fbpx

لافرنتييف في دمشق.. ما الذي همس به لبشار الأسد

0 305

سرّبت وسائل إعلام روسية، ما حمله المبعوث الروسي الخاص للملف السوري لافرنتييف معه إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، ومن جملة ما ذكرته من تسريبات، أن الرئيس الروسي بوتين يريد من دمشق أن تتفاعل بصورة جدية مع ملف التفاوض الخاص باللجنة الدستورية، لأن روسيا ليس باستطاعتها تخفيف الحصار الاقتصادي عن نظام دمشق، بغير هذه الطريقة.
هذه التسريبات، تأتي في وقت تتأزم فيه العلاقات السياسية بين روسيا والولايات المتحدة، بحيث تمتد إلى صورة من التحشيد العسكري في منطقة البحر الأسود، إذاً يبدو أن التوتر تصاعد على الحدود الروسية/الأوكرانية، بسبب احتلال الروس لأراضٍ أوكرانية، هي شبه جزيرة القرم.
ما سربته وسائل الإعلام الروسية من حديث نُسب إلى لافرنتييف، لا يتسق وفق رأي مراقبين، مع ما يجري واقعياً بملف الصراع السوري، فالتعطيل الحقيقي بملف التفاوض، تقف خلفه روسيا، وإدارة بوتين بذاتها، لأن هذه الإدارة، تعتقد أن نظام الأسد، أفضل نظام يمكنه حكم دمشق، ويمكنه توفير الضمانات للمصالح الروسية العسكرية والاقتصادية في سوريا.
إذاً لا جديد في الموقف الروسي، سيما وأن درجة التوتر بالعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا وصلت لدرجة التأزم، ما اضطر الروس إلى سحب سفيرهم في واشنطن.
وبات الروس يدركون، أن المعارضة السورية ومن خلفها مجموعة أصدقاء سوريا، ما عادوا يقبلون بوعود وتبريرات حول سير تنفيذ محتوى القرار 2254، وهذا أسقط لدى الروس أي قدرة على المناورة، وصار يقيناً لديهم، أن الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة، لن يقبلوا بأقل من تنفيذ القرار الدولي المذكور، وما ينصّ عليه من توفر دستور جديد، وتشكيل هيئة حاكمة انتقالية لا يشارك فيها الأسد ومجموعته الحاكمة حالياً.
الروس في وضع لا يُحسدون عليه، فكلفة تدخلهم في الصراع السوري تزداد يوماً بعد يوم، في وقت تتراجع فيه قيم استثمارهم العسكري والسياسي والاقتصادي مع استمرار تعطّل الحل السياسي، الذي تخيّلوا أنهم قادرون على إنجازه بعد تدخلهم بوقت قصير.
إعادة إعمار سوريا ليست عملية بسيطة في ظل الحصار الأمريكي، وفي ظل تطبيق قانون قيصر الشهير، وهذا ما يدفع الروس إلى التفكير جدياً بمحاولة إعادة إنتاج رؤيتهم حيال ملف الصراع، كي لا يصبح تدخلهم عاملاً في زيادة سوء أوضاعهم الاقتصادية السيئة أساساً.
الروس يعرفون أن تصريحات الأمريكيين قابلة للتطبيق الجدي، حيال رفضهم مدّ أنابيب الغاز والبترول المتجهة إلى ألمانيا وأوربا الغربية، وهذا يعني حرمانهم من عائدات اقتصادية ضرورية، في ظل اقتصاد روسي يعتمد على أسلوب الاقتصاد الريعي، فمعركة الروس ليست محدودة بالساحة السورية، بل تمتد إلى الساحة الأوكرانية بقضية شبه جزيرة القرم، وإلى حرب الطاقة المتوقعة.
الروس يمكنهم مغازلة الأمريكيين بتقديم مغريات مقبولة بملف الصراع السوري، فهم يمكن أن يوافقوا على الضغط على نظام الأسد، وإجباره على تفعيل انخراطه بعمل اللجنة الدستورية، مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية عليهم، ووضع أمر شبه جزيرة القرم على طاولة التفاوض.
فهل أبلغ لافرنتييف الأسد، أن روسيا تصرّ على ذهاب نظام دمشق، إلى مفاوضات اللجنة الدستورية، بصورة قابلة للخروج بمسودة مشروع دستور بقيادة دولية؟ أم أن لافرنتييف أتى قبل موعد انتخابات نظام الأسد الرئاسية ليبلغ رئيس النظام بالموقف الروسي حيال هذا الأمر.
بقي أن نقول إن لا شيء في الأفق يشير إلى تغيّر الموقف الروسي من التعاطي مع ملف الصراع السوري، فالأمر وصل مرحلة عضّ الأصابع بقوة، ومن سيصرخ أولاً سيخسر كثيراً، وهذا ما يخشاه بوتين، فالخسارة لن تكون في ملعب صراع واحد هو سوريا، بل في ملاعب صراعات أخرى مع الغرب في ملفات كثيرة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني