fbpx

الحرائق.. شبح النازحين في الشتاء، والمنازل الأسمنتية طوق النجاة

0 227

تتكرر الحرائق خلال فصل الشتاء في الشمال السوري مخلفة ضحايا، لاسيما في المخيمات القماشية المتلاصقة نتيجة استخدام وسائل التدفئة البدائية غير الآمنة، وافتقاد الخيام للحد الأدنى من إجراءات السلامة.

بتاريخ 10 كانون الثاني/يناير الحالي نشب حريق في مخيم “أرض المطار” في بلدة تل الكرامة بريف إدلب الشمالي، وأدى لوفاة طفلة وإصابة أخرى، واحتراق عدد من الخيام، وذلك نتيجة اشتعال مدفأة في إحداها، ثم امتدت النيران لتلتهم خمس خيام.

واعتبر الدفاع المدني خلال تقرير صدر عنه مؤخراً أن حرائق المخيمات أشد خطورة من الحرائق المنزلية بسبب طبيعة المواد المبنية منها، التي تكون في الغالب مواد سريعة الاشتعال (القماش والبلاستيك)، إضافة لوجود الوقود في الخيام ما يجعل الحرائق سريعة الاشتعال، وقد يصعب إطفاؤها مباشرة بسبب تلاصق الخيام وغياب أية فواصل بينها تمنع الانتقال السريع للحريق من خيمة لأخرى.

وتعود أسباب أغلب الحرائق في المخيمات لاستخدام مواد خطرة في التدفئة كالفيول والفحم والبلاستيك والنايلون ومخلفات قماشية وأحذية نتيجة تردي أوضاع المدنيين الاقتصادية، أو الطهي داخل الخيام لغياب أماكن مخصصة للطبخ في ظل ضعف الخدمات في المخيمات واكتظاظها، التي يبلغ عدد النازحين فيها أكثر من مليون مدني يعيشون في 1304 مخيمات، من بينها 393 مخيماً عشوائياً.

 

وبينت فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري أنها تجد صعوبة كبيرة في الوصول لمكان الحرائق في المخيمات، لاسيما في المخيمات العشوائية، التي تفتقد لطرقات تسمح بوصول سيارات الإطفاء، ما يؤخر الوصول لمكان الحريق، لاسيما إذا كان في عمق المخيم.

ويسعى الدفاع المدني السوري لتوعية المدنيين من خطر الحرائق سواء النازحين في المخيمات أو المقيمين في المنازل، وتقوم فرق التوعية بحملات خاصة بالحرائق على مدار العام تستهدف النازحين بالمخيمات، والمسؤولين عن المخيمات وطلاب المدارس والكوادر التدريسية، والمزارعين، والمدنيين في التجمعات السكانية، من خلال ترك المواد القابلة للاشتعال خارج المخيمات، إضافة إلى عدم استخدام أنواع من الوقود سريعة الاشتعال تكون فيها نسبة من الغازات، وتأمين مستلزمات تدفئة بشكل نظامي إن كانت مدافئ أو غيرها  التي لا تتسبب بأذى خصوصاً للأطفال داخل الخيام، مع ضرورة عدم النوم والمدافئ مشتعلة، ومحاولة إفراغ محيط الخيام قدر المستطاع، فضلاً عن إبعاد أي مواد قابلة للاشتعال عن المدافئ أو الغاز المنزلي، وعدم وضع الوقود بالقرب من مصادر النيران ومنع الأطفال من العبث بمصادر النيران، إلى جانب السعي لتبديل الخيم بأبنية أسمنتية أو إنشاء كرفانات للنازحين بدلاً من الخيام.”

وتجدر الإشارة إلى أن فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري استجابت لـ ثمانية حرائق في المنازل وفي مخيمات النازحين في الشمال السوري خلال الأيام العشرة الأولى من شهر كانون الثاني الحالي، وأدت تلك الحرائق لوفاة أربعة مدنيين، طفلان، ورجل وزوجته، إضافة لإصابة ثلاثة أطفال وامرأة.

وفي عام 2020 أخمدت فرق الإطفاء في الخوذ البيضاء أكثر من 2600 حريق، بينها أكثر من 120 حريقاً في المخيمات، ونحو 450 حريقاً في منازل المدنيين.

البيوت الأسمنتية طوق النجاة 

تسعى منظمات المجتمع المدني في ظل ظروف صعبة، لإيجاد حلول لمئات آلاف النازحين في شمال غرب سوريا من خلال توفير مساكن دائمة لهم، تكون بديلاً عن الخيام، يحظون فيها ببعض الاستقرار والخصوصية والأمان، وذلك من خلال استبدال خيام النازحين بمساكن مؤقتة، وبناء وحدات سكنية ضمن التجمعات.

وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قد أعلن مؤخراً عن استكمال بناء ثلاثين ألف منزل من الطوب للنازحين في إدلب شمال غربي سوريا، بنهاية شهر يناير/كانون الثاني الجاري.

وتعتبر “هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات” (IHH) من المنظمات الفاعلة في الشمال السوري، وتعمل على بناء وحدات سكنية للنازحين.

مدير المنظمة في منطقة درع الفرات حسن أكسوي يتحدث لـ “نينار برس” عن مشروع الإيواء بقوله: “عدم توفر السكن ﻣﻊ زيادة ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻪ، وخاصة بعد تزايد ﺃعداد النازحين، ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺇﻳﺠﺎﺭﺍﺕ السكن بشكل لا يتناسب مع ﺇﻣﻜﺎنياﺕ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻣﻊ ﻗﻠﺔ فرص العمل، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ تكاليف ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ، ﺍﻷﻣﺮ الذي انعكست ﺁﺛﺎﺭﻩ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ بشكل أكبر على المهجرين ﻭﺍﻟﻨﺎﺯحين، ﻣﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ بقاء العديد منهم ضمن ﺍﻟﻤﺨﻴﻤﺎﺕ العشوائية ﺃﻭ اضطرارهم للسكن ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺯﻝ مدمرة غير ﺻﺎﻟﺤﺔ للسكن.”

ويتابع: “نعمل في المنظمة على بناء ثلثين ألف منزل بسقف عازل نايلون، لتكون بديلة عن الخيام في عدة مخيمات موزعة على إدلب ومناطق درع الفرات.”

ويبين حسن أن الهدف من المشروع هو إيواء النازحين بأسرع وقت، واستبدال الخيم بجدران أسمنتية لمنع دخول الأمطار شتاء، ومقاومة الحرارة المرتفعة صيفاً، فمن شأن تلك الجدران أن تقاوم عوامل الطقس، وتحدّ من عمليات استبدال الخيم المهترئة بين الحين والآخر، وتضع حداً لمعاناة النازحين من البرد والسيول والحرائق.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني