نافذة على الحضارات القديمة في شرق سوريا دور كاتليمو.. أو تل الشيخ حمد
معرفة
تاريخ الشرق القديم في منطقة بلاد الرافدين، تبدأ من معرفة آثار حضاراته، التي لا
تزال أطلالها قائمة بوجه عاتيات الزمان. ومن هذه الآثار يمكن معرفة واقع هذه الحضارات،
واكتشاف مستوى تطور الحياة فيها.
من
هذه المناطق الأثرية ثمة منطقة تقع قريباً من الحدود الفاصلة بين محافظتي دير
الزور والحسكة، هذا الموقع يُطلق عليه تسمية “تل الشيخ حمد”. حيث يربض
هذا التل أسفل نهر الخابور، وله تسمية أخرى هي “كاتليمو”، وهذه التسمية
تعود إلى شخصية مسؤولة كانت تعيش في تلك المرحلة.
تبعد
كاتليمو عن مدينة دير الزور مسافة سبعين كلم، وقد اشتغلت بعثة ألمانية في هذا
الموقع، حيث قامت بالحفريات والتنقيب عن الآثار، هذه النشاطات المهمة، تمت قبل زمن
طويل من قيام الثورة السورية.
استطاعت
البعثات الأثرية المنقبة في هذا الموقع اكتشاف ألواح طينية منقوش عليها كتابات
باللغة المسمارية، حيث تمّ اكتشاف أكثر من خمسمئة لوح كتب عليها بحروف مسمارية،
لكن كان هناك ألواح كتبت بلغة قوم آرام. أي تعود للحضارة الآرامية. ولعل هذه
الألواح الآرامية تعود إلى مرحلة حرس آشوربانيال.
واستطاعت
البعثات الأثرية الكشف عن مدافن وعن قطع برونزية، إضافة إلى جرارٍ فخارية، ذات
أحجام مختلفة. كذلك تمّ اكتشاف لوحات ممهورة بأختام تعود لموظفين كبار في حضارة
هذا الموقع، كل هذه الألواح الطينية تم نقلها والاحتفاظ بها في متحف مدينة دير
الزور.
إن
تاريخاً هاماً ينتظر مدينة كاتليمو بعد مرحلة سقوط الإمبراطورية الآشورية، ومع هذا
السقوط احتلت هذه المدينة موقعاً هاماً في مناطق بلاد الرافدين في الشرق القديم.
لقد
اكتشف الآثاريون في كاتليمو سوراً يزنّر المدينة القديمة، وقد احتوى هذا السور على
ابراج مراقبة وحراسة للمدينة.
من
القطع الأثرية المهمة التي وجدتها البعثة الأثرية، قطع فنية منحوتة، مثل منحوتة
الثور المجنح. لكن هذا الموقع الهام تعرّض كبقية المواقع لعمليات تنقيب لصوص
الآثار، غير أن سكان المنطقة كانوا يدركون قيمة كنزهم الأثري، ولهذا دافعوا عنه
بشراسة.
بقي
أن نقول: إن بلاد الرافدين ونقصد فيها البلاد التي يزنرها نهرا دجلة والفرات كانت
أرضاً خصبة لحضارات عظيمة ليس أقلها حضارة ماري، أو دورا أوربوس أو غيرها من مناطق
حضارية شهدتها هذه البلاد.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”