fbpx

قبضة النظام الأمنية من جديد في درعا والقنيطرة

0 200

منذ سيطرة نظام الأسد وحليفه الروسي على المنطقة الجنوبية من سوريا في آب 2018، استعادت السلطة الأمنية التابعة للنظام نفوذها في المنطقة، من خلال إطلاق يد عدد من ضباط المخابرات وإشرافهم على ملف المنطقة بشكل كامل، ما أعاد محافظتي درعا والقنيطرة تحت القبضة الأمنية من جديد بعد حوالي ثماني سنوات من انحسارها.

وعزّز النظام السلطة الأمنية في المحافظتين، من خلال إجراء تغييرات في مراكز قيادة أفرع المخابرات واللجان الأمنية مع بداية سيطرته على المنطقة، واستقدم ضباط سبق وأن كان لهم دورٌ بارزٌ في إعادة تأهيل النظام بمناطق عدة من سوريا وفرض السيطرة عليها أمنياً.

أبرز الشخصيات الأمنية

العقيد لؤي العلي: رئيس فرع المخابرات العسكرية في درعا والسويداء، يُعتبر من أبرز الشخصيات الأمنية في المنطقة ويتمتع بنفوذ كبير في محافظة درعا، يُعرف عنه أنه أكثر شخصية لها شبكات أمنية غير معلنة وعلاقات مع أفراد ومجموعات من المعارضين السابقين، كما أن النظام يوكل له مهام أمنية رئيسية دون غيره بسبب علاقاته ونفوذه الذي عمل على تعزيزهما على مدار سنوات عدة في المحافظة..

ساهم لؤي العلي في إعادة صياغة مجموعات التسوية في درعا بصورة مختلفة عمّا كانت عليه سابقاً إبان سيطرة المعارضة، من خلال تجنيدها لصالحه دون تغيير في بنيتها أو هيكليتها، وأسّس شبكة من الوجهاء ورؤساء البلديات وأعضاء في هيئات معارضة سابقة لتنفيذ سياسته المدعومة من ضباط كبار في مخابرات النظام لعلاقته القوية معهم، ومنهم اللواء “محمد محلا” رئيس شعبة المخابرات العسكرية و”علي مملوك” رئيس الأمن الوطني.

 

اللواء حسام لوقا: من
إدارة المخابرات العامة، عيّنه النظام مسؤولاً عن اللجنة الأمنية في درعا، يتمتع
بعلاقات قوية مع ضباط جيش النظام والمخابرات في درعا إضافة لقربه من الضباط الروس،
تكرّر إيصاله رسائل تهديد مبطّنة خلال الاجتماعات مع وفود المصالحات والمفاوضات
لأبناء درعا، وله دور كبير في التصعيد العسكري الذي يجري في درعا منذ فترة قريبة
إذا يميل للحلول العسكرية في كثير من الأحيان.

عمل حسام لوقا على التقرب من سكان درعا
واستحداث شعبية له من خلال تفاعله مع مطالبات إطلاق سراح المعتقلين، ونفذ ذلك
بأعداد محدودة جداً لكن تحت تغطية إعلامية ومراسم رسمية لإظهار سعيه لاستقرار الأوضاع
الأمنية، إلا أنه مسؤولٌ عن عمليات اعتقال وملاحقات أمنية بحق معارضين سابقين
بالتعاون مع عناصر منضمين للنظام باتفاق التسوية، كما أن التصعيد الأمني في درعا
بدأ منذ تسلّمه إدارة اللجنة الأمنية في درعا خلفاً للّواء أكرم محمد من مرتبات
فرع أمن الدولة.

ويُعتبر من أولويات اللواء لوقا في درعا،
حصر السلاح بيد النظام والمجموعات الموالية له، حيث يسعى جاهداً إلى إبرام
اتفاقيات مع الفصائل التي رضخت لاتفاق التسوية، لتسليم أسلحتها بما فيها المتوسط
والخفيف، ومعرفة مخابئ الأسلحة من خلال استدراج معارضين سابقين إلى صفوفه.

كما يوجد في درعا ضباط آخرون يتبعون لأفرع
المخابرات العسكرية والجوية، والفرقة الرابعة التي يقودها “ماهر الأسد”،
لهم دور بارز في القبضة الأمنية المهيمنة على درعا ويتعاونون مع مجموعات من
المعارضين السابقين وخلايا مهمتها تنفيذ عمليات الاغتيال والخطف، ومن بينهم
المساعد في الأمن العسكري “سامر عمران”، والمسؤول في المكتب الأمني
التابع للفرقة الرابعة المقدم “محمد العيسى” قبل أن يتم تحييده مؤخراً.

كيف يتم إحكام القبضة الأمنية في
درعا

تعتبر محافظة درعا من أبرز المناطق التي
لا يزال يعتبرها كثيرون بمن فيهم ضباط ومسؤولين في النظام، خارجة عن السيطرة ولا
تخضع جميع مناطقها لنفوذه، كما أنها مصدر قلق على اعتبار أن احتمالية التصعيد
العسكري وإعادة تأهيل المعارضة فيها، لا تزال قائمة، وبناء على ذلك يتعامل النظام
مع المحافظة بطريقة مختلفة عن باقي المناطق التي خضعت لاتفاق التسوية في سوريا.

يعمل ضباط النظام في الدرجة الأولى على
تفكيك مجموعات المعارضة التي لا تزال تمتلك أسلحة خفيفة وتحافظ على هيكليتها
وتتمركز في مناطق لا وجود عسكري كبير للنظام فيها، من خلال وسائل عدة أبرزها
محاولة تجنيدهم وجذبهم بامتيازات ونفوذ أقنعت قسماً منهم، وربطهم بمجموعات تابعة
للنظام من أهل المنطقة لتقييد حركتهم وإنهاء علاقاتهم مع المعارضين.

كما ترتكز سياسة التعاطي مع المعارضين في
درعا، على خيارات أمنية غير معلنة عبر مجموعات يتم تجنيدها وتكليفها بمهامها بشكل
سري، ويقع على عاتقها تنفيذ عمليات الاغتيال والخطف والمراقبة وجلب المعلومات،
مقابل مبالغ مالية، ويسمح لها بحمل السلاح وقيادة سيارات غير نظامية في مختلف
المناطق وزيارة العاصمة دمشق بمهام أمنية وهمية.

كما يتبنّى المسؤولون الأمنيون للنظام في
درعا، سياسة عدم الترهيب وعدم الاصطدام بشكل مباشر مع وفود المدن والبلدات وممثلي
المفاوضات، لمنع أي تجييش شعبي من شأنه زيادة الاحتقان في المحافظة والإبقاء على
قنوات الاتصال معهم، بتنفيذ بعض المطالب مثل إطلاق سراح المعتقلين وتخفيض التشديد
الأمني على الحواجز العسكرية في بعض المناطق.

التقرب من العشائر والوجهاء

للتقرب من سكان درعا مسارات مختلفة
وأساليب أمنية يتعامل بها ضباط المخابرات واللجنة الأمنية، بعضهم يتّبع أسلوب
تحسين العلاقات وعقد الاجتماعات مع الوجهاء والأهالي بشكل مباشر وتقديم بعض
التنازلات الشكلية في سبيل تخفيف التوتر وإقناع السكان بأن النظام هو من سيعيد
الأمن والاستقرار إلى مناطقهم وتحسين ظروفهم المعيشية، وترهيبهم في الوقت ذاته من
ردة فعل النظام عند معارضته مجدداً في المحافظة، وهذا ما تجلّى في زيارة “محمد
محلا” رئيس المخابرات العسكرية في سوريا إلى درعا العام الفائت، وخلال
اجتماعات “حسام لوقا” مع الوجهاء والمفاوضين.

في حين يعمل ضباط الأفرع الأمنية على
تجنيد عناصر ووجهاء من العشائر للعمل لصالحهم، وإيقاع الخلافات بين سكان المناطق
من خلال إطلاق يد المجموعات المنضمة للنظام عقب اتفاق التسوية، لتنفيذ عمليات
الاغتيال والخطف، والتعاون مع الوجهاء ورؤساء البلديات وتجنيدهم للحصول على
المعلومات في مناطق وجودهم، مقابل رعاية مصالحهم الشخصية.

وفي آب/أغسطس 2018، سيطرت قوات النظام
مدعومة من روسيا على محافظتي درعا والقنيطرة، بعد معارك ومفاوضات استمرت قرابة
شهر، خضعت خلالها معظم فصائل المعارضة لاتفاق التسوية، وخرج قسم منها عبر قوافل
التهجير إلى الشمال السوري.

وتسود في محافظة درعا منذ سيطرة النظام
عليها، حالة من عدم الاستقرار الأمني لارتفاع وتيرة عمليات الاغتيال والخطف بحق
أفراد مرتبطين بالنظام والميليشيات الأجنبية وآخرين معارضين، كما تستمر الهجمات ضد
ضباط وعناصر النظام، دون الكشف عن منفّذيها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني