fbpx

في نقد مؤسسات المعارضة السورية

0 1٬092

كان لابد للثورة السورية حتى تحقق أهدافها من تمثيل سياسي يشكل حاملاً أساسياً لنجاحاتها التي حققتها سواء في طورها المدني من خلال تمدد المظاهرات أفقياً على متداد الجغرافية السورية، أو من خلال إحداث شرخ في بنية النظام ومن ثم تحقيق تقدم عسكري واسع على حساب مؤسسته العسكرية والأمنية.
للاستفادة من هذه الاندفاعة كان لابد من وجود جسم سياسي يلقي بهذه الحمولة على طاولة المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب حقيقية تدعمها النجاحات على الأرض
وهو ما حصل عندما تشكل المجلس الوطني السوري، لكن ومنذ بداية تشكيله وقع المجلس الوطني الذي أُريدَ له أن يكون نسخة عن المجلس الوطني الليبي في فخ المحاصصة والفجوة الكبيرة بين أفراده من جهة والشارع الثوري من جهة أخرى والأهم التدخل الخارجي في تشكيله. فكان كالنبتة التي تمت زراعتها في غير أوانها وفي بيئة لا تشبه البيئة الأصلية التي يجب أن تنمو فيها، هذا الخطأ كان من الممكن تداركه بإنشاء هيئة قيادية مصغرة تقود هذا المجلس والشارع الثوري وتوجهه، لكن الذي حصل معاكس تماماً لما كان يجب أن يحصل. فقد تم توسيع المجلس ليتحول إلى ائتلاف قوى والذي كان سابقة في تاريخ الثورات، تحوّل من خلالها لما يشبه برلمان غير منتخب في المنفى ما نزع عنه الكثير من مصداقيته وقدرته على التحرك. وأضيف لذات الأخطاء التي ارتكبها المجلس الوطني خطأ أكثر جسامة وهو ترهل الائتلاف وضعف حركته السياسية الأمر الذي تسبب بتعطيل دوره لاحقاً لتحل محله هيئة المفاوضات والتي أنشئت بغرض تحريك المفاوضات السياسية لكنها باتت تأخذ مكان الإئتلاف رويداً رويداً وأصبحت منافسة له على امتيازات المعارضة السياسية مع أنها تحمل ذات الإشكالية التي حملتها الأجسام التي سبقتها من حيث الارتهان والتبعية والمحاصصة السياسية.

مع مرور الوقت تضاءلت فرص نجاح هذه المؤسسات في إحداث أي فرق حقيقي لمصلحة الثورة السورية.
لذلك ومن أجل إعادة الروح للتمثيل السياسي للثورة لابد من اتخاذ العديد من المبادرات والخطوات اللازمة لإعادة التمثيل السياسي لخارطة الاتفاقيات الدولية.

لعل العودة لإيجاد كتلة صلبة متجانسة تمثل إرادة السوريين بأطيافهم كافةً “الشارع السوري الثائر” ولا تخضع لسياسة المحاصصات أو التبعية السياسية. وتقوم على نسج علاقات وتحالفات واضحة قادرة على تحقيق ولو الحد الأدنى من طموح السوريين، تعمل هذه الكتلة وإن كان على مراحل باستعادة القرار الثوري وممارسة دور رقابي على مؤسسات المعارضة قبل العمل على دمج القوى السياسية للوصول إلى تمثيل حقيقي لقوى الثورة من خلال قيادة مركزية تكون نتاج رؤى ورغبات الشارع بكل أطيافه الثورية “السياسية والاجتماعية.”
قد يبدو هذا الأمر ضرباً من الخيال أو مستبعداً في ظل تشرذم المعارضة وتحولها لمعارضات وتبعية القسم الأكبر من المعارضة بشقيها السياسي والعسكري لتيارات سياسية معينة وأجندات دولية وإقليمية.

لكن مقتضيات الحل السياسي الذي تصر جميع الدول على أنه المخرج الوحيد للاستعصاء السياسي والجمود في العملية السياسية السورية هو العودة والاحتكام للشارع الثوري ومراعاة متطلباته واحتياجاته بعيداً عن أي مصالح أخرى.
وبالتالي فإن إنتاج قيادة حقيقية واعية أصبح ضرورة وليس ترفاً ثورياً ويستطيع الشارع الثوري الذي أفرز سابقاً قيادات شبابية قادت الحراك في بدايته أن يعيد صياغة مطالبه وقولبتها وانتقاء ممثليه ويستعيد كلمته وصوته الذي ضاع في زحمة المناكفات السياسية والبازار السياسي على الحل في سوريا.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني