fbpx

مخيم الهول.. عذابات بانتظار حلٍ دولي

0 288

التعتيم على أوضاع المحتجزين من النساء والأطفال في مخيم الهول، يثير تساؤلات حول المغزى من ذلك، ولكن التقارير والصور المسرّبة من داخل هذا المخيم، تُظهر أن انتهاكات خطيرة تتم فيه، وهذا أمر يجب إجراء تحقيق دولي مستقل حوله.

ولما كانت الظروف الإنسانية في معسكر الهول كارثية على الصعد الإنسانية كافة، وجلّ ذلك يقع على الأطفال والنساء، الذين تتجاوز نسبتهم الـ 66% من عدد المحتجزين في معسكر الهول. وتبلغ نسبة السوريين المحتجزين في المخيم قرابة 80% من العدد الكلي.

إن المحتجزين في مخيم الهول، تمّ سوقهم إليه، نتيجة النزوح من مناطق سورية مثل دير الزور والرقة وغيرها، نتيجة العمليات الحربية أثناء المواجهات بين تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام المسمى “داعش”. وهو احتجاز قسري لا تنطبق عليه صفة اللجوء. وباعتبار الغالبية من هؤلاء المحتجزين هم نساء وأطفال، فهم مشمولون بحماية القانون الدولي الإنساني، هذا القانون يفرض حمايتهم من الأخطار التي قد يتعرضون لها أثناء النزاعات المسلحة. ولكن من المسؤول عن استمرار معاناة هؤلاء المحتجزين؟.

تعتبر الأمم المتحدة ومؤسساتها الحقوقية والإنسانية مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الحالات، بحكم مسؤوليتها عن الأمن والسلم الدوليين. كذلك تقع المسؤولية على عاتق قوات التحالف الدولي التي تتدخل في الصراع السوري، فهذه القوات هي المسؤولة عن معتقلي “داعش”، باعتبار أن قوات سوريا الديمقراطية هي قوات حراسة للمخيم لا أكثر وليس لها صفة دولية.

إن القانون الدولي الإنساني يلزم الدول الغربية، وخاصة التي لها رعايا ومواطنين كانوا في صفوف داعش، موجودون في المخيم. لذلك على هذه الدول تحمّل مسؤولياتها تجاه هؤلاء، ومن المفروض أن تكون هناك عملية إشراف عليهم، وعلى ظروف حياتهم، ورعايتهم بحكم التبعية، والذين يحملون جنسيتها، مثل فرنسا والسويد وألمانيا ودول أخرى.

إن عملية الإشراف والرعاية هي أيضاً من صلب عمل المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة. ولقد جاء في تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التابعة لمجلس حقوق الإنسان، الصادر في 14 ايلول برقم 28/43 والتي أجرت تحقيقات ما بين تاريخي (كانون الأول/ديسمبر 2019 وتموز/يوليو 2020).

(كانت قوات سوريا الديمقراطية، والكيانات المتصلة بها، تحتجز مدنيين، وتعذبهم، وواصلت استخدام الأطفال لأداء مهام عسكرية، ولا يزال الأطفال، وإيزيديون ناجون محتجزين في مخيم الهول في ظروف معيشية بائسة، ولا توجد فرص ضئيلة للمغادرة أو العودة إلى بلدهم).

واعتبرت اللجنة أن سلبهم حريتهم غير قانوني، وعرض التقرير بشكل مفصل نوعية الانتهاكات.

إن ما يهمنا كمنظمات وطنية حقوقية، هو تنفيذ ما وضعته الإدارة الذاتية من معايير رسمية لإطلاق سراح السوريين في مخيم الهول:

1- إعطاء أولوية للمرضى والمسنين وللأشخاص المحتجزين لفترة أطول.

2- الأشخاص الذين يحملون وثائق شخصية سورية.

3- الأشخاص الذين لديهم كفلاء جديرون بالثقة.

وفي مراسلات مع اللجنة قدمت الإدارة الذاتية تفاصيل إضافية بشأن إجراءات الإفراج عن المحتجزين بموجب هذا النظام. ورحبت لجنة التحقيق الدولية بإطلاق سراح 1500 شخص في الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2019 وشباط/فبراير 2020.

إن إجراءات الإدارة الذاتية تعجيزية ومخالفة للقانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف الأربع عام 1949.

إن تشكيل لجان تحقيق دولية تابعة لمكاتبها، مستندة إلى تقارير مجلس حقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية والوطنية، وتكون جزءاً من اللجان التي ستشكل للبت بالحلول لمخيم الهول والمحتجزين فيه، وكذلك ضرورة التعاون مع المنظمات الإنسانية، مثل المفوضية السامية المعنية بشؤون اللاجئين، والصليب الأحمر الدولي، والسلطات المشرفة على مركز الاحتجاز، والمنظمات السورية كافة.

ويجب أن تنخرط شخصيات اجتماعية فاعلة من محافظة دير الزور والرقة والحسكة إلى جانب منظمات الإغاثة والرعاية الموجودة في المخيم، مثل منظمة بلومند الأمريكية ومنظمات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات حكومية وغير حكومية.

إن السوريين ينتظرون تشكيل لجان تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة، بالتعاون مع لجان تحقيق محلية مكونة من الجهات المسيطرة على مكان النزوح والحجز.

ومن الممكن أن تتكون هذه اللجان من محامين وحقوقيين ومنظمات، مثل نقابة المحامين الأحرار في سوريا، وشخصيات ووجهاء. على أن تتكفل هذه اللجان، بدراسة ملفات تخص الأطفال والمرضى والمسنين بالتعاون مع جهات دولية، وضرورة تشكيل لجان قضائية وحقوقية سورية مستقلة تنظر بجميع الملفات، وتتخذ قرارات سريعة بتسليم الأطفال والنساء لذويهم، خاصة السوريين النازحين الهاربين من الحرب، وينبغي توفير ضمانات حماية وأمان للمنظمات، بحيث يمكن اعتبارها تابعة للأمم المتحدة، وينبغي الضغط على الدول الأخرى لاستلام رعاياها في مخيم الهول، وتشكيل محاكم دولية ووطنية لمحاكمة منتسبي “داعش”. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني