fbpx

خطاب العهر.. أم خطاب الانتصار؟!

0 479

ليست المرة الأولى التي يتربع فيها ذئب السلطة الأسدية منصة الإشراف على ضحاياه من أبناء الشعب السوري، مرتديا قناع الوئام والوداعة والمحبة.
في مناسبة دستوريه رابعة انتزع فيها شرعية الاستمرار في السلطة لمرحلة أخرى، بعد أن مارس غرائزيته المتوحشة على مدى عشر سنوات سوداء مولغاً بدماء من يطل عليهم، مدعياً خدمتهم وحبهم والانتصار عليهم.
وليست هي المرة الأولى التي يطل فيها على فضاء مزرعته الموروثة، يرسم بالكلمات والإشارات معاني الكذب والتزوير والخداع قالباً للحقائق، وناشراً للأباطيل بنبرة تفوح منها رائحة الدم والتدمير والخراب.
قرابة عقدين من الزمن، لم يعرف الشعب السوري فيها من الأمور والاحداث والوقائع، سوى عكس معانيها ومبانيها.
فالتطوير والتحديث والدمقرطة والوفرة والأمان والعمران واللحمة الوطنية والوحدة المجتمعية والتنمية والعدالة والتحرير وحقوق الإنسان في التعبير والحرية والعمل وتطوير التعليم وتأمين السكن والطبابة ورفع مستوى الدخل الفردي ومستوى الدخل الوطني وتبييض السجون ومنع الاعتقال، وتحرير الجولان، حتى النظافة المدينية وتطوير الصرف الصحي وإنهاء أزمات السكن وتحسين المستلزمات الصحية والطبية.
جميع ذلك، لم يعايش الفرد السوري سوى العكس منه تماماً.
ولعل التاريخ يأبى إلا أن يفرض نفسه في هذا المقام، فينبئنا بذهنية أهل التقية في التاريخ الإسلامي، ويذكرنا بالذئب الأب مفترس السلطة في سبعينيات القرن المنصرم، حيث رسم في ذاكرة السوريين تلك الصورة التي كان يرسمها بقبضتيه المتشابكتين المرفوعتين عالياً، عندما كان يطل على رعيته من منصات التواصل الشعبي، موحياً ومنادياً، ظاهريا بالتوحد والتضامن، في الحين الذي كان يقصد فيه وفق مبدأ التقية آنف الذكر، السحق لهذه الرعية وعصرها وضغطها حتى التلاشي.
وحقا هكذا كان وهكذا فعل، فوعود وشعارات الحرية والوحدة والاشتراكية والتقدم والتنمية والرفاهية، والتحرير الوطني في أعلى القائمة من هذه الوعود، لم يحظ الشعب السوري بأي منها.
حتى إذا ما أشرف على الهلاك كانت سورية بمثابة معتقل كبير، ينزف دماً قانياً ويودع فيه بشكل مستمر شبه متواصل قوافل الشهداء والمعتقلين والمنفيين والمهاجرين قسراً، من طلاب الحرية والانعتاق.
اليوم، السابع والعشرين من أيار 2021، في خطاب الانتصار المزعوم، يطل علينا هذا الذئب الدامي ليمثل أمام أعيننا عقدة الحضارة المعاصرة المريضة ومُنتَجَها الرخيص. ولينفث أمامنا صوراً زاهية وردية جميلة للواقع السوري بل وللعالم أجمع، ومعان للقوة والافتخار والعزيمة والثقة بالمستقبل.
في حين أنه يقف على سرير من الخراب والدمار والبشاعة والقذارة، وروائح دم الأبرياء تزكم أنوف البشرية المعاصرة جمعاء، والنكوص بكل ما اختزنته ذواكرنا نحن جيل هذا القرن. إلى فضاءات بربرية ووحشية البشرية عبر التاريخ مروراً بالحربين العالميتين الأولى والثانية، متغافلاً ببلادة المتخم بدماء أبناء جلدته.
عن ثورة عظيمة لشعب عظيم، كابد وبذل صبراً وتضحية وشظفاً طوال أكثر من نصف قرن، كي يحافظ على منجزات وطنه التاريخية من حرية وعمار وبناء وتطور وتقدم منذ الاستقلال الأول.
إلا أن المعادلة المقلوبة المتوحشة التي تحكم المنظومة العالمية كانت له بالمرصاد، وهاهي لازالت ترعى أدواتها وعلى رأسها ذئبها الأبله هذا، كي ينفذ قرارها، أي قرار هذه المعادلة بحق شعبنا ووطننا السوري العظيم. فهل يكتب لها النجاح، أم أن منطق التاريخ الذي عرفناه والمنحاز لإرادة الشعوب هو المنتصر؟! ربما، فالرهان لازال مستمراً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني