fbpx

المسرح الغنائى فى مصر.. تكامل عربي صنع فناً

0 448

بدأ المسرح الغنائى فى مصر فى أواخر القرن التاسع عشر، ومنذ ذلك الحين بدأ التطور في المسرح الغنائي وكان يسير فى خط متواز مع الغناء الفردي، ومع دخول القرن العشرين استحوذ المسرح الغنائي على الساحة الفنية وكثرت الفرق المسرحية، وأول حامل للواءه كان أبو خليل القباني الذي ترك سوريا وأقام في الإسكندرية من أجل المسرح ولقب من المنظرين فى مجال المسرح بأنه رائد المسرح العربى وقدم العديد من المسرحيات الغنائية فهو أيضاً كان ملحناً بارعاً، وبعد قدومه للإسكندرية قدم أعماله للجمهور الإسكندري الذى رحب به، ومن أعماله أنس الجليس.

وقد استحوذ شكل الأوبريت على الأعمال المقدمة، ربما لأنهم وجودوا فيه ضالتهم لتقديم المسرح الغنائي بشكل يروق للجمهور، ويقدمون من خلاله أفكارهم البعيدة عن التعقيد الموسيقي.

والأوبريت هو عمل فني أُخذ من الأوبرا الهزلية الفرنسية (الأوبرا بوفا) مع بعض الاختلافات، فهو أقصر في المدة الزمنية، فيه فواصل كلامية غير مغناة، ألحانه أبسط، بعيدة عن التعقيدات، كان يُقدم من أجل الترفيه. ورغم ذلك استطاع سيد درويش أن يصنع منه فناً مقاوماً ممزوجاً داخل ذلك الترفيه المحبب للجمهور.

وقبل الاستفاضة عن التعاون العربي فى المسرح الغنائي كان لابد من التنويه عن نشأة المسرح فى مصر، فقد دخل المسرح المعاصر إلى مصر على يد يعقوب صنوع الملقب بأبي نظارة عام 1876 ولإجادته اللغتين الفرنسية والإيطاليه قام بترجمة الكثير من الأدب الأوربي وقدمه، فأطلق عليه مثقفو عصره اسم موليير مصر، ونتيجة انتقاده للأمراء وظلمهم، أغلق الخديوي إسماعيل مسرحه.

جاء من بعده الأخوان نقاش سليم ومارون من الشام بعد تقديم عروضهما فى سوريا ولبنان واستقرا فى الإسكندرية، وبعد دخول القرن العشرين توالى تأسيس الفرق المسرحية وكان الاسم الأبرز هو جورج أبيض اللبناني الأصل والذى لقب بـ “أبو المسرح”، درس المسرح في فرنسا وعند عودته 1910 أسس فرقته المسرحية وكان الأوبريت أو المسرح الغنائي في مقدمة ما كان يقدمه جورج أبيض، وهو أول من أشرك النساء للقيام بأدوارهن بعد أن كان يؤديها الرجال، وكان المنافس لجورج أبيض فى ذلك الوقت فرقة مسرح الرواد للمسرح الكوميدي لـ “نجيب الريحاني وعلي الكسار.

وعندما كان الأوبريت أحد دعائم المسرح فى تلك الفترة ظهر الملحنون القائمون على تقديم هذا النوع، فكانت البداية مع سلامة حجازي الذي قدم بالتعاون مع فرقة حداد والقرداحي – وهما من دمشق أيضاً – الكثير من المسرحيات قبل أن ينفصل عنها ليؤسس فرقته وأثمر هذا التعاون عن مسرحيات (مي وهوراسي – عايدة – هارون الرشيد) وغيرها.

ثم تأتي مرحلة النضج للمسرح الغنائى على يد سيد درويش بالتعاون مع رائد المسرح العربي جورج أبيض لينتجا أعظم المسرحيات الأوبرالية (فيروز شاه – الهواري)، ويتابع سيد درويش خطواته الثابتة في مجال تلحين الأوبريت مع علي الكسار وفرقته الخاصة لكن تعاونه مع نجيب الريحاني (العراقي الأصل) كان له خصوصيتة فالأوبريتات التى قدمها مع الريحاني كانت الاشهر لما تخللها من خط سياسي مقاوم للاحتلال، وصل عددها إلى اثنتي عشرة أوبريت مثل (العشرة الطيبة) التي تخللها عدة أغنيات مثل (علشان ما نعلى ونعلى ونعلى لازم نطاطي نطاطي) ، وأوبريتات (اش – قولوا له – كل يوم من ده) والتي قدم من خلالها لأغان تعنى بحياة البسطاء من الحرفيين والموظفين. وكان اقتراب درويش والريحاني من الناس وتجسيد حياتهم اليومية وزرع روح المقاومة من خلال ما قدماه سبباً كبيراً في شهرته، حتى عما قدمه سيد درويش بعد ذلك مع فرق أخرى.

وعليه نجد أن المسرح المصري بشكل عام والغنائي بشكل خاص كان تكاملاً فنياً عربياً ولم يكن السؤال عن الهوية له محل من الإعراب فى المجتمع.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني