fbpx

هل سيكون الرد السوري التطبيع مع إسرائيل؟

0 364

اعتاد السوريون على سماع عبارة (الرد في الزمان والمكان المناسبين) كلما دكت صواريخ إسرائيل مناطق سورية، من رأس النظام في دمشق وزبانيته وأبواقه هنا وهناك. عبارة لها وقع مخزٍ على الحال البائسة التي وصل إليها السوريون في الداخل وفي المهاجر. ولعل أسوأ ما يهين الإنسان هو الرغبة في الفعل وعدم استطاعته على ذلك، وإن الشعور بالإهانة الداخلية يزيد القهر آلاف المرات.

لم يتوان النظام السوري عن قمع الشعب وإهانته منذ بداية وصوله إلى السلطة، وتعدى ذلك إلى إهانة الشعوب الشقيقة كلما سنحت له الفرصة. ولكنه لم يستطع أن يهين إسرائيل ولو مرة واحدة، أو يرد إهانتها. فالإهانة متوالية تبدأ من رأس الهرم، وعندما اعتاد عليها نقلها تباعاً إلى أسفل الهرم. بالتالي إن فقدان الشعور بالكرامة مصيبة قد تسيطر على الشعب إذا لم يعد هناك من يحرك تلك المياه التي تصل إلى مرحلة الركود.

لم نجد ردات فعل قوية على تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل وكأن الأمر عادي وليس بتلك الأهمية التي تربت عليها الشعوب العربية منطلقة من قوميتها الممتدة من المحيط إلى الخليج.

وأيضاً فإن بعض حكومات الدول الأخرى تستعد لذات التطبيع حفاظاً على كراسي السلطة التي ارتبطت به. وهنا بيت القصيد، فإن النظام الذي عمل على مساندة إسرائيل في أكثر من مرة، وحافظ الأسد نفسه هو من يحمل تلك المسؤولية، واعتمد على مجموعة من الأشخاص الذين ساروا معه ليحققوا مآربه التي لا تختلف عن مآرب إسرائيل.

القضاء على المقاومة الفلسطينية وكذلك اللبنانية (اليسارية الحقيقية). وتسليم المقاومة للتنظيمات الدينية المتمثلة بحماس والجهاد وحركة أمل وحزب الله على حساب فتح والشعبية والديمقراطية والشيوعيين والقوميين سواء كان في فلسطين، أم في لبنان، أم في سوريا، ولا ننسى الأردن أيضاً. ما عدا خسارة 1967 وكذبة 1973. ولعل مشاركة النظام في التحالف الدولي ضد العراق كدولة كان من الخدمات الجليلة لإسرائيل.

وفي الداخل السوري قام بتدجين السياسيين عبر جبهة وطنية تقدمية وغير السياسيين عبر منظمات مجتمع مدني وهمية. لأنها كانت منظمات بعثية تسيرها أجهزة المخابرات المتعددة. لم يستطع أحد الهروب من الدخول في التدجين بمن فيهم الرياضيون ونواديهم التي باتت تحمل أسماء القومية والوطنية الممانعة.

لقد كانت كلمة الحق مصيبة على قائلها، فأصبح الناس يكتمون كلامهم ويوافقون على كل ما يصدر من قائد جلستهم أو بالأحرى آمرهم.

وهذا الكتمان والصمت والخوف سرى على كل المجتمع من كبيره إلى صغيره مروراً بكل منظماته. نقاباته واتحاداته وأحزابه. هذا الخوف الذي ترغب دائماً الأنظمة الديكتاتورية أن تزرعه وتنميه في أحشاء الشعوب وتتوارثه الأجيال. وبالتالي فإن عدم نزع الخوف من هذه الشعوب يفسح المجال للأنظمة أكثر وأكثر ومنه تمرير مخططات الدول العظمى التي تعيش على فقر وتفكيك الدول عن طريق الحروب الدائمة (القومية والطائفية والدينية) بالتعاون مع هذه الديكتاتوريات الجبانة. إذاً فإن الخوف المتجذر هو العامل الأهم الذي دفع جزءاً مهماً من الشعب السوري لعدم الوقوف مع الثورة والسكوت إلى هذه اللحظات عن جرائم الأسد المتمثلة بالقتل والاعتقال والتهجير والدمار الممنهج اقتصادياً ومعنوياً.

ولعل القادم أسوأ، فإن اتجاه بشار الأسد إلى التطبيع مع إسرائيل أو عقد أي اتفاق معها، سوف يمرُ مرور الكرام أمام الخوف الساكن في أعماق الشعب، بل الشعب المسلوب حرية وكرامة ووطناً. وإن كل ما يدور في فلك المعارضات المختلفة، التي بوقاحتها تحاول السير مع المجتمع الدولي الذي يرمي إلى التصالح مع نظام الأسد وصولاً إلى تمرير صفقة القرن وهي جوهر الموضوع وسبب سكوت العالم بأسره عن جرائم الأسد بل هناك من يؤيده أيضاً.

وهنا تبرز أهمية القوى الحقيقية المدافعة عن الثورة والوطن، بكشف هذه الحقائق على الملأ وعدم الانجرار مع التحالفات التي ترعاها الدول المساهمة في كل ما حصل للشعب السوري. وأيضاً دفع الداخل من جديد باتجاه إحياء الثورة السلمية. فالثورة السلمية والتحالف مع الشعب هو ما يرعب نظام الأسد وداعميه أكثر من ألف فصيل عسكري إسلامي أو قومي أو طائفي وأي تحالف يدور في نفس الدائرة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني