fbpx

إصلاحيو الائتلاف المزعومون.. وقميص الشرعية والثورية المهترئ

0 374

تأسس ائتلاف قوى الثورة والمعارضة في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 2012، أي مضى على تأسيسه أقل من عشرة أعوام بقليل، وهو ائتلاف بين مجموعات المعارضة السورية، أريد له أن يكون ممثلاً شرعياً للسوريين أمام المجتمع الدولي والمؤسسات العربية والأممية.

هذا الائتلاف كبنية تنظيمية سياسية كان غير قابل للإصلاح البنيوي بسهولة، وهو أمر جعل من طبيعة البنى السياسية المكونة له بحاجة جدية إلى عقد تحالفات وتفاهمات فيما بينها، لتمرير مواقف وسياسات تتعلق بمسار الصراع بين الثورة السورية من جهة والنظام الأسدي من جهة أخرى.

البنى السياسية المؤتلفة أتت من خلفيات أيديولوجية مختلفة، ومن رؤى سياسية متباينة، وهي احتكمت لنظام أساسي يحكم مفاصلها وطرق أدائها السياسي.

وقد ظهر بالملموس ومنذ سنوات، أن مؤسسة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة كانت تبتعد شيئاً فشيئاً عن حاضنتها الثورية والشعبية، ما جعلها مؤسسة تنغلق على نفسها، يحكمها عجز قيادة السوريين في معركتهم مع الاستبداد وحلفائه، وهذه الحالة جعلت من الائتلاف مؤسسة غير قادرة على خلق مبادرات ثورية وسياسية تصحح مسار الثورة وتدفعه إلى الأمام.

إن موقف تنظيمٍ لا يعرفه السوريون، يسمى(حركة العمل الوطني من أجل سوريا)، من عملية التغيير والإصلاح في بنية مؤسسة الائتلاف هو موقف يدعو إلى طرح أسئلة بصورة مشروعة، سيما وأن هذه الحركة مؤسسة في المجلس الوطني وفي خليفته مؤسسة الائتلاف، كما يقول بيان (لجنتها المركزية) الصادر بتاريخ 29/4/2022.

سؤالنا الأول يتعلق بمسؤولية هذه (الحركة) عما لحق بالائتلاف من ترهل تنظيمي وسياسي طوال عشر السنوات المنصرمة، ما أدى إلى خسارة سياسية تتعلق بحجم التأييد الذي نالته هذه المؤسسة، وهو أمرٌ يجب الاعتراف أنه قاد إلى القبول بلعبة التفاوض غير المبنية على ميزان قوى سياسي وشعبي حاسم.

السؤال الثاني، المتعلق بدعوة (حركة العمل الوطني من أجل سوريا) لعقد لقاء تشاوري وطني، نستطيع القول، إن عقد هكذا لقاءات هو أمر مشروع وطنياً وسياسياً، ولكن غير المفهوم بهذه الدعوة التي وردت عبر بيان الحركة المعنية، هو لماذا لم تبادر وتناضل هذه الحركة لعقد مثل هذه اللقاءات طوال السنوات الماضية، رغم أن الصحافة السورية المناصرة للثورة كانت تطالب بعقد مؤتمر وطني جامع للسوريين، ينبثق عنه برلمان وطني مؤقت، يستطيع محاسبة كل انحرافات أو تقاعس أو عرقلة تضرّ بمسار الثورة وتقرّب السوريين من إنجاز مهام ثورتهم التي تريد تحرير البلاد من نظام الاستبداد الأسدي، ومن أي احتمال لعودة الاستبداد ولو بصورة جديدة.

السؤال الثالث نوجهه لمسؤولي “الحركة” وهو كيف تمّ تعديل النظام الأساسي للائتلاف؟ ألم يتم بطريقة التصويت الحر المباشر؟ فكيف يسوق البيان المركزي للحركة المعنية (أن رئيس الائتلاف قاد وزمرته المنحرفة عملية التزوير الممنهجة)، ما سيؤدي كما يقول البيان (إلى التفاف على الثورة السورية وأهدافها)؟!.

إن التصويت الإيجابي على نظام أساسي جديد للائتلاف، يتطلب تطبيق الصيغة التنظيمية الجديدة لهذه المؤسسة، بغض النظر عن نتائج التطبيق، فإذا لم يحدث ذلك، فكأن التصويت لا قيمة له، وأن النظام الأساسي الجديد مجرد ذرٍ للرماد في العيون المطالبة بالتغيير.

لقد تبيّن أن (حركة العمل الوطني من أجل سوريا) سيشملها تطبيق النظام الأساسي الجديد للائتلاف، وهذا يعني إزاحة هذه الحركة عن بنية مؤسسة الائتلاف، نتيجة عجزها التنظيمي في حشد السوريين ثورياً وسياسياً، ولهذا ذهب من خرج من أعضاء هذه الحركة من مؤسسة الائتلاف إلى محاولة تشويه عملية الإصلاح، من خلال تهم باطلة بحق رئيس الائتلاف المنتخب بصورة شرعية وفق النظام الأساسي السابق لهذه المؤسسة.

وفق هذه الرؤى، يمكن القول إن مشاركة أي جهة في تأسيس الائتلاف أو أي منظمة سياسية أو غير سياسية، هو أن هذه الجهة، لا يمكنها الادعاء بأنها مؤسس أبدي في هذا الكيان أو ذاك. فالتأسيس أو المشاركة فيه، ليست حقاً إلهياً تمتلكه الجهة، التي تعتبر نفسها ذات حق تاريخي في استمرارها بقيادة مؤسسة الائتلاف أو غيره، أليس ذلك يشبه في التراث الإسلامي ما سمي (قميص عثمان) الذي سيكون حجةً.

وباعتبار أن (حركة العمل الوطني) تمّ استبعادها بصورة قانونية وفق النظام الأساسي الجديد، فلا يحق لها الادعاء بأن هناك مؤامرة عليها، وأن من يقود هذه المؤامرة هو رئيس منتخب بصورة شرعية قبل الإصلاحات، أليس محاربة واتهام رئيس الائتلاف المنتخب يمكن تصنيفه على أنه لا يندرج في تحقيق مشيئة ومصالح من يدعون أنه تآمر عليهم؟

فنحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن رئيس الائتلاف أو فريق الإصلاح في هذه المؤسسة، فهم أقدر منا في الدفاع عن الحقيقة التي يعرفونها، وهم لم يشهرونها للعلن بعد، وتحديداً ما يتعلق منها بأداء أعضاء الائتلاف طيلة زمن ما قبل الإصلاح.

والسؤال الهام، الذي ينبغي طرحه بصورة عقلانية وهادئة وبعيداً عن ادعاء الثورجية وحصرها بجهة ما، ما الغاية من تشكيل ما يسمى (تيار الإصلاح)؟ وما الإصلاح الذي يريده وكان غائباً من قبل؟ وهل هم فعلاً الوحيدون المصلحون ونحن لم نر إصلاحهم طيلة عشر سنوات مضت.

لماذا لا نقول الحقيقية بصورة شفافة وصريحة وواضحة كما يطلب بيان “الحركة”، لماذا لا يظهرون نواياهم الحقيقية بأنهم متضررون من عملية الإصلاح كأشخاص أكثر من كونهم كحركة، ولماذا يدعون إلى لقاء تشاوري لن يحدث بحجة الغيرة على الثورة السورية ومسارها، دون ذكر مسؤوليتهم عن مسار السنوات المنصرمة؟ أليس هم من كان يقف ضد أي تطوير في بنية الائتلاف ليصير ممثلاً جدياً وحقيقياً للثورة السورية؟ لماذا عجزوا عن لعب هذا الدور سابقاً؟ لا بل لماذا أبعدوا كل طاقة على التغيير والتطوير عن بنية هذه المؤسسة التي كانت رهينة رؤاهم الفاشلة؟

إن بيان “اللجنة المركزية لحركة العمل الوطني” لم يكن بياناً يحمل الحقائق، وكنا نتمنى كسوريين أن يتم نشر الحقائق بواقعية ووثائق ملموسة ليتم محاسبة من أساء للشعب السوري ومن تجاهل هذا الشعب بصورة ملموسة.

لم يقل لنا البيان أن قادة (حركة العمل الوطني) زاروا مخيمات المنكوبين السوريين أيام الثلوج والأمطار والوضع المعيشي السيئ، فلماذا يدعون لأنفسهم اهتماماً بالشعب السوري دون الاهتمام الحقيقي بوضع هذا الشعب العظيم الصابر الذي لا يزال يعاني من التهجير والنزوح والغارات.

إن الادعاء بالشرعية الوطنية سياسياً ينبغي أن يترافق بوجود قادة العمل السياسي في مؤسسات المعارضة في الداخل المحرر ليتقاسموا الخبز والألم والتفكير العميق بضرورة قيادة النضال والكفاح ضد الاستبداد جنباً إلى جنبٍ مع شعبهم في الداخل.

إن حبل الحقيقة طويلٌ وفهم الناس كفاية لبقية هذه المتتالية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني