fbpx

حركة التحرير والبناء.. أفق وطني ثوري يساهم في بناء سورية الجديدة

0 116

نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة أراد من خلالها “رسم خريطة قوى المعارضة السورية المسلحة وهياكلها السياسية، بغرض تقدير أوزانها السياسية، والمآلات التي تنتظرها”.

وقبل الحديث عن هذه الحركة كأفق وطني ثوري يساهم في بناء سورية الجديدة، نذكر أنها حركة تشكّلت من اتحاد مجموعة فصائل ثورية مسلحة، ينحدر غالبية منتسبيها من المنطقة الشرقية من سورية.

حركة التحرير والبناء والتي تشكّلت في منتصف شهر شباط / فبراير عام 2020، لم تكن منذ البداية ذراعاً عسكريةً لعشائر المنطقة الشرقية، فبالرغم من أن اثنين من فصائلها (فرقة أحرار الشرقية، وجيش الشرقية) يحملان تسمية “الشرقية”، إلا أن الحركة اختارت تسمية لا تنتمي إلى المناطقية، ولا إلى العشائرية، وهذا الأمر محدّدٌ لسماتها وأفقها الثوري، على أنها حركة ذات بعدٍ وطني سوري، وتعمل من أجل سورية واحدة وطناً لكل أبنائها.

حركة التحرير والبناء هي جزء من بنية الفيلق الأول في الجيش الوطني السوري التابع لوزارة دفاع الحكومة المؤقتة، وهذا يعني أن بناءها العقائدي يرتكز على مفهوم الوطنية السورية، أي على مفهوم سورية دولة واحدة مستقلة ذات بعد مدني ديمقراطي تعددي.

الوطنية لدى حركة التحرير والبناء يتمثّل كمفهوم يرفض كل أشكال التجمع البشري ما قبل الوطني، أي ما قبل الدولة الوطنية، وهذا الوعي العميق يكشف عن رؤية استراتيجية ترفض المناطقية أو الانتماء إلى ما قبل الوطنية السورية، أي ترفض الانتماء إلى العشائرية كشكلٍ سياسي مرجعي لها، كما أنها ترفض أي إطار ذي بعدٍ طائفي أو ديني.

المقصود بالإطار المرجعي هنا هو السقف الأعلى للمرجعية، أي محدّد أفق عمل هذا التشكيل العسكري / السياسي. وسقف المرجعية لدى حركة التحرير والبناء هو سقف وطني واضح، لا يميّز بين المكونات السورية إلا على أساس انتمائها للوطنية السورية، هذه الوطنية لها أفق إنساني، ولها امتداد عربي إسلامي، وهذا أمر طبيعي.

إن الفصائل التي تكونت منها حركة التحرير والبناء هي فصائل سورية الرؤية السياسية والفكرية، وهو ما يجعل منها شريكاً ثورياً على المستويين الثوري العسكري، وعلى المشاركة ببناء الدولة السورية الجديدة، وهذا لا يتنافى بالمطلق مع انتمائها للجيش الوطني السوري، إذ أن هذا الجيش تشكّل من الفصائل الثورية العسكرية الثائرة على نظام الاستبداد والقهر الأسدي.

حركة التحرير والبناء بنت وجودها على دورين رئيسيين، الدور الأول: يرتكز على قوتها العسكرية المسخّرة للكفاح ضد ميليشيات النظام الأسدي وحليفاتها القادمة من وراء الحدود، وعلى الكفاح ضد ما يسمى (قوات سوريا الديمقراطية) “قسد”.

هذا الكفاح العسكري يذهب إلى رفض أي شكل من أشكال اللاوطنية، الذي تحاول فرضه الميليشيات العدوة للثورة السورية، وهو يمنح الحركة بعدها الوطني الخالص، ويبدد وصفها من قبل القوى المعادية لها على أنها ذراع عسكرية للعشائر في المناطق الشرقية من سورية، أي المحافظات الثلاث (دير الزور والرقة والحسكة).

وكي تستطيع حركة التحرير والبناء في المساهمة برسم صورة سورية الجديدة القادمة، فهي تركّز على الجانب السياسي الوطني، وتعمل على تعميقه، وهذا يمكن استخلاصه من وجود مكتبها السياسي، الذي يمكنه المساهمة في بناء رؤية لسورية الجديدة.

الجانب السياسي لحركة التحرير والبناء يمتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية للسوريين عموماً، وللسوريين في مناطق نفوذ الحركة خصوصاً، حيث تعمل الحركة على تقديم خدماتها للسكان سواء في ظل حالات الطوارئ، كما جرى ذلك بعد وقوع الزلزال الذي ضرب الشمال السوري والجنوب التركي في السادس من شباط 2023.

وفق هذه الرؤية، فإن الحكومة المؤقتة ووزارة دفاعها معنيتان بمشاركة حركة التحرير والبناء وباقي القوى الثورية المسلحة فهمها ورؤيتها في بناء سورية الجديدة، وهذا أمر صحيح، فكل قوى الثورة المسلحة قاتلت النظام وأعداء الشعب السوري من منطلق الدفاع عن الشعب وبناء سورية الجديدة.

كذلك يمكن لحركة التحرير والبناء أن ترفد مكتبها السياسي بكوادر وطنية قريبة من فهمها السياسي وتوجهاتها الوطنية العميقة، لا أن تكتفي بالحالة الموجودة، فهي معنية بتعميق رؤيتها الوطنية ودورها الوطني، وهذا أضعف الإيمان، لأن مهام بناء سورية حديثة على قواعد المواطنة ودولة المؤسسات يتطلب مثل هذا الخيار.

والسؤال الأساسي الذي يضعه السوريون أمام قيادة حركة التحرير والبناء، وأمام الحكومة المؤقتة ووزارة دفاعها: هل سيتم الشغل على هذه الرؤية الوطنية العميقة التي تسدّ ثغراتٍ، يمكن أن يتسلل منها من يريد عدم مشاركة هذه الفصائل الثورية في رسم صورة سورية الجديدة، بحجة أنهم عسكر للقتال وليس للسياسة؟.

هذا السؤال ينتظر الإجابة الواضحة فهل من مجيب؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني