح، واعتمدت الدول الأعضاء إعلان مبادئ التسامح في 16 نوفمبر/تشرين الثاني (يوماً دولياً للتسامح). مؤكدة على أهمية التسامح في الحياة والرفق بين الشعوب، وبين الشعب الواحد، ونبذ العنف والكراهية، ودعت إلى “التزام الدول الأعضاء والحكومات على النهوض برفاه الإنسان وحريته، وتقدّمه في كل مكان، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب”.

ومن الملاحظ أن مفهوم التسامح لا يعني عدم الاكتراث في العلاقات، أو التساهل في المعاملات بين بني البشر؛ إنما هو احترام وتقدير لذلك التنوع الغني في ثقافات الشعوب، وأشكال التعبير، وأنماط الحياة التي يعتمدها الإنسان في كافة دول العالم، والاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. والتسامح واجب أخلاقي أولاً، وشرط قانوني وسياسي للدول والجماعات والأفراد ثانياً، يرتبط بالصكوك الدولية ـ كميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الداعية إلى تعزيز حقوق الإنسان، والتفاهم والتعاون بين ثقافات الشعوب، وغنى التنوع فيما بينها.

وأكدت منظمة اليونسكو على أن التسامح يعزز الدعوة إلى السلام واللاعنف وعلاقات الصداقة والمودة بين الشعوب استناداً إلى ما ينص عليه الميثاق التأسيسي لليونسكو على أن: “من المحتم أن يقوم السلام على أساس من التضامن الفكري والمعنوي بين البشر”، وأن التنوع في الثقافات والأديان واللغات والإثنيات كنز تغتني به البشرية؛ وليس حجة لإثارة النزاعات، ونشوب الحروب بين الشعوب كما يدعي بعضهم. ومن واجب حكومات الدول إدراج قوانين حقوق الإنسان في دساتيرها وقوانينها، وإنفاذ تلك القوانين التي تضمنتها الصكوك الدولية، ومن الواجب الأخلاقي نشر ثقافة حقوق الإنسان، والدعوة إلى التفاهم والتسامح والتعاون، ونبذ العنف والتعصب والكراهية، وإدراجها في مناهج التعليم في المدارس؛ لأن تعلّم تلك المفاهيم يبدأ في المنزل والمدرسة ويستمر مدى الحياة.

والسؤال: هل حققت الأمم المتحدة، ومنظمة اليونسكو، وباقي المنظمات الدولية هدفها في إشاعة روح التسامح والتآخي التي استلهمتها في الصكوك الدولية؟ وهل يسير عالمنا اليوم نحو تحقيق التسامح والسلام؟ وهل هناك تعاون حقيقي بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لتحقيق التآخي بين الشعوب؟ وهل التزمت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما صادقت عليه في الصكوك الدولية، وأهمها ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمبادئ التي استلهمتها اليونسكو؟.

الأسئلة كثيرة، والإجابات تتسع وتضيق، تتسع لمئات الصفحات التي ترصد ما يجري في عالمنا من نزاعات وحروب، تثيرها الدول الكبرى عوضاً عن العمل على تعزيز التعاون الدولي، والتفاهم بين الشعوب. وتضيق حتى تصبح أخباراً قصيرة دون أن تعترف بحقيقة ما يجري، وتخفي جلّ الحقائق من الجرائم التي تطال البشرية والبيئة، ويكفي أن نتابع وكالات الإعلام، وأن نقرأ عناوين الصحف عن المناطق الساخنة التي يعلو فيها صوت السلاح ليصمّ الآذان في مناطق عديدة من عالمنا، وأشدها خطراً ما يحصل الساعة في أوكرانيا، وغزة، والسودان، وليبيا، وسوريا، واليمن والعراق… من سقوط مئات آلاف الضحايا في كل منها، ومنعاً للإطالة: تشير وكالات الأنباء إلى حوالي (11,180) ضحية في غزة، خلال شهر ونصف، بينهم (4609) من الأطفال، و(3100) امرأة، وأكثر من (28000) مصاب غالبيتهم من الأطفال والنساء الأبرياء يتعرضون لإبادة جماعية على أيدي جيش الاحتلال، وبدعم أمريكي وغربي يرفع راية حقوق الإنسان، وفي أوكرانيا أكثر من (500) مئة ألف ضحية، وفي سوريا أكثر منها مع ملايين المشردين واللاجئين، وفي السودان أكثر من (10000) ضحية و(6 مليون) مشرد ناهيك عن ليبيا واليمن… وغيرها من الدول التي لا يهدأ فيها هدير الحرب، ولا يتوقف العنف بأشكال متعددة. فأين التسامح واحترام الآخر؟ ألسنا نقف على قمة جبل من الخراب بسبب ما يثار من عنف وكراهية على سطح كوكبنا تغذيه الدول الكبرى بوقوفها إلى جانب القوة والاحتلال، ودعمها جهاراً في غزة، وكأننا نعود للعيش في شريعة الغاب من جديد؟ وإلى متى تستمر الدول الكبرى بالتحكم بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن باستخدام حق الاعتراض/الفيتو غير آبهة بشعوب الدول النامية؟.

لقد آن الأوان لأن تقف شعوب العالم ودوله المستضعفة لتقول كلمتها: يجب تعديل ميثاق الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي بإلغاء حق العضوية الدائمة، وحق الاعتراض/الفيتو لتتساوى جميع الدول بالتمثيل، ولتبدأ المسير في طريق التعاون والتسامح والتآخي بين الشعوب، والعمل على تحقيق رفاهية الإنسان أينما وجد على سطح كوكبنا الذي يستحق منا العناية والاهتمام الكبير ليعيش سكانه بعيداً عن العنف في جو من التسامح والسلام والأمان.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني