هل يؤدي صراع المصالح في سوريا إلى تقسيمها
أكد وزير الحرب الصهيوني (موشي يعالون) إلى نظرائه الأوربيين في ميونخ أن التقسيم هو نهاية المطاف في سورية. وبعدها صرح وزير خارجية الولايات المتحدة (جون كيري) أن التقسيم هو الحل في سورية ولقد تفأ البعض من تناغم الموقف الروسي معهما على لسان نائب وزير الخارجية (سيرغي ياباكوف) في مؤتمر صحفي في قلب موسكو قوله موسكو تتمنى على الشعب السوري اتفاقاً فدرالياً (أي طريقة ملتوية للتقسيم كما أكد تقرير استخباراتي أمريكي استمرار الصراع والأزمات في سورية خلال السنوات القادمة، وأكدّ التقرير أن تزايد القتال والانهيار الاقتصادي قد يؤدي إلى موجة جديدة من الهجرة.
تتصارع مصالح أربع دول محلية وعالمية في سورية.
1- روسيا تهدف لإبقاء النظام الذي ساعدته في إجراء مهزلة الانتخابات خارج مظلة الأمم المتحدة، رغم أنها تعرف بأنها ستخاطر بعلاقاتها مع الدول الأوربية من جهة، ومن جهة ثانية ليس لديها الأموال الكافية للبدء بعملية إعادة الإعمار إلا أنها حصلت جراء حماية النظام الآيل للسقوط على امتيازات، مثل عقود مصفاة طرطوس واستثمار الفوسفات، وعقود أسلحة لذلك ستبقى متمسكة بالنظام للحفاظ على مصالحها وعلى الغاز الروسي كي لا يواجه منافسة من الغاز القطري إذا وصل إلى أوروبا وخرجت من سوريا.
2- إيران: أما الوجود الإيراني أكثر تعقيداً وخطورة لأنه لا يقتصر على الوجود العسكري والسياسي كما روسيا، بل أصبح متجذراً في النسيج الاجتماعي وهو وليد عقود من الاستثمارات الإيرانية في المنطقة العربية، منذ ثورة الخميني، ولم تتخل عنها إيران اليوم، كما عمدت إيران إلى التغيير الديموغرافي في مناطق في سورية (بسبب تواطؤ النظام ومنح جنسيات للإيرانيين) بدءاً من ريف دمشق والسيدة زينب وصولاً إلى البوكمال وريف دير الزور لأن نظام الأسد الأب الذي وقف مع الخميني في حرب الثمانية سنوات ضد العراق شكل قاطرة ومنصة انطلاق للنفوذ الإيراني في المنطقة ومن أكبر نتائجها حزب الله في لبنان (لذلك من السذاجة أن نفكر بتخلي النظام عن إيران، ورغم اختلاف الدوافع بين الوجودين الإيراني والروسي فالتحالف بينهما مستمر كل وفق أجندته وكسره يبقى في خانة التمنيات، ورغم تعهد روسيا لإسرائيل بلجم النفوذ الإيراني في سورية إلا أنها لن تفعل لأن إسرائيل لا تطالب بإخراج إيران من سورية، ولو كان ذلك لما سمحت لعشرات المليشيات الشيعية التابعة لها بالدخول إلى سورية، بل هي تطالب بإبعادها عن حدودها كما فعلت في لبنان.
3- تركيا التي دخلت إلى شمال سورية وغرب الفرات لم تسحب قواتها لأنها تخشى الخطر الكردي الذي يهدد أمنها، كما أنها وبموجب اتفاقيات أستانه أدخلت قواتها إلى إدلب وأقامت عشرات المراكز المحصنة.
4- أمريكا، رغم أن دورها كبير في الحل ولكنها شاركت بمحاربة داعش وساعدت في إنشاء قسد وأخرجت قواتها ولم تبق إلا على مجموعات تسيطر على آبار النفط في الجزيرة وأبقت قوات في موقع التنف كي تحول دون تحقيق الهدف الإيراني بالوصول براً إلى المتوسط عبر العراق، لذك ينتظر الجميع موقفاً جديداً للرئيس بايدن، يفعَّل عملية السلام التي خربتها روسيا بابتداع أستانة وسوتشي كي تهرب من التزامات القرار 2254 الذي وقعت عليه وتم حرف المفاوضات من هيئة حكم كاملة الصلاحية إلى السلال الأربع، ونرى الغائب الوحيد عن صنع سورية المستقبل هو الشعب السوري، فعند النظام هو مغيب بالقمع وتنازل النظام لروسيا وإيران عن الصلاحيات كافة بسبب حمايته، والاستيلاء على مقدرات البلد وفي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حال الشعب أكثر سوءاً لأنه مهجر في الخيام وفي الشتات ومن استولى على هيئات المعارضة مجلس وطني ثم ائتلاف ثم هيئة مفاوضات، أطلق عليهم من وضعهم نخبة سياسية إلا أنهم ممتازون بعدم امتلاك رؤية سياسية موحدة لتعدد ولاءاتهم ولسيطرة الإخوان المسلمين الذين أبعدوا الفئات الوطنية والأحزاب الثورية ولم يقدموا للثورة والمشردين سوى حكومتين لا يوجد فيهما مسوؤل عن المهجرين، وكل المعارضين مهجرين، فهل يا ترى من يمثلون؟
أما العرب وتمثلهم الجامعة العربية، اخذت موقفاً واحداً بطرد النظام المجرم، وكان هذا بإيعاز من أمريكا، والآن بعض الدول تتناغم مع دعوة عودته ولا يتجرؤون لأن القرار بيد أمريكا.