fbpx

إدلب والحاجة إلى تغيير الواقع السياسي والاقتصادي والأمني

0 416

لا تزال إدلب خاضعة لسلطة الفصائلية عموماً، وسلطة فصيل هيئة تحرير الشام خصوصاً، إذ أنه الفصيل الأكبر والأقوى على الأرض، هذه الفصائلية، لم تستطع الانتقال بإدلب ومناطقها من حالة غياب القانون الحقيقي، وتأمين وضع معيشي مستقر، وتوفير الحريات السياسية الأساسية، مثل انتخاب مجالس محلية بإرادة حرة، يختارها الناس لتدير شؤون حياتهم اليومية.
الانتقال من الفصائلية إلى مساحة الاستقرار المذكورة، تحتاج إلى جهود كبرى من الضامن التركي، تتمثل بضرورة القيام بتوحيد هذه الفصائل فعلياً وليس شكلياً ضمن إطار عسكري مهني حقيقي، مهمته حماية المنطقة من أي اعتداءات، تقوم بها قوات ميليشيا النظام السوري.
قد يبدو هذا المشروع بحاجة إلى دعم سياسي دولي، وتحديداً من مجموعة أصدقاء سوريا، فالانتقال من حالة الفصائلية إلى حالة الاستقرار المدني، يسحب الحجة الروسية وحجة النظام، بأن محافظة إدلب تخضع لسلطة فصائل إرهابية.
إن الانتقال بإدلب من وضعها الحالي، إلى وضع سلطة محلية، يتم اختيار مجالسها المحلية بالانتخاب، هي مهمة قابلة للتنفيذ، وهي في الآن ذاته ضرورة سياسية واقتصادية وأمنية، وحين نقول ضرورة، فنحن نعني أنها ضرورة للسكان في محافظة إدلب سواءً أهالي إدلب أو النازحين إليها من باقي مناطق سوريا.
كما أن الأمر ضرورة بالنسبة للضامن التركي، فاستقرار المنطقة يسمح بتطور أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وهو أمر سينعكس بالضرورة على الأمن القومي التركي، وعلى تنشيط التبادل التجاري مع الدولة التركية.
إن تحول الفصائل من حالتها الحالية، إلى صيغة جيش وطني مهني، سيرفع عن هذه الفصائل، أي دور تدخلي بحياة الناس وشؤونهم المعيشية اليومية، هذا الأمر سيسهّل التحاق التشكيل العسكري الجديد في محافظة إدلب بالجيش الوطني الذي يتبع الحكومة المؤقتة، مع ضرورة إعادة هيكلته بعيداً عن التجميع الفصائلي، وبعيداً عن أي دور لأي فصيل.
إن تغيير الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في محافظة إدلب، يحتاج تفاهمات تركية دولية، باعتبار أن إدلب منطقة ضمان لخفض التصعيد والتوتر، هذه التفاهمات، يمكن أن تُطرح على بساط الحوار بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي جو بايدن، لأن تنفيذ التحول المطلوب في واقع إدلب يتطلب مساعدات دولية جادة وقرارات حقيقية.
تغيير الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في إدلب هو حلقة تحول في الصراع نحو السلام، وهذا يتطلب تعاوناً جديّاً ملزماً، تقوم به هيئة تحرير الشام وبقية الفصائل العسكرية في محافظة إدلب.
إن عرقلة الفصائل العسكرية الموجودة في إدلب، لتنفيذ انتقالٍ في الأوضاع العامة في هذه المنطقة، سيضعها بمواجهة استحقاقات دولية، هي غير قادرة على مواجهتها، ولذلك، من الممكن بعد الحوار مع هذه الفصائل، إيجاد معادل توافقي، يسمح بتغيير سلس للأوضاع، دون حدوث توترات أو مواجهات، وهذا ضمانة للجميع في إدلب.
هذه الضمانة إذا توفرت، وذهبنا إلى نتائج ملموسة، ينبغي على كل القوى السياسية، ومنظمات المجتمع المدني في محافظة إدلب، أن تلعب دوراً في تحقيق الاستقرار العام، وتغيير أوضاع السكان، بما يخدم لاحقاً الانتقال السياسي في سوريا.
هذا الدور، يجب أن توجد فيه قوى الثورة والمعارضة، ويتم هذا الوجود بعد التوافق، من خلال نشاط سياسي ملموس، تقوم به هذه القوى، إلى جانب بقية الأطر السياسية الموجودة.
فهل يمكن لهيئة تحرير الشام، وبقية الفصائل الموجودة على أرض إدلب، أن تتقدم لملاقاة هذا المشروع؟ وهل تستطيع إعادة برمجة نفسها على جزئين ممكنين، هما ذهاب ذراعها العسكري إلى الانصهار بتشكيل جيش وطني مهني؟ وذهاب جهازها الدعوي إلى صيغة عمل سياسية، يحكمها التوافق السياسي، وانفتاح المنطقة على تغييرات في الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وقبلهما السياسي؟
أسئلة برسم الأطراف جميعها، فهل تتم الإجابة عليها بخطوات تغيير واقع الحياة في إدلب، أم أن الأمر يحتاج إلى إجراءات أخرى، لتغيير مسار الواقع في إدلب؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني