fbpx

سأروي القصة كما هي لا كما أتخيلها: ليزا تبحث عن وجهها

0 264

كنت أقف وحيداً عند ناصية الشارع الطويل المكتظ بالعابرين والسيارات والمحلات، أنا لا أنتظر أحداً البتة، كل ما في الأمر إني أحسست بالتعب بعد جولة امتدت لأكثر من ثلاث ساعات بحثاً عن دواء مفقود في الصيدليات تحتاجه أمي.

أقبلت هي، كانت تتأبط حقيبتها النسائية وتنظر بدهشة، وجهها قمر قرر مغادرة السماء والسير في شوارع المدينة، أذكركم إني كنت لا أنتظر شيئاً، لكنها تمشي نحوي أو بالأحرى هي مضطرة للاتجاه نحو مكان وقوفي، اقتربت أكثر، وجهها لا يشبه وجوه النسوة في مدينتنا، استقرت نظراتي في عينيها المقتربتين، لاح في محياها ظل ابتسام، في هذه اللحظة كانت تصل إلى مكاني عند الناصية، توقفت ونظرت عميقاً في عيني، ثم قالت وهي تشير بسبابتها نحوي : ألست أنت الذي ابتلعه النهر منذ آخر فيضان له، بلى أنت، أنت، كيف حدث هذا، لقد رأيت صورك في الجرائد وهم قد أخرجوك من قاع النهر.

نظرت فيها وقلت مستغرباً: من أنتِ؟ وكيف تسمحين لنفسك بالحديث معي بهذه الصورة، أنت لا تعرفينني.

ضحكت هي، كانت ضحكتها مزيجاً من رائحة جثة ابتلعها نهر عميق المجرى غزير الماء ودهشة طفل لم يصدق بعد إنه حي يرزق بعدما صدمته سيارة عابرة، قالت بشيء من ترددٍ خفيٍ وإصرارٍ معلنٍ:

أنت توهمني.. هو أنت الغريق.. وأنا ليزا.

في هذه اللحظة، لحظة تفوهها بكلمة ليزا، شعرت أن يدين من نار الرب

تحملانني بعيداً في فضاء من جنون الأشياء ثم تلقي بي وسط قرية تنام على كتف جبل، الجبل يحيط كالإسوارة بالنهر، يحاصره، النهر يفلت بين منحنيات تأبى قامة الجبل أن تناطها.

كانت ليزا تجلس على عرش خشبي فرش بسجاد يدوي تطغى عليه

ألوان حارة. الجموع تعبر المكان من أمام ليزا في وقت كانت حاشيتها تحيط بها صانعة هلالاً مفتوحاً نحو العابرين. الأميرة ليزا لا تشبه النساء في القرية، كانوا يسمونها العذراء المباركة، ففي موسم الزرع السابق، وطأت قدما الأميرة ليزا أرض الحقول، فانهمر مطر غزير، وكان الموسم مزيداً من زكائب الحنطة، وقوافل من الأغنام، التي وجدت مراعٍ دافئة العشب.

نظرت إلى المرأة الواقفة أمامي كانت تشبه الأميرة بكل شيء..

تلمست رأسي وجسمي، وقرصت نفسي، لكني لم أشعر بشيء.

وقتذاك تذكرت أني ما زلت غريقاً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني