fbpx

نوروز عفرين والمعارضة واللاحل

0 442

أثار ظهور وفد من قيادة الائتلاف في احتفالية مشتركة بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاقة أول تظاهرة في سوريا، وتم دمج احتفال عيد النوروز، العيد القومي للشعب الكردي في العالم، ردات فعل ما بين مستهجنة أو غير مكترثة. الدمج وفق مخيال المعارضة السورية جعل من المناسبة مركبة، بما تحمله من دلالات ورسائل سياسية، أهمها جعل النوروز عيداً وطنياً سورياً – وفقاً لسياسات المعارضة – وهي إحدى مطاليب الحركة السياسية الكردية منذ عقود. رافقه جعل /21مارس-آذار/ من كل عام عطلة رسمية بمدلول رسمي على عيد النوروز، بعد بدعة للحكومة السورية للخروج من مأزق تظاهر الكُرد للاحتفال بعيدهم القومي، وعدّم رغبة النظام السوري بالدلالة على الوجود الكردي بأي شكل كان، فعمد إلى جعله عطلة رسمية باسم عيد الأم.
ثمة جملة من الرسائل والمعطيات المتبلورة عبر تلك المشاركة والاحتفال، أولها: أثناء قصف الغوطة وخان العسل بالسلاح الكيماوي، تضامن أهالي حلبجة في كردستان العراق كباقي الكُرد في سوريا، مع تلك المأساة منطلقين من مُحددين متشابكين، البعد الإنساني أولاً، والتجربة التاريخية المريرة مع الكيماوي ثانياً. وكان الرد من النازحين إلى عفرين الذين سيطروا على منازل الأهالي المحليين المهجرين، أن رفعوا صور صدام حسين وفي أكثر من مناسبة، ما خلق هواجس ومخاوف تكبر دوماً، ولم يتلق الأهالي أيَّ تطمينات من المعارضة بعدم تكرار تلك الفعلة الشنيعة، ومع وجود قيادة المعارضة السورية في عفرين والاحتفال بعيد النوروز، فإن المطلوب تأمين الاستقرار المحلي والأمان قبل أيَّ شيء. وثانيها: أن الأسّ في عيد النوروز هو الاحتفال في الطبيعة مع الفرق الشعبية الفلكلورية والأغاني التراثية والقومية. فهل سيتمكن المواطنون من ذلك. وثالثها: أعتقد أن حل المشاكل والكوارث التي حلت بالكرد في عفرين هو الأهم من كل شيء، خاصة فيما يتعلق بالممتلكات الخاصة، والتثبيت الجغرافي التاريخي للكرد في عفرين، وما يحدث من تغيير ديمغرافي خطير، فإن عودة وضع الأهالي وخصوصياتهم إلى ما كان عليه قبل عملية غصن الزيتون هو الأهم. لكن هذه تحديداً تتطلب أولاً عودة المهاجرين، والمهجرين، والمنفيين، بمن فيهم القاطنون في مخيم الشهباء أو غيرها. عدّم العودة، والتركيز على أن خروج الفصائل المسلحة هو الشرط الأساس للعودة، هو شيء شبيه بالوعود التي تخيلها الشعب الفلسطيني إبان نزوحه عن وطنه، ولا يزال مسلسل النزوح قائماً. الأفضل والأساس هو العودة مع شروط تحقيق الاستقرار والأمان. ورابعها: عفرين كتّلة من الكوارث البشرية، لم يبق انتهاك وتجاوزٌ لم يُمارس. ولكن بالوقت عينه، وهذه خامسها: بات لِزاماً على المجلس الكردي أن يكون أكثر وضوحاً وصرامة في موقفه، فهو عضو في الائتلاف، وغير منضم إلى الحكومة المؤقتة، ولم يبادر إلى تشكيل أو الانضمام إلى التشكيلات الإدارية والعسكرية في عفرين، ويطالب عبر البيانات بانسحاب تلك الفصائل. لنفترض أنها انسحبت بعد قليل، هل سيبادر المجلس الكردي لتأسيس تشكيلات مختلفة من إدارية، أمنية، عسكرية…إلخ لإدارة عفرين. ويبقى السؤال: لماذا لم تشارك منذ البداية في ذلك. وفي حال لم تستطع المشاركة، فلماذا، وما هو المطلوب. والمتعارف عليه إن أيَّ مدينة أو منطقة ما بعد النزاع والحرب، كحالة عفرين، تحتاج إلى حوكمة واضحة، فإما بقاء تلك الفصائل والحكومة السورية المؤقتة، أو أن تبادر إلى العمل فيها، أو أن تعود الإدارة الذاتية والاتحاد الديمقراطي.
هناك اعتقادات واهمة لدى شريحة من الكرد في سوريا، قوامها أن عفرين ستعود إلى حضنها الكردي عبر الحرب، أو من يتوهم اكتراث واهتمام المنظمات العالمية الدولية الحقوقية الإنسانية بوضعهم، مع العلم أن كوارث ومآس أخرى لا تقل فظاعة إن لم تتجاوز محنّة العفرينيين، ولم تتلق الاهتمام القائم على عودتهم وبشروطهم. هذا الاعتقاد يُمكننا أن نفصله عن الدهشة ونعزله عن غرابة التفكير، حين ندرك أن المثالية المفرطة والتخيل اللاعقلي لا زال يسيطر على عقول فئات عديدة حول الواقع الكردي في سوريا؛ فالحديث عن التجاوزات ومحنّة القواعد الاجتماعية في عفرين، أصبح جزءاً من الخبر اليومي واللاحل واستمرار الركض في دوامة لا نهاية لها، يبقى العنوان الأبرز لتلك الفئات الواهمة. الحل الرئيس أولاً وقبل كل شيء: عودة الأهالي إلى بيوتهم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني