fbpx

هيئات عمل المعارضة السورية.. والحالة المفقودة

1 779

يتعرض الجهد السياسي الثوري السوري إلى انتكاسات مستمرة، ومصدر هذه الانتكاسات، هو المعادلة القائمة بين النظام السوري وحلفه من جهة، وبين قوى الثورة والمعارضة وحلفها من جهة أخرى.

الانتكاسات تتمثل في قدرة النظام وحلفه على اللعب في مربع فكرة “الحسم العسكري، بينما لا تزال قوى الثورة وحلفها، تلعب في مربع الإعلان، على أن الحل سياسي، ووفق القرار 2254، وبقية القرارات الدولية ذات الصلة، دون موازنة ذلك بجهد عسكري موازٍ لجهد النظام وحلفه.

هذه المعادلة هي سبب رئيسي لتنمّر النظام على القرارات الدولية، فدول أصدقاء سوريا، تكتفي بفرض عقوبات اقتصادية على النظام، دون أن تفكر بآليات عمل تُجبر النظام على الانصياع للقرارات الدولية، هذه الآليات يجب أن تعمل بها قوى الثورة بمختلف مسمياتها، ونقصد عسكرياً واجتماعياً واعلامياً وديبلوماسياً.

هذا الكلام ليس دعاية سياسية، أو إعلامية، إنه باختصار، وضعٌ لميزان القوى بين الطرفين المتصارعين (الثورة وحلفها والنظام وحلفه) على الطاولة، بدون رتوش ومبالغات، وبدون لغة حطبية، سواءً كانت لغة تحدٍ أو لغة استسلام.

إذاً قوى الثورة والمعارضة تحتاج إلى تجديد رؤيتها لهذه الحالة، والتجديد هنا، يعني توفير الأسس المادية الحقيقية، التي تقود إلى تغيير المعادلة القائمة، التي محصلتها تنمّر النظام.

التجديد سيكون على مستويات متعددة، تبدأ من تجديد البنى السياسية لقوى الثورة والمعارضة، بحيث يتمّ نسف كل الطرق السابقة في تمثيل السوريين، التي قادت الثورة وحاضنتها الكبرى إلى حالة يُرثى لها، حالة الإحباط واليأس، وانتظار المعجزات من الغيب.

تجديد البنى السياسية لقوى الثورة والمعارضة، لن يحدث بدون إقرار إحداث مرجعية وطنية تمثّل السوريين جميعاً، هذه المرجعية وببساطة، ليست هي الائتلاف، وليست هي هيئة التفاوض السورية، أو اللجنة الدستورية، التي تمثّل قوى الثورة والمعارضات في مفاوضات جنيف، بل هيئة إطار وطني جامع جديد، قاعدة عمله تقوم على تحقيق أهداف الثورة السورية، وتحديداً الحد الأدنى منها، وهو تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع السوري.

هذه المرجعية، يجب أن تدعو لتشكيلها الهيئة السياسية للائتلاف، بالتشاور مع كل التيارات والأحزاب والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، بحيث تكون مرجعية عليا لكل السوريين أمام العالم، فليس صحيحاً رهن قضية شعب عظيم مثل الشعب السوري لإرادة مجموعة سياسية أو شخصيات غير قادرة على حمل العبء الثوري في التغيير السياسي في سوريا من الاستبداد إلى الديمقراطية. 

ليس معيباً أن تتنحى قيادة الائتلاف الحالية، لتفسح في المجال، لتشكيل قيادة جديدة، تقود وفق برنامج زمني محدد المدة، إحداث التغيير المطلوب في البنية السياسية له، والتي يجب أن تقود إلى استقطاب وطني شامل وعميق، ينتهي بقيام مرجعية وطنية حقيقية.

لقد أثبتت سنوات العمل في هيئة الائتلاف، أن طريقة عمل هذه الهيئة، وطبيعة تشكيلها كبنية، وكل ما لحق بها من تطورات، كان لا يفي بتحقيق رجحان في ميزان قوى فعاليات الثورة والمعارضة، لهذا لا يمكن القبول باستمرار المأساة السورية على حالها، وإبقاء النظام في موقع المتنمّر، في ظل هذه الظروف المنتجة لتنمره، وتنمر حلفه الروسي/الإيراني.

المطلوب إعادة ترتيب الأولويات في العمل السياسي الثوري والمعارض، وإعادة إحياء دور الحاضنة في الدفاع عن أهداف السوريين بالتغيير، هذا التغيير أصبح مطلباً سورياً شاملاً، وهو أمر لن تستطيع قيادة الائتلاف بصورتها وبنيتها الحالية أن تكون حاملاً له، وكذلك الأمر بالنسبة لبنية العمل الثوري بشقه العسكري، فهو الآخر بحاجة إلى استراتيجية منتجة لتغيير الأوضاع على الأرض.

إن التغيير المطلوب لن يبدأ من الحلقة الخارجية إلى الداخلية، كما حدث في تأسيس الائتلاف، بل يجب أن يبدأ التغيير من الحلقة الداخلية إلى الحلقة الخارجية. بمعنىً آخر يجب أن نرتب بيتنا الثوري والمعارض السوري بكل عقلانية، ودون محاباة وبصورة شفافة، بحيث تتغير قواعد العمل حيال النظام والاحتلالات الأجنبية، وتحديداً المناصرة للنظام.

إن الخطوة الثانية المطلوبة للتغيير، هي خطوة تصحيح العلاقة مع أصدقاء الشعب السوري، فهذه العلاقة كانت علاقة ذات اتجاه واحد من الخارج إلى الداخل، وهي علاقة ناقصة وغير منتجة، لأنها ترمي الحمل كله على الخارج، وهو ليس صاحب القضية.

في هذه الحالة وكي تكون العلاقة منتجة مع أصدقاء الشعب السوري، يجب أن نقدّم لهم تأثيرات مباشرة عسكرية وسياسية تتم على الأرض تجبر النظام وحلفه على إيقاف مسألة التنمّر، والبدء بالبحث عن صيغة للانتقال السياسي وفق محددات القرارات الدولية.

هذه الاستراتيجية الجديدة، تحتاج إلى أمرين هامين لا يزال الائتلاف يلعب بهما بصورة معطلة، الأمر الأول بناء فرق عمل ديبلوماسية متخصصة ومخلصة لقضية التحولات المطلوبة في بناء الدول ونظام الحكم، تقوم هذه الفرق عبر برنامج عمل واضح ومرسوم بزيارات واتصالات تؤثر على القضية السورية لإخراجها من عنق الزجاجة التي وضعها النظام فيه.

الأمر الثاني إحداث أذرع إعلامية تعرف كيف تدير المعركة على المستوى الإعلامي متسلحة باستراتيجية عمل قابلة للتعديل والتطوير والاستفادة من كل ممكنٍ. هذه الأذرع لا يجب أن يزج بها كفاءات رديئة أتت بالواسطة والمحسوبيات، مثل الموجودة في الائتلاف.

إن دم السوريين الذي أريق بشكل أذهل العالم، لا ينبغي جعله مداساً لأصحاب مشاريع مشبوهة ذات أجندات تقع خارج مصالح الثورة السورية وحاضنتها العظيمة.

إن تصريحات رئيس هيئة التفاوض السيد أنس العبدة، حول رفض القبول بأي صيغة للتشارك بانتخابات النظام السوري، تحتاج إلى غير مجرد التصريح، فهي بحاجة إلى البناء عليها مؤسساتياً، من خلال خلق مرجعية سورية للثورة والمعارضة.

إن معطلي مسيرة التغيير يجب إزاحتهم عن المشهد السياسي الثوري والمعارض، فالأمور لا تتعلق بأشخاص مهما كان وضعهم، إنما تتعلق بقضية شعب أمضى في العراء سنوات في مخيمات لجوء وبؤس يجب أن تتوقف عجلاته، فمن لم ينجز في السنوات الماضية لن يستطيع الانجاز في السنوات التالية القادمة. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

1 تعليق
  1. الدكتور عدنان بنشي says

    قبل التفكير في الهيئة العليا للانتخابات يجب 1_التخلص منالنظام والسيطرة على اجهزته الامنية 2_التخلص من المتسلقين من المعاررضة 3_بناء هيكلية سياسية وعسكرية
    4_ انتخابات حرة ونزيهة لمن يمثل الشعب
    من اخوتنا لالسوريين في المهجر بعيدة عن الاقليمية واطائفية والعرقية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني