عندما تتحول الأفكار الإبداعية إلى عمل، يحدث التغيير، وبتركيز عالٍ، ودقةٍ متناهية، وبتدريبات متواصلة لفريق مؤلف من ثلاثين شابة، افتتحت “منظمة “بارقة أمل” مركز فلاور تك لصيانة الجوال والتسويق الإلكتروني، ويعد هذا المشروع الأول من نوعه في الشمال السوري (محافظة إدلب)
نينار برس أرادت تسليط الضوء على هذا المشروع، فالتقت المشرفة عليه، الأستاذة “عبيدة محصي” من منظمة بارقة أمل حيث وضعنا أمامها الأسئلة المتعلقة بهذا العمل، فكان هذا الحوار.
س1- الحديث عن دعم المرأة السورية في شمال غرب سوريا (محافظة إدلب) ضرورة بكل المقاييس. ما برنامج منظمتكم بخصوص دعم المرأة؟ وهل تعتمدون على مشاركة حقيقية لها في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتشريعي؟ ما مقترحاتكم حيال ذلك؟
تمكين المرأة
“تسعى استراتيجية منظمتنا إلى تمكين وبناء قدرات المرأة السورية، وتذليل الصعوبات أمام مشاركتها في كل المجالات، لتكون عنصراً فاعلاً ورائداً في التنمية المستدامة، ولتتبوأ المكانة اللائقة بها، لتكون نموذجاً مشرّفاً لريادة المرأة في كل المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وذلك من خلال تحقيق جملة من الأولويات”. وتوضح السيدة محصي هذه الأولويات، فتقول:
تضمن هذه الأولويات توسيع نطاق مشاركة المرأة التنموية، وتساعد في الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتماسكه، من خلال تكامل الأدوار بين الرجل والمرأة، لبناء مجتمع قوي ومتماسك، قادر على مواكبة التغيرات المستجدة، وتوفير مقومات الحياة الكريمة والآمنة والرفاه الاجتماعي بأسس عالية الجودة للمرأة، وتنمية روح الريادة والمسؤولية، وتعزيز مكانة المرأة السورية في المحافل الإقليمية والدولية”.
وتضيف السيدة محصي: “بأن التمكين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للمرأة، وقدرتها على النجاح، وامتلاكها الصلاحيات لصنع القرارات، واتخاذ إجراءات بشأنها، هو حق إنساني أساسي”.
منوهةً: “تُشير الأدلة إلى إسهام التكامل بين الجنسين بشكل كبير في النهوض باقتصادات المجتمعات والتنمية المستدامة، مما يضمن حياةً أفضل للنساء والرجال والمجتمع ككل”.
مبينةً: “بأن مقترحاتهم حيال تمكين المرأة، هو تعزيز مبادئ هذا التمكين، من أجل تحقيق نمو شامل ومستدام؛ وتحدّي الصور النمطية للجنسين، وزيادة الوعي والدعم، للتصدّي للتمييز القائم على النوع الاجتماعي، على مستوى الفرد والأسرة، الذي يعوّق المرأة في المجتمع”.
س2- يعترض عمل ومشاركة المرأة السورية في إدلب معوقات عديدة. هل يمكنكم بيان طبيعة هذه المعوقات؟ ومن يقف خلفها؟ ما مقترحاتكم للالتفاف على هذه المعوقات؟
نريد دوراً ريادياً للمرأة
في إجابتها على سؤال نينار برس تقول السيدة محصي: “واجهت المرأة العاملة منذ بداية الثورة السورية العديد من التحديات والصعوبات بعد انخراطها في مجالات عدة، لتثبت نفسها، وتعزز دورها في المجتمع ولتصبح قادرة على التعبير، في ظل سوء ظروفها”.
وترى محصي “إنّ من أبرز الصعوبات التي واجهت النساء في سوريا بشكلٍ عام، وفي محافظة إدلب بشكلٍ خاص، هي القصف والتهجير من مكان لآخر، وعدم وجود الأمان والاستقرار، وعدم المطالبة بممارسة حقها في العمل والمساواة بين المرأة والرجل”.
وتضيف محصي: “عملت منظمتنا (بارقة أمل) بدورها كمنظمة مجتمعٍ مدني على تمكين وتعزيز دور المرأة سياسياً وفكرياً واجتماعياً واقتصادياً، من خلال تنفيذ العديد من التدريبات المهنية والعملية في مناطق مختلفة من الشمال السوري المحرر، وأبرزها مشروعنا هذا افتتاح مركز فلاو رتك (flower tech).
س3_ماذا يقدم مركز فلاور تك من خدمات؟
تسويق منتجات وصيانة الهواتف
تقول السيدة عبيدة محصي عضو منظمة بارقة أمل، حول ما تقدّمه منظمتها لجمهور النساء: “يعنى المركز بتقديم خدمة صيانة الأجهزة الجوالة (بشقيها سوفت وير وهارد وير) بأنامل نسائية مدربة بشكل جيد على أيدي خبراء ومدربين مختصين، بالإضافة إلى تسويق المنتجات والبضائع لكافة الشركات والمحلات، من مطاعم ومولات ومقاه، وغيرها حسب رغبة الزبون“.
وتشرح محصي الأمر أكثر فتقول: “بما يخص العمل بالتسويق الإلكتروني، نؤكّد على أن ما يشجع تلك الفتيات هو إمكانية ممارسة التسويق الإلكتروني كعمل حر، وفكرة جديدة في الداخل السوري، خاصة بالتزامن مع انتشار وباء كورونا، وانتقال الأعمال إلى الأجهزة الحاسوبية بشكل أكبر”.
وتتابع: “كان أول مشروع يرّوج الفريق له هو مركز (بيت ستي)، وهو أحد تدريبات بارقة أمل، ويُعنى بتعليم النساء على إنتاج احتياجات الأسرة السورية من المونة والمعجنات، وغيرها من الأمور بشكل مدروس لضمان الربح”.
وبالنسبة لصيانة الجوال تقول السيدة محصي: “كوننا مجتمع شرقي، درجت العادة أحياناً أن تتخلص العائلة من الجهاز في حال حدوث عطل به، خوفاً من وقوع بيانات مالكته بيد غير أمينة”.
وتتابع الأستاذة عبيدة “أن وجود مركز نسائي يمنح العائلات والرجال في مجتمعنا راحة نفسية كون الانثى هي من تقوم بصيانة الجهاز”.
س4_هل تعتبرون تقديمكم لهكذا تدريبات، وافتتاح مثل هذا النوع من المراكز، فرصة نجاحٍ وتقّبل بالمجتمع؟، وهل ساهم ذلك بدعم المرأة وتأمين دخل مادّي للعاملات فيه؟
النساء ينافسن الرجال على العمل
في إجابتها على سؤالنا تقول السيدة عبيدة محصي: “بأن على الرغم من أننا واجهنا الكثير من الانتقادات، إلا أنها منحت المركز تنافسية مع باقي مراكز الصيانة والتسويق الإلكتروني في المدينة”.
وأشارت السيدة عبيدة إلى “أن العاملات في المركز يعملون كفريق جماعي، لضمان جودة العمل النسائي ب في الصيانة وجودته، كون المتدربات خضعن لتدريبات نظرية وعملية على يد متخصصين، ويضمن المركز تعويض الأخطاء الناتجة عن الصيانة مثل باقي مراكز المدينة ضمن معايير العمل المتعارف عليها بالسوق”.
وعن فكرة المشروع قالت محصي: “بدأنا منذ تحرير إدلب على تمكين المرأة السورية في المنطقة من كافة الجوانب بعدة مشاريع، ولدينا مشاريع في تمكين المجتمع بالتعليم، مثل مدرسة أبناء الشهداء لبناء جيل جاهز للمستقبل، وأيضاً أقمنا دورات في تمكين المرأة سياساً، وتعريفها بدورها في المجتمع والدولة وغيرها العديد”.
واختتمت محصي” حديثها: “بأن المرأة السورية يوماً وراء يوم أثبتت جدارتها وقدرتها على تعلّم مهنٍ جديدة، تمكّنها من تطوير ذاتها، وخدمة مجتمعها، وتأمين دخلها واحتياجاتها الاقتصادية”.