fbpx

بين حانا ومانا.. ضاعت الحقيقة الأمريكية

0 99

يقول الخبر: توقِع تركيا والسويد وفنلندا مذكرة تفاهم ثلاثية على هامش إجتماع حلف النيتو، في العاصمة الإسبانية، مدريد، تنص على رفع الحظر التركي على انضمام البلديين، مقابل تعهدهما بالتعاون التام مع تركيا في مكافحة التنظيمات الإرهابية!.

في تعليق للرئاسة التركية، قالت إن تركيا حصلت على ما تريد!!.

إذا تذكرنا الشروط التركية المتعلقة بتحجيم نفوذ الأحزاب الكردية التي تعتبرها حكومة الرئيس أردوغان إرهابية، (حزب العمال الكردستاني التركي، وفرعه السوري، الإتحاد الديمقراطي PYD) مقابل الموافقة على انضمام هاتين الدولتين الحياديتين سابقا إلى حلف النيتو، نتوقع ان تبادر تلك الدولتين إلى اتخاذ إجراءات للتضييق على احزاب العمال الكردستاني، وتنتهي المشكلة!!

لكنها ليست الصورة الحقيقية لواقع الصراع! لماذا؟، لأن معارك الحرب العظمى التي يخوضها النظام التركي ليست في ساحات السويد أو فلندا، ولا في أوروبا! الصراع الحقيقي الذي يخوضه تتركز جهوده للسيطرة على شمال سوريا (شرقاً وغرباً)، بمساحة المنطقة الآمنة المزعومة، أو، على الأقل، للحصول على حصة تليق بموقع تركية الجيوسياسي، في صراعات اقتسام الكعكة السورية، التي تقودها واشنطن وموسكو، منذ تدخل جيشهما المباشر في الصراع، 2014-2015، تحت ذرائع مكافحة الإرهاب وحماية مؤسسات الدولة!!.

الحرب الحقيقية ليست بين النظام التركي وأحزاب اليافطات الكردية، الديمقراطية، (التي لا تشكل بأحسن الأحوال سوى أدوات لمشاريع خارجية وداخلية، إقليمية ودولية، على غرار الأذرع الميليشياوية الإسلامية الأخرى)، بل تدور رحى معاركها على جميع الجبهات – السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، ومنذ 2015؛ بل ومنذ 2011) – بين أهداف المشروع التركي[1]، وبين أهداف المشروع الأمريكي/(الروسي والإيراني)، الذين عملت خططهم وأدواتهم المشتركة، (في أعقاب نجاح خيارهم العسكري الطائفي في منع حدوث انتقال سياسي وتحول ديمقراطي، وتفشيل سوريا، خلال المرحلة الأولى من الصراع، 2011-2014، على توزيع حصص السيطرة على كامل الإقليم الشمالي!.

ضمن هذا السياق، وفي إطار هذه القراءة، تقتضي الموضوعية في التحليل أن نبحث في الشمال السوري عن الثمن الذي يمكن أن تقبضه تركيا، لقاء صفقتها مع الحكومتين؛ التي لا يمكن أن تتم دون موافقة أمريكية!!.

طبيعة ذاك الثمن، وحدوده الجيوسياسية نعرفها من خلال متابعتنا للإعلام السوري المعارض، المؤيد للمشروع التركي!!.

في مقدمة مقاله على صفحات نينار برس، يؤكد الأستاذ المحترم أسامة آغي أن: حرب تحرير منبج وتل رفعت، باتت قاب أيام قليلة، فثمة من يؤكد أن مشروع المنطقة الآمنة يحتاج إلى عتبة أمان للمناطق المحررة، هذه العتبة تبدأ بطرد ميليشيات ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية من هاتين المنطقتين الهامتين.[2] فهل ستكون منبج، وتل رفعت، هما الثمن؟.

على الأرجح، سواء من خلال مسرحية حرب، تم الاتفاق مسبقاً على مسارها وأهدافها، أو حتى بدون حرب، وهل ستدفع الولايات المتحدة لتركيا ثمن مواقفها بأجزاء من فلوريدا أو ميامي!.

الثمن من الجغرافيا السورية، وعلى حساب سيادة الدولة، ومصالح جميع السوريين، وليس ثمة غرابة، طالما نحن أمام قوى احتلال، تمارس لعبة تبادل مصالحها الخاصة، أو المشتركة، على حساب الدولة المُحتلَة، ومصالح شعبها!.

كل هذا مفهوم، وطبيعي، في لغة السياسات والمصالح المشتركة بين الدول الإمبريالية، وشركائها في الإقليم، وأذرعهم السورية!. غير المفهوم، والذي من الواجب الوطني الإشارة إليه، والتنبيه من أخطاره، هو مواقف المعارضات السورية!.

لسنا هنا بوارد الحديث عن تناقضاتها، وانفصال وعيها السياسي عن الواقع، ومثالية خلفياتها الإيديولوجية، وما خلفته من فشل تاريخي في قيادة حركة التغيير الديمقراطي، وانقسام ولاءاتها للقوى المتصارعة،(قوى الثورة المضادة الخارجية، الإقليمية والدولية، وأذرعهم الميليشياوية السورية)؛ وهي قضايا خطيرة، وتستحق إعطائها كل الاهتمام!.

النقطة التي أجد من مصلحة السوريين التوقف عندها هي تقاطع و تساوق مواقف، وما تروج له، جميع نخب المعارضات، سواء التي تقف في الخندق التركي، وتوابعه الخليجية، أو التي تقف في عداء له، (وبالتالي موضوعياً، في خندق الولايات المتحدة، وروسيا وإيران)، في تغييب طبيعة الصراع – بما هو صراع بين اهداف مشروعين رئيسيين، متنافسين، بجميع الوسائل، للسيطرة على سوريا – أمريكي/تركي – والتركيز على مظاهره، وما يروج اطرافه الخارجية من دعايات، تختصره بصراع بين تركيا و الأكراد، لإخفاء الحقيقية، وتضليل الرأي العام، و لتمويه مسؤولية السيد الأمريكي، الحامي والراعي الأول، وقائد الأوركسترا العظيم؛ بما يؤكد على دور الصدى الذي تمارسه المعارضة السورية في صناعة رأي عام سوري مفصول عن الواقع!!.

فهدف الحرب التي تقرع طبولها تركيا، كما ورد في مقال الأستاذ أسامة آغي، الذي تتقاطع رؤيته مع وجهة نظر الائتلاف، هو خلق عتبة أمان للمناطق المحررة، في مواجهة ميليشيات ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، دون الإشارة لدور القوى الحقيقية المهيمنة على المناطق التي ستصبح بعد التحرير عتبة أمان، أمريكا وإيران وروسيا!، هي تماماً نفس الرؤية التي تقدمها معظم أقطاب المعارضات الديمقراطية!.

لنقرأ في كلام بالغ الوضوح، والدلالات[3]:

نقولها بكل وضوح وحزم: نقف ضد العدوان التركي، وأي عدوان آخر، على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

يبدو جلياً أن مَن يُهلل للعدوان التركي الذي يتخذ من قسد ذريعة، ويحول الكرد إلى عدو، أو الذين يجيشون الرأي العام لمواجهة عدوان تركي محتمل، تحت يافطة حماية الكرد، وإدارتهم الذاتية، الديمقراطية، يعملون معاً على تغييب طبيعة الصراع، بما هو صراع لتقاسم الحصص ومناطق النفوذ بين النظام التركي ومنافسيه في المحور الأمريكي/الروسي/الإيراني، وتحويله إلى حروب قومية بين الترك والعرب والكرد؛ ولا يأخذون بعين الاعتبار ما سينتج من عواقب وخيمة على مصالح السوريين الوطنية المشتركة، وتعمقه من أسباب تفشيل الدولة السورية؛ بغض النظر عن الطرف الرابح!!.

إذا كان من الطبيعي أن تعي سلطات الأمر الواقع، أذرع الثورة المضادة الميليشياوية، طبيعة الدور الذي تمارسه، المتوافق مع وظيفة قيادتها، يبقى الأمل بأن تغلب شخصيات وقوى المعارضات السياسية المصلحة الوطنية السورية على ما سواها من حسابات خاصة!
السلام والعدالة لسوريا المنكوبة، وشعبها الضحية!!.


[1]– الذي يحاول الحفاظ على المصالح الحيوية للدولة التركية، التي نجحت السياسيات التركية في بنائها خلال سنوات العقد الأول، وأضعفتها نتائج الخيار العسكري الطائفي، وعملت قوى المحور الأمريكي والروسي على تجاهلها وتهميشها، لصالح تمدد إيران واسع النطاق؛ متخذاً من قسد ذريعة، لا أكثر، وعلى حساب المصالح المشتركة للسورين، كردا وعرباً!.

[2]https://ninarpress.net/?p=14495

[3]– الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا هي ما تبقى، وله وزن نوعي هام، من الثورة السورية.(!!) تراجعها يعني تراجع قدرات الحركة الديمقراطية السورية. وهزيمتها سيعني، استكمال هزيمة الثورة السورية(!!) والقضاء التام، وإلى مرحلة ستطول كثيراً، على الحركة الديمقراطية للشعب السوري. حينها، فقط وفعلاً، يكون قد خرج تقرير مصير الشعب السوري من أيديه تماما(!!).

لذا فإن المبتهجين للعدوان التركي والمطبلين له، بهذا المعنى، يقفون في موقع أعداء تحرر الشعب السوري وحركته الديمقراطية، واعين بذلك أم لا، مهما تلطوا بادعاءات رنانة.

نقولها بكل وضوح وحزم: نقف ضد العدوان التركي، وأي عدوان آخر، على الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

الدكتور غياث نعيسة، مؤسس وقائد تيار اليسار الثوري والقيادي الأبرز في لجان الديمقراطية السورية – أمارجي.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني