fbpx

الخطة الأمريكية لإنهاء المشروع الإيراني

0 424

المواجهة الأمريكية مع المشروع الإيراني هي حتمية، ليس لأن إيران رفعت شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل، وهو مجرد خطاب شعبوي، يصدر عادة عن الحكومات والدول الشعبوية، ولا يتعلق الأمر بأمن إسرائيل فقط كما يحاول بعض القومجيين العرب تصويره، ولكن لأن المشروع الإيراني غادر الجغرافيا السياسية الإيرانية، وانتقل لأداء دور إقليمي غير منضبط وراح يسير خارج السياق، بمعنى أنه يتجاوز مفهوم الاستقرار العالمي بأبسط صوره، ثم تجاوز المشروع الإيراني الدور الإقليمي، فاستفاق العالم على دولة تقوم بأفعال غير مقبولة، خصوصاً أنها تقف على فوهة وعصب الاقتصاد العالمي النفطي، ثم مساسها بالأمن المائي نتيجة اعتراضها ناقلات النفط وتفجير بعضها، وهو الفعل الذي أخرج إيران إلى دائرة التحدي العلني لمصالح الدول العظمى، ما أدى إلى تشكيل أول قوة عسكرية دولية رادعة في الخليج العربي، ولم تكن تلك القوة سوى مؤشر على مدى الخطر الإيراني على المصالح الدولية، جعل من فكرة إنهاء الدور الإيراني في المنطقة ضرورة لا بد منها.

تأجيل المواجهة العسكرية:

ربط كثير من المحللين السياسيين بين إقالة بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق وبين تراجع احتمالات الحرب بين أمريكا وإيران، وهذا صحيح ولكن ذلك لا يعني انتصار إيران، بقد ما يعني أن أوليات المواجهة الأمريكية ما هو أهم من مواجهة صاروخية قد لا تحقق المعادلة السياسية المرجوة منها، لأن إيران في النهاية دولة لا تكترث لما ستفقده من خسائر مادية أو بشرية، مع التذكير بتجربة الحرب الإيرانية/العراقية الطويلة ورفض إيران حتى آخر لحظة فكرة إنهاء الحرب رغم التكلفة البشرية عليها. لذلك إن المعالجة العسكرية المباشرة لا تجعل الحكومة الإيرانية تكترث، وإذا كانت مسألة الضغط الاقتصادي قد أفلحت في إحداث شقاق داخلي في إيران، فإن آثار هذه المسألة كانت واضحة لدى وكلاء إيران في العراق وسوريا ولبنان وغزة، حيث تسببت الأزمة الاقتصادية الداخلية في إيران بانكماش قدراتها المالية عن وكلائها في هذه الدول، ما يعني أن نتائج الضغط الاقتصادي على إيران مثمرة.

الخطة الأمريكية لوقف المشروع الإيراني:

قوة إيران الحقيقية لا تكمن في قدراتها العسكرية التي لا تساوي شيئاً أمام القدرات الأمريكية، لكنها تكمن في مسألة الفوضى التي يمكن لإيران أن تقوم بها عبر وكلائها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، خصوصاً أن هذه المليشيا لا تعني إيران من الناحية العملية أكثر من مجموعة أرقام، تقوم بتنفيذ مهمات قذرة تصب في نهاية الأمر في خلق الفوضى في المنطقة، ما يجعل فكرة التفاوض مع إيران بمثابة الحل السحري الذي تتخيله إيران، وبما أن المفاوضات مع إيران لن تكون وفق ما تتمناه القيادة الإيرانية التي تريد أن تخرج منتصرة من المعادلة، لذلك باتت المعادلة الأمريكية تتمثل في مسألتين، الأولى تقليص الأذرع الإيرانية العسكرية في سوريا، وهذا ما تم خلال الفترة الماضية من خلال الضربات لمنشآت حزب الله والمليشيا الإيرانية الرديفة في سوريا والتي تنسبها إيران لإسرائيل، وبهذه المواجهة التي تنسبها لإيران لإسرائيل تتحقق معادلة عسكرية رادعة خصوصاً في سوريا وبعض المناطق العراقية التي شهدت في الفترة الماضية قصفاً طال مستودعات للصواريخ تابعة للمليشيا العراقية.

المعادلة الاقتصادية هي الأكثر جدوى، وقد طالت كل من العراق ونظام الأسد ولبنان، لذلك فالتظاهرات التي شهدتها إيران على أرضها، باتت تشهدها في كل من العراق ولبنان، وبسبب الظروف الاستثنائية للقتل الذي يقوم به نظام الأسد، فقد كان من الممكن اشتعال ثورة سلمية جديدة في سوريا، غير أن ما حدث مؤخراً من صراع العائلة المالكة مخلوف/الأسد وأسماء الأسد، إنما يعكس واقع تلك الأزمة الاقتصادية، التي أصابت هذه المرة رأس الهرم في سوريا، لكن مع الفارق، أن صراع نظام الأسد هو صراع تقاسم الحصص في الوقت الذي باع فيه رأس النظام اقتصاد سوريا لإيران وروسيا بغية البقاء وبات يدفع فواتير هذه التكلفة من جيب أبناء العائلة ذاتها.

بالنتيجة، في العراق ثمة انقسام هائل بين المليشيا المفلسة والتي تعيش على نهب العراق وبين العشائر وعموم الشارع العراقي الذي يواجه الأزمة الاقتصادية، وفي لبنان بات الشعب مستنزفاً بشكل مباشر من مليشيا حزب الله، وفي سوريا بينما ينهار الاقتصاد ويموت الناس جوعاً، يأكل رأس القوم بعضهم بعضاً، والسبب واحد، وهو أن إيران تريد أن تسرق من هذه الشعوب لكي تستمر بالبقاء وهي التي كانت بالأمس تنفق من أموالها على ذات الحاشية لشراء ذممهم.

خاتمة:

من المهم جداً أن نتجاوز فكرة الطرح الطائفي لدى توصيفنا لإيران، لأن حكومة إيران لا يعنيها شعبها، ولا يعنيها الشيعة ولا غيرهم، وهي فقط تستثمر من يضع نفسه تحت لوائها لا أكثر، فمثلما هناك ميليشيا شيعية هناك مليشيا سنية تنفذ أجندة إيرانية، وهناك يسار عربي وقوميين عرب داعمين لمشروع إيران، ولهذه الجماعات على اختلافها أسبابها الخاصة من خلال تبعيتها لإيران وربط مصيرها بالمصير الإيراني.

إن ملخص المشروع الأمريكي في مواجهة إيران يكمن في مسألة واحدة، أن الأمريكان يدفعون شعوب المنطقة وجميع من ارتبط بإيران إلى اختيار المصلحة على الإيديولوجيا، سواء كانت هذه الإيديولوجيا ذات شعارات طائفية أو مذهبية، أو ما يسميه بعضهم مشروع المقاومة، لذلك سوف نرى نتائج الخطوات الأمريكية على الساحة السورية بشكل واضح، التي ستزداد مع بدء تنفيذ قانون قيصر، الذي سيزيد من حدة الصراع بين مختلف الأطراف.  

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني