fbpx

الكلمة وكاتم الصوت

0 255

شهدت الفترة ما بين عامي 2013-2014 في (مدينة الباب) شمال شرق سورية، تضييقاً على النشطاء والإعلاميين، وملاحقتهم وتعرضهم للسجن أو القتل، مع بداية ظهور داعش، وأصبحت (مدينة الباب) مسرحاً للفوضى والفلتان الأمني، وبعد خروج التنظيم شهدت المنطقة نوعاً من الاستقرار لم يدم، لتظهر الجرائم ثانية وتطال الإعلاميين. 

تختلف الانتهاكات بحق الإعلاميين، سواء بالاعتقال أو الاغتيال أو التهديد، من أجل مصادرة حقهم في حرية الكلمة والتعبير.

 منذ عدة أيام نجا مراسل تلفزيون سورية بهاء الحلبي، من محاولة اغتياله بطريقة وقحة من قبل ملثمين، وأصيب بثلاث رصاصات أثناء قيادته سيارته الخاصة، وتم إسعافه إلى المشفى حيث أجريت له عملية جراحية وحالفه الحظ بإنقاذ حياته، وعودته سالماً إلى منزله بتاريخ 8/1/2021 

ولم يكن الحظ حليفاً للناشط الإعلامي حسين خطاب، الذي تعرض للاغتيال بتاريخ الثاني عشر من كانون الأول 2020، من قبل اثنين من الملثمين، كانا يركبان دراجة نارية، أثناء وجوده وسط مدينة الباب، وتصويره لتقرير صحفي.

كما يتعرض الإعلاميون للاعتقال، وتتنوع التهم الصادرة بحقهم، إما التخابر مع النظام، أو اتهامهم بالردة، أو التطاول على أولي الأمر والسلطة في المنطقة، وغيرها الكثير من الاتهامات التي تبيح دمهم، وتستهدف حريتهم وتصادر كلمتهم وكاميراتهم.

فقد طالت الكثير من الشائعات الناشطة نور الشلو، التي اعتقلت بتاريخ 19/9/2020 ومكثت أكثر من ثلاثة أشهر في سجون إحدى الفصائل، وترددت شائعة بصدور حكم الإعدام بحقها، ما دفع العديد من النشطاء وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، لإطلاق حملات حشد ومناصرة لقضيتها، على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل إطلاق سراحها، وقد تم الإفراج عنها بتاريخ 4/1/2021.

ولا يختلف الحال بين شمال شرق سورية، غربها، فقد تعرض الإعلامي عبد الفتاح الحسين للاعتقال، من قبل أحد الحواجز في محافظة إدلب، أثناء مروره مع عائلته بسيارته، حيث تم اعتقاله أمام عائلته، واصطحابه إلى جهة مجهولة، ليتم إطلاق سراحه بعد عدة أيام.

وحسب رأي الإعلامي فايز الدغيم: أهم أسباب التعدي على الإعلاميين وجود الفساد في مناطق النزاع، وسعي الإعلاميين لتسليط الضوء على بؤر الفساد، ومحاولة كشف الحقائق، وانتقاد الأخطاء، ما يزعج القوى المسيطرة ويدفعها للتضييق على الإعلاميين، بالإضافة لوجود خلايا نائمة للنظام تستهدف الإعلاميين. 

وأضاف الدغيم: في ظل تعدد الفصائل والجهات المسيطرة على الشمال، وإقدام الإعلامي على إجراء تقرير أو مقال، ينتقد فيه خطأ يقترفه فصيل معين أو سلطة محددة، فيتعرض للمحاسبة.

ويتابع الإعلامي فايز حديثه قائلاً: لا توجد جهة قادرة على حماية الصحفي، علماً أنها من مهام القوى المسيطرة على الأرض.

وحتى في حال تعرضه للتهديد أو الإساءة، وتقديم شكوى للمحكمة، كما حدث مع بعض الإعلاميين، حين اعتدى عليهم عناصر من هيئة تحرير الشام، أثناء تغطيتهم للمظاهرات على طريق m4، وبعد عدة جلسات في المحكمة، لم يحصلوا سوى على اعتذار، دون محاسبة الفاعلين.

أما الإعلامية حنين السيد ترى أن الانتهاكات بحق الإعلاميين، تتم من قبل جهات تختلف باختلاف الأمكنة، فالجهة التي تهدد الإعلامي الموجود في إدلب غير الجهة التي تهدده في ريف حلب الشمالي أو الشرقي، ففي كل منطقة توجد جهة مسيطرة تحارب الكلمة، مثل خلايا داعش والنظام.

وتتعدد الأسباب وراء تعرض الإعلامي للقتل أو الاعتقال، منها الفكر المعاكس، فالإعلامي يختلف فكره عن فكر أصحاب السلطة، ما يدفعهم لممارسة سلطتهم وقمع الرأي المخالف لهم، كما أن عمل الإعلامي على نقل الحقيقة، والحديث عن الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون، من قبل القوى المسيطرة على الأرض، يعرضه لخطر الخطف والقتل والاعتقال.

أما عن سبب عدم الكشف عن القتلة ومحاسبتهم أضافت السيد: يرجع الأمر إلى تبعية الفاعلين إلى قوى معينة ضمن المنطقة، ما يؤدي إلى عدم قدرة الإنسان المدني أو الإعلامي من مقاضاتهم.

ولدى سؤالها عن سبب عدم وجود نقابة للصحفيين تدافع عنهم قالت: السبب في عدم وجود نقابة للصحفيين، هو عدم وجود حكومة عادلة، أو حكم واحد، أو جهة واحدة مسيطرة، تحترم حرية الرأي، أو بالأصح دولة تتيح قيام نقابات، وبالرغم من القول إن الشمال السوري محرر، إلا أنه يفتقد للحرية، التي تمنحنا القدرة على الكلام والتعبير، دون الخوف من القتل أو الخطف.

وترى أن الحل الوحيد، لحماية الإعلامي الذي يتعرض للتهديد، منحه بطاقة تخوله الدخول إلى تركيا، أو السفر إلى الخارج.

في ظل الفوضى الأمنية، التي يشهدها الشمال السوري، وعدم صون حرية الإعلامي وحياته، يبقى الأمن والأمان هو حلم كل سوري، ويبقى الألم والحزن على ثورة كانت من أجل الحرية والكرامة، ولكنها تحولت إلى فوضى وتنافس للسيطرة على الأرض والناس.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني