fbpx

هل يعلن المجتمع الدولي بشار الأسد مجرم حرب؟!

0 1٬177

رغم أن الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد على مدى عقود من حكمه كانت دوما معروفة ومعلومة، وتم تداولها في العديد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، إلا أن التزام الصمت كان الرد الوحيد الذي يتلقاه دوماً الضحايا والمظلومين، فلم يبد أحد الاهتمام بتلك الصرخات التي تخرج من حناجر الضحايا وذويهم، تستنجد أصحاب الضمائر، وكل من تبقى بداخله ذرة من الإنسانية، لكن المصالح مع النظام الديكتاتوري، أو السعي لتحقيق أهداف معينة أو مكاسب مأمولة حالت دوماً دون تجريم المجرم.

لكن فجأة بدا المجتمع الدولي وكأنه أفاق أخيراً من غيبوبته، وبدأ بمراجعة تصرفات الرجل وحصر جرائمه ضد الإنسانية، بعد أن طفح الكيل وزاد النظام من توحشه، إذ أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن نظام الأسد يتحمل المسؤولية كاملة عن الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له مدينة اللطامنة في ريف حماة الشمالي.

وأكد فريق البحث بالمنظمة المذكورة في أول تقرير له حول هذه المجزرة التي تعرضت لها المدينة أن سلاح الجو التابع لقوات النظام السوري استخدم طائرات عسكرية من طراز سوخوي-22، وطائرة هليكوبتر في إسقاط قنابل تحتوي على غازي الكلور والسارين السامين على قرية في منطقة حماة الغربية عام 2017.

وأشار التقرير إلى مسؤولية نظام الأسد عن ثلاث هجمات كيماوية استهدفت مدينة اللطامنة بتاريخ 24، 25و30 من آذار/مارس 2017.

واستند فريق البحث الذي استغرق في إعداد تقريره عامين كاملين، تم خلالهما التدقيق في الكثير من المستندات والأدلة والقرائن إلى جانب جمع المعلومات الميدانية من شهود العيان الذين تصادف وجودهم وقت وقوع تلك المذابح، وتحليل المخلفات التي تم جمعها من المواقع التي تعرضت للهجوم، وتحليل العديد من الصور الفوتوغرافية.

وذكر التقرير الأماكن التي تم استهدافها خلال ذلك الهجوم الكيماوي، ومن بينها مستشفى اللطامنة، التي ضربت بقنابل غاز الكلور، مما تسبب في إصابة 30 شخصاً على الأقل، بينما تم قصف جنوب المدينة مرتين بغاز السارين السام الذي تصنفه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية كأحد الغازات المحرم استخدامه أو الإتجار به أو تصنيعه، نظراً لخطورته البالغة على الأعصاب، وهما الهجومان اللذان أسفرا عن إصابة أكثر من 75 شخصاً.

ورغم أن المهمة الرئيسة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تتمحور حول تحديد وقوع الهجمات غير القانونية وليس تحديد مرتكبيها، إلا أن التقرير الذي أصدره فريق البحث بها تم توزيعه على جميع الدول الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

الغريب في الأمر أن التقرير المذكور تزامن صدوره مع ذكرى مجزرتين أخريين استخدم فيهما النظام السوري أسلحة كيماوية، الأولى في مدينة دوما بالغوطة الشرقية في السابع من نيسان/أبريل 2018، حيث قام الطيران التابع لقوات النظام بقصف مدينة دوما بقذائف صاروخية تحمل غازات سامة، لم يتم تحديدها بعد، ما أدى إلى وفاة 42 شخصاً بالإضافة إلى إصابة أكثر من 500 شخصاً نتيجة تعرضهم لاستنشاق الغاز السام.

بينما وقعت المجزرة الثانية في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، في الرابع من نيسان/أبريل2017، ما أسفر عن وفاة حوالي 95 شخصاً، وإصابة أكثر من 540 آخرين وفق ما أعلنته منظمة الدفاع المدني السوري.

ومع تكرار تلك الهجمات الكيماوية والمجازر اليومية في أنحاء الأراضي السورية كافةً، يثبت بشار الأسد أنه الابن الوفي لأبيه حافظ الأسد صاحب أكبر مذبحة في تاريخ سوريا في القرن العشرين، والذي قام في الثاني من شباط/ فبراير عام 1982 بمحاصرة مدينة حماة لمدة 27 يوماً كاملةً، وأمر قواته بقصفها براً وجواً بجميع الأسلحة المتوفرة لدى الجيش، ما أسفر عن مقتل آلاف المواطنين، الذين لا يعرف أحد بالتحديد عددهم، فاللجنة السورية لحقوق الإنسان وثقت مقتل 40 ألف مدني، قضى غالبيتهم نحبه رمياً بالرصاص، فيما قالت صحيفة الإندبندنت أن عدد ضحايا تلك المذبحة وصل إلى 20 ألفا، بينما ذكر الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أن رفعت الأسد الذي كان مسؤولاً عن تلك المجزرة كان يتباهى بأنه قتل 38 ألف في حماة، وبلغ عدد المعتقلين والمفقودين الذين لا يُعرف مصيرهم حتى اليوم 15000 ألف شخص، إلى جانب إزالة 88 مسجداً، وهدم 3 كنائس وتسوية العديد من المناطق الأثرية والتاريخية بالأرض.

وكأبيه تماما يتنصل بشار وأركان نظامه الدموي من مسؤولية استخدامهم للأسلحة الكيماوية ضد أبناء الشعب السوري، بل ويتبجحون بتوجيه اتهامات لفصائل المقاومة المعارضة لهم بشن تلك الهجمات الكيماوية وإلقاء تبعتها عليهم بهدف تشويه صورتهم وتوريطهم أمام الرأي العام العالمي! وذلك رداً على العديد من التقارير الدولية السابقة التي حمّلت هذا النظام الفاشي مسؤولية الهجمات الكيماوية التي تعرضت لها مناطق المعارضة السورية.

ردود فعل المجتمع الدولي على التقرير الأخير سواء من جانب الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وفرنسا وألمانيا، عدّت التقرير دليلاً جديداً على مدى الفظائع التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه، يضاف إلى الكثير من التقارير والأدلة الأخرى المتماثلة، وتصنيفهم ما حدث على أنه جريمة ضد الحضارة الإنسانية تستوجب محاكمة مرتكبيها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

فهل آن الاوان كي يتخطى المجتمع الدولي فاصل الإدانات والتنديدات، ويبدأ في اتخاذ خطوات عملية يتم بمقتضاها إحالة بشار الأسد ونظامه إلى المحكمة الجنائية، ويعلن كمجرم حرب رسمياً، بعد أن اعتمدوا التقرير كأحد أبرز الأدلة على وحشية هذا النظام ؟! فلننتظر ونرى.

 

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني