اللجنة الدستورية الدولية
إن تناول اللجنة الدستورية التي تشكلت أممياً لتكون مقدمة لحل المسالة السورية. رغم أن هذه اللجنة وكل ما تشكل لاحقا هو قراءة المبعوث الدولي السابق ستيفان ديمستورا الذي كان يقرأ جيداً انطلاقًا من دافعين رئيسين بالنسبة له: الدافع الأول قراءته للموقف الأمريكي ومعه موقف دول الفيتو في مجلس الأمن الدولي، والدافع الثاني تجديد عمله السنوي كمبعوث أممي في سورية، ديمستورا الخبير بعمل مثل هذه المؤتمرات والاجتماعات الأممية وما يصدر عنها من قرارات.
شكل ديمستورا مجلساً استشارياً نسوياً لم يكن منصوصاً عليه في قرار جنيف 2254، القرار الدولي من المفترض أن يبدأ ببحث آليات الحكم الانتقالي وما يتفرع عنها. هذه الخلفية التي حكمت ما عرف بالاقتراح الديمستوري.
اللجنة الدستورية التي تشكلت في 23 أيلول 2019، لم يكن النظام والمعارضة قبلها قد ناقشوا هذه المسألة من قبل، النظام لم يكن يحلم بمثل هذا الحل الديمستوري للتخلص من موجبات قرار جنيف، والمعارضة الرسمية التي أعلنت وفاة المعارضة المعبرة عن الثورة منذ وافقت على تأسيس الائتلاف، هذه المعارضة وصلت لما وصلت إليه معظم شخصياتها نتيجة لهذا التعفن. لم يناقشوها بوصفها حلاً تزمينياً للوضع السوري من أجل مزيد من تعفينها، مزيد من الابتعاد عن نقاش أية مسألة أساسية كهيئة الحكم الانتقالي أو ما عرف بملف المعتقلين، الذي تحول لـ “سبوبة” على حد تعبير أشقائنا المصريين. كما تحولت فضاءات غيرها لـ “سبوبة” أيضاً.
ديمستورا اختار مع النظام المجلس الاستشاري النسوي، طبعاً دون أن ننسى أن هناك دولاً أخرى شاركت في ترشيح أسماء نساء أخريات. لهذا يمكننا الآن مناقشة اللجنة الدستورية التي تشكلت دولياً. لكل دولة أسماء بعينها. حتى من اقترحتهم المعارضة ومنظمات المجتمع المدني. هذه التعيينات تصب في مصلحة ديمومة انعقادها وعدم انعقادها. بمعنى أننا أمام لجنة دستورية صورت وصدرت على أنها “ستشيل الزير من البير” كان الغرض من تأسيسها هو دخول قرار جنيف في مستنقع التزمين. هذا الأمر لا يعني تخويناً لأحد. لكننا أمام حالة خائنة شكلتها الدول الفاعلة في الملف السوري. منذ اقترحت إحدى الدول السنة الثانية للثورة على المعارضة أن تشكل حكومة مؤقتة، لتكون بداية التزمين والشرذمة وإجهاض الثورة، وكل ما أتى بعدها لم يخرج خارج هذا الفعل الأمريكي بامتياز. تعفين الوضعية السورية برمتها. هذا التدخل الدولي والإقليمي الكثيف والقاتل للشعب السوري. أي إن تلك الدول المتدخلة هي التي عينت هذه اللجنة الدستورية بهذا الشكل أو ذاك، مباشر أم غير مباشر. لهذا من المستحيل معرفة كنه هذه الخطوة الديمستورية دون معرفة أن أمريكا أرادت تحويل سورية إلى مذبحة أسدية.
الدفاع عن اللجنة الدستورية يشبه الدفاع الآن عن دعوات المصالحة المنتشرة هنا وهناك. ذكرتني هذه المحاولات بالمرحوم برونو كرايسكي مستشار النمسا أيام الثمانينيات، الصديق “القابض” المقرب للأسد الأب. الذي يعيش مركزه على جزء من تمويلات تدعو للمصالحة السورية – السورية!! لهذا عند مناقشة اللجنة الدستورية يجب معرفة من هي الدول التي وافقت عليها وعينت مبعوثيها فيها. دون ذلك يصير الحديث عن هذه اللجنة كالحديث عن قانون قيصر بصيغته البايدينية (نسبة للسيد بايدن). التهجير والاقتلاع والقتل والاعتقال والتدمير الممنهج روسياً وإيرانياً وأسدياً كان بموافقة أمريكية/دولية. لهذا لم يعد هنالك من داع لنقاش جدوى أو عدم جدوى عمل هذه اللجنة.