fbpx

من سينتصر أخيراً.. دم السوريين أم سيف الطغاة؟

0 1٬283

يأتي تقرير منظمة الأسلحة الكيماوية، بشأن هجمات ضد المدنيين، شنّها النظام السوري على مدينة “اللطامنة” بريف حماة الشمالي، حاسماً لجهة إثبات أن النظام قام بثلاث هجمات كيماوية على هذه المدينة في أيام 24 و25 و30 آذار من عام 2017.
وذكر التقرير، أن النظام استخدم طائرة عسكرية من طراز (SU-22) تابعة لـ اللواء 50 من الفرقة الجوية “22”. انطلقت من مطار الشعيرات جنوبي حمص.
محتوى التقرير يجرّم النظام السوري بانتهاك معاهدات دولية، تنصّ على منع استخدام الأسلحة الكيماوية في العمليات الحربية. وهذا يعني وضع المجتمع الدولي، المتمثل بدول مجلس الأمن دائمة العضوية، أمام مسؤولية قانونية، تذهب إلى تسهيل محاكمة مستخدمي هذه الأسلحة.
نحن إذاً أمام مرحلة جديدة، تمنع الروس وغيرهم من محاولة تعويم النظام السوري، وإعادة إنتاج حكمه، وهذا يعني أن فرص النظام بالبقاء في السلطة، ذهبت بالمعنى الدولي إلى خانة الصفر.
إن توقيت إخراج هذا التقرير يتزامن مع خطوات أخرى تذهب في نفس الاتجاه ضد النظام السوري، ومن هذه الخطوات، قانون قيصر الأمريكي الذي تدنو فتره سريان مفعوله في حزيران القادم.
إن تقرير منظمة الأسلحة الكيماوية، يؤكد على أمور عدة دون أن يقولها، أول هذه الأمور، هي محاكمة مستخدمي هذا السلاح المحظور دولياً، وتشمل المحاكمة رأس النظام والجهات العسكرية، التي أصدرت ونفّذت الهجمات المشار إليها في التقرير.
الأمر الثاني يتعلق بنزع شرعية حكم من استخدم هذا السلاح المحظور دولياً، أي منعه من الاستمرار في الحكم باعتباره مرتكباً لجرائم حرب، وهو أمر يدفع بحليف هذا النظام الرئيسي (الروس) إلى البحث عن بدائل، يمكن أن تكون مقبولة من الدول الفاعلة في مجلس الأمن والعالم.
الأمر الثالث الذي ثبّته التقرير دون أن يقوله صراحة، هو أن ضحايا هذه الهجمات الكيماوية في اللطامنة انتصر دمهم على من قتلهم.
اللطامنة ليست المنطقة السورية الوحيدة التي تعرّضت لهجمات الكيماوي من قبل النظام السوري ومناصريه، بل هناك هجمات عديدة في مناطق أخرى، أشهرها الغوطة الشرقية، التي دفعت أكثر من ألف ضحية من الأطفال والنساء والشيوخ العزّل.
تزامن التقرير مع انحسار قدرة النظام على الاستمرار بشنّ هجمات عسكرية على إدلب، يكشف عن منحى بياني جديد لتطور أوضاع الصراع السوري، هذا المنحى يذهب خطه إلى غير ما يتخيله النظام السوري حول نجاته من السقوط والهزيمة، وهو ما يجعلنا نقول: إن ما يتراكم من تطورات في المشهد السوري ينبئ باقتراب عتبة التغيير السياسي في البلاد.
المجتمع الدولي بما فيه الروس لن يهرب من نتائج هذا التقرير، سيما وأن الروس معنيون كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن بالظهور بمظهر حماة السلام الدولي ومنع انتهاك المعاهدات الدولية المتفق عليها. وهذا يعني فتح الباب أمام تغيير سياسي لم يأخذ ملامحه النهائية بعد.
التغيير السياسي المحتمل في سوريا، يمكن أن يدخل في بوابة المساومات السياسية الدولية، فالنظام السوري المتهم باستخدام أسلحة دمار شامل هي الأسلحة الكيماوية، قد يرضخ لضغوط الغرب بالرحيل عن الحكم مقابل صفقة تقضي بعدم محاكمة الحلقة الضيقة الحاكمة منه، وعدم محاكمة رأسه. هذا ما سيشتغل عليه الروس خلال الأيام القادمة، ولكن لا ضمانات حتى الآن بهذا الشأن غربياً.
الروس مضطرون أن يغيروا من قواعد لعبتهم في سوريا، وأول تغيير ممكن هو عدم التعاون عسكرياً مع إيران في هذا البلد وغض الطرف عن تصفية ميليشياتها الموجودة على الأرض. هذا يعني أن تركيا تستطيع شنّ هجوم كاسح ضدّ ميليشيات النظام وميليشيات إيرانية تسانده، بغرض سحق هذه الميليشيات في منطقة خفض التصعيد الرابعة، التي تشمل إدلب وشمال حماة وغربي حلب.
إن التصريح الأمريكي الأخير الصادر عن الخارجية، والذي يقول إن الولايات المتحدة تقف مع شريكتها وحليفتها تركيا ضد حزب العمال الكردستاني المصنّف بالإرهابي، هو تصريح يخدم هذه الخطوات في الساحة السورية، ولكن المعارك لا تدار بالتصريحات وإنما بموقف سياسي/عسكري واضح، فهل تشير البوصلة الأمريكية إلى عزم الولايات المتحدة تنفيذ خططها بشأن تجفيف النفوذ الإيراني في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق ولبنان.
يبدو أن الأمور تسير بهذا الاتجاه، وأن الأمريكيين ماضون بخطوات متزامنة إلى سيناريو تنتهي فصوله بطرد إيران من سوريا، وترحيل النظام عن الحكم، وتسريع تنفيذ القرار الدولي رقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن في نهاية عام 2015. وهذا يعني اقتراب موعد قطع رقبة النظام السوري، وسيتم ذلك من بوابة معركة إدلب، وقد لا ينتهي الأمر إلا بتغيير في دمشق.
هذا التصور نراه الأقرب إلى الواقع، ما يجعلنا نقول، إن من استخدم السلاح الكيماوي لينتصر بمعاركه ضد الشعب السوري الآمن، لن يكون بمأمن من فعلته المصنّفة تحت بند العقوبات الدولية بأنها جرائم حرب.
لقد أسقط قرار منظمة الأسلحة الكيماوية كل قدرات محتملة في الدفاع عن النظام السوري، الذي كان لا يهتمّ بغير استمراره بحكم البلاد، عبر أسلوبه الوحيد الذي ثبت فشله وهو استخدام القوة المفرطة بحق الشعب الآمن. وهذا يدفعنا للقول إن نافذة في جدار التغيير قد انفتحت، ولن يكون بمقدور أحدٍ إغلاقها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني