fbpx

المعارضة السورية السير بالاتجاه الخاطئ

0 462

تقترب المعارضة السورية بشكلها الحالي المتمثل بالائتلاف الوطني لقوى الثورة وهيئة المفاوضات بمن فيها ممثلوها باللجنة الدستورية شيئاً فشيئاً من الرؤية الروسية للحل في سوريا، بل ويكاد يصل هذا الاقتراب حد التطابق في التفسيرات والرؤى مع التفسير الروسي بما يخص تفسيرات القرارات الدولية، خاصة المتعلقة بشكل هيئة الحكم ذات الصلاحيات التي أشار إليها القرار 2254 وهو ما يفسر ما يصدر عن ممثلي الهيئة في اللجنة الدستورية من تصريحات والورقة التي تم تقديمها للمبعوث الدولي غير بيدرسون والتي خلت من الإشارة لأي انتقال سياسي فيما حملت إشارات واضحة للقبول بانتخابات رئاسية وهو ما يتسق مع الرؤية الروسية للحل والتي عملت على إفراغ القرار 2254 من مضمونه عبر تخطي التراتبية التي جاء بها والقفز على شرط البيئة الآمنة وتشكيل هيئة الحكم مباشرة إلى صياغة دستور أو تعديلات دستورية، ومن ثم الذهاب لانتخابات رئاسية وهذا ما يريده نظام الأسد أيضاً لإظهار أن ما يجري من مفاوضات هو تحت سقف النظام، لذلك عمل خلال الجولات السابقة على تعطيل عمل الجولات وإغراقها بالتفاصيل ومن ثم تسييرها وتعطيلها وتأجيلها حسب ما يراه مناسباً فيما تقف المعارضة موقف المتفرج معتمدة على ردّات الفعل مما يصدر عن النظام، وهو ما صرح به أكثر من عضو في اللجنة الدستورية من طرف المعارضة بأنهم ذاهبون ليحرجوا النظام فقط وهذا مالم يظهر للمتابعين، فقد سيّر النظام الجولات السابقة كما يرغب وها هو يفرض إيقاعه على الجولة الرابعة ويستعجل ربما الوصول لدستور يخدم إعلانه عن انتخابات رئاسية منتصف العام القادم قبيل أن تبدأ الإدارة الأمريكية الجديدة عملها بشكل جدي.

وهذا ما يفسر موافقته على عقد جولتين متتاليتين بعدما توقفت المفاوضات عند الجولة الثالثة لعدة أشهر بسبب تعنته وعدم موافقته. 

تعتمد الرؤية الروسية للحل والتي يبدو أنها تفرض نفسها على المعارضة أيضاً على جعل مخرجات أستانا وسوتشي أساس الحل وبالتالي إفراغ القرار 2254 ومبادئ جنيف من مضامينها وإقصاء فكرة البيئة الآمنة وهيئة الحكم لصالح دستور وانتخابات تتشارك بها المعارضة مع النظام. 

موافقة المعارضة على هذه الرؤية لها ما يفسرها فقد بدأت تظهر تلك المتغيرات بعد منعطفين أساسيين مرت بهما. 

الأول هو قبول المعارضة بشكلها العسكري بمخرجات أستانا وتراجعها، الذي بدأ قبل ذلك بعيد سقوط حلب وخوضها معارك جانبية مبتعدة عن هدفها الرئيس بإسقاط النظام. 

والثاني هو مؤتمر الرياض2 الذي يفسر ما تلاه من تنازلات قدمتها المعارضة السياسية بدءاً من القبول باللجنة الدستورية وصولاً لمحاولة تشتيت الحل السياسي عبر تشكيل لجان أخرى كما اقترحت الورقة التي قدمتها المعارضة في نهاية الجولة الرابعة.

لعل التفسير الأكثر منطقية لهذا التقارب بين المعارضة السورية بشكلها الحالي والرؤية الروسية، هو ما يقول: بأن القرارات الدولية ومبادئ جنيف تجرد المعارضة الحالية من أية مكاسب سياسية شخصية، إذ يمنع تشكيل هيئة الحكم أعضاء الائتلاف والمؤسسات التي نتجت عنه من ممارسة أي دور سياسي في المرحلة الانتقالية، وكذلك يمنع النظام الداخلي للائتلاف أعضاءه من ممارسة أي دور أو الترشّح لمناصب سياسية، كما يعتبر بحكم المنحل بمجرد تشكيل هيئة الحكم.

على عكس الرؤية الروسية التي تعطي المعارضة الحالية نوعاً من المشاركة بالحكم سواء عن طريق مشاركتها بالانتخابات أو من خلال حكومة تقوم على المحاصصة، وبالتالي فإن المعارضة السورية ومنذ قبولها بالرؤية الروسية من خلال الموافقة على مخرجات أستانا وسوتشي فإنها تسير بالاتجاه الخاطئ الذي قادها لتقديم تنازلات كبرى دون أن يكون هناك ثمن لهذه التنازلات يعود بالنفع على السوريين. 

لذلك فإن استمرارها بهذا الطريق سيؤدي لتنازلات كارثية يدفع ثمنها السوريون ربما لعقود قادمة، ما يضع النخب السورية أمام واقع جديد يفرض عليها التوحد والتشكل من جديد لحماية ما خرج السوريون من أجله وإيقاف النزيف في حقوقهم، الذي تسببت به سياسات المعارضة الحالية من تنازلات كبرى دون أي ثمن يذكر ودون أن ينعكس ذلك على السوريين، كما يستلزم من المعارضة الحالية /الرسمية/ التنازل عن طموحاتها الفردية ومكاسبها الشخصية وتقديم اعتذار للسوريين عن التنازل الذي قدمته والتفريط بحقوقهم لعلها تستدرك الوقت الذي أهدر في مفاوضات لا طائل منها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني