شهر رمضان في محافظة الحسكة في ظل جائحة الكورونا
هلَّ هلال رمضان شهر البر والإحسان شهر الرحمة والغفران. شهر رمضان الذي ننتظر قدومه كل عام بجمالياته وطقوسه وروحانياته. أقبل هذا العام في ظروف استثنائية حيث يخيم شبح “كورونا” على البشرية جمعاء. وفي محافظة الحسكة أرض الخير والعطاء والتي استنزفت الأزمة السورية طاقاتها وخيراتها ككل المحافظات السورية في سنواتها العشر. كان استعداد الأهالي والتحضيرات لاستقبال الشهر الفضيل مختلفاً عن السنوات السابقة. فالأهالي يترنحون بين غلاء الأسعار الفاحش نتيجة الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار وبين فقدان موارد الرزق اليومي لمعظمهم نتيجة الحظر المفروض لحماية المواطنين وسلامتهم من فيروس كورونا. فقد أصدرت الإدارة الذاتية قراراً بفرض الحظر اعتباراً من 23 آذار الفائت وتم تمديده حتى بداية شهر أيار القادم، وشددت على التقيد بالحظر تحت طائلة الحبس والغرامة. وللتعرف عن قرب على استعداد الأسر لشهر رمضان كان لـ “نينار برس” استطلاع لآراء عدة من مختلف المناطق في المحافظة.
“نجوى أحمد” من حي الناصرة بالحسكة أم لثلاثة أطفال زوجها موظف بأجر 63 ألف ليرة سورية شهرياً صرحت لـ “نينار برس” عبر اتصال هاتفي: “لم يتوقف راتب زوجي الشهري نتيجة الحظر لكن غلاء الأسعار كان له أثر كبير علينا. ففي العام الفائت أحضرت كميات كبيرة ومتنوعة من المواد الغذائية للشهر الكريم من أرز وبرغل وزيوت ولحوم وخضروات بالإضافة للمشروبات الرمضانية كالعرق سوس والتمر الهندي والحلويات الرمضانية. أما هذا العام لم أستطع إحضار ربع الكميات وبتنوع أقل لارتفاع الأسعار من ضعفين إلى ثلاثة”
“أم أحمد” نازحة من حلب تقيم وزوجها وأطفالها الخمسة في بيت مستأجر منذ خمس سنوات في القامشلي. زوجها عامل مياوم تقول: “باتت موائدنا الرمضانية العامرة بأصنافها حلماً هذا العام، فتوقف زوجي عن العمل في ظل الحظر المفروض من جهة وغلاء الأسعار من جهة أخرى حرمنا من تسوق الحد الأدنى من المواد الأساسية والضرورية ولولا مساعدة بعض الخيرين كنا سنصل صوم الليل بالنهار.
“علي” شاب من عائلة يتجاوز عدد أفرادها عشرة أشخاص من إحدى قرى ريف المالكية صرح لـ “نينار برس”: “تعاني معظم العائلات في المنطقة من الانخفاض الكبير بكمية المواد الرمضانية هذا العام، فمع تجاوز سعر اللحوم 9000 ل.س للكيول وسعر الفروج الواحد 5000 ل.س وكيلو غرام البندورة 900 ل.س وكيلوغرام الخيار 600. ل.س وكيلو غرام البطاطا 650 ل.س وكيلوغرام الأرز 1400 وعبوة الزيت النباتي (4 ليتر) 5600 ل.س وعلى هذا المنوال كل المواد الغذائية والضرورية من ألبان وسكر وبيض وخضروات وفواكه لذا لجأت الكثير من العائلات إلى العودة مرة أخرى لزراعة بعض المساحات في منازلها بالخضراوات اللازمة لمواجهة هذه الأوضاع هذه السنة”
“أبو مالك” من القامشلي صاحب محل سوبر ماركت قال لـ “نينار برس”: “هناك تراجع كبير في الإقبال على تموين المواد الغذائية مقارنة بالسنوات السابقة في شهر رمضان هذه السنة بالنسبة لمعظم الأهالي والاكتفاء بأخذ المواد الضرورية جداً وليوم واحد وبكميات أقل من النصف وهذا يسري على كل المناطق والأهالي بالرغم من وجود بعض العائلات المكتفية والثرية التي لم تتأثر موائدها الرمضانية بما يحدث على الأرض من أزمة شرائية لمعظم العائلات”
وعلى الرغم من صدور قرار بتحديد الأسعار للمواد الغذائية لكن عدم الرقابة الجدية وعدم التزام أصحاب المحال والتجار به وبذريعة ارتفاع أسعار المواد من المصدر بالإضافة لأجور النقل والجمارك والحواجز الذي يمنعهم من تخفيض الأسعار.
كما أن إعلان الإدارة الذاتية عن توزيع سلّات غذائية على العائلات المحتاجة إضافة لمبادرات فردية من الخيرين للتخفيف من الوضع الراهن سيبقى مرور شهر رمضان هذا العام ثقيلاً على معظم العائلات التي ستغيب عن موائدها الإفطارية الجمعات العائلية والمأكولات الرمضانية بأصنافها وأنواعها، بل وربما يفطر البعض منهم على غصة ووجع.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”