نوروز العيد القومي للشعب الكردي
يحتفل الشعب الكردي في 21 آذار من كل عام بعيد النوروز الذي يعتبر بداية السنة الكردية وهو عيد قومي للشعب الكردي يحرص الكرد على الاحتفال به بطقوس خاصة تبدأ بإشعال النيران في ليلة 21 آذار، ويعود طقس إشعال النار إلى أكثر من 612 قبل الميلاد أي أن نوروز 2021 ميلادية يوافق 2633 للسنة الكردية ويعود تاريخ الاحتفال إلى أسطورة كاوا الحداد الذي يعتبره الشعب الكردي المخلص الذي قضى على الظلم والاستبداد بعد أن خلصهم من الحاكم الظالم زهاك الذي قتل مئات الأطفال وأطعم أدمغتهم لثعابينه التي يضعها على كتفيه وكان كاوا وحده قد قدم وفقاً للأسطورة الكردية خمسة عشر طفلاً من أطفاله للملك زهاك وأراد كاوا أن يفدي ابنته الوحيدة بروحه فتوجه للقصر وقتل الملك بمطرقته وأشعل النيران على سطح القصر وحمل شعلة بيده فعرف الأهالي أنها شعلة الحرية والخلاص وأن يوم 21 آذار هو يوم جديد وبداية جديدة تبشر بالحرية والفرح.
ولعل معاناة كرد سوريا مع الأنظمة القمعية الحاكمة لسوريا تشبه معاناة كاوا مع زهاك الظالم، فعلى مدى عقود كان ممنوعاً عليهم الاحتفال بنوروز حيث تميزت الحكومات المتتالية لسوريا برفضها الاعتراف بالهوية الكردية حيث كانت احتفالات نوروز تقام بشكل سري للغاية وكانت أجهزة الأمن تهاجم المحتفلين وتقوم باعتقالهم وفي عام 1986 شددت الحكومة السورية إجراءاتها الأمنية بحق المحتفلين ومنعت الكرد الذين تجمعوا في ساحة شمدين في دمشق من الوصول لمنطقة الغوطة للاحتفال فتحول التجمع لمسيرة سلمية توجهت نحو القصر الجمهوري وتم تفريقهم من قبل الأجهزة الأمنية بالرصاص الحي ما أدى لاستشهاد الشاب سليمان آدي وإصابة خمسة آخرين.
آدي أول شهداء نوروز الكرد في سوريا كان لاستشهاده في نوروز تأثير كبير فخرج الكرد في كل مناطق وجودهم في تظاهرات منددين باستخدام الرصاص ومنع الاحتفال بالعيد وقمع السلطات للشعب الكردي ورفض الاعتراف به وكانت النتيجة آلاف المعتقلين الكرد، وأجبرت الحكومة السورية على التعطيل في 21 آذار من كل عام بعد إقراره عيداً للأم عام 1988 من قبل حافظ الأسد.
بالرغم من اعتماد يوم 21 آذار عطلة رسمية إلا أن السلطة لم تتخل عن سياستها القمعية على مدى العقود التالية حيث فرضت يوم عمل طوعي على العاملين في المؤسسات الحكومية والمدارس في المناطق ذات الغالبية الكردية. واستمر النظام في سياسته القمعية واعتقال المنظمين والمحتفلين بالعيد حتى بعد تولي بشار الأسد الحكم في سوريا حيث شهدت ليلة 21 آذار عدداً من الحوادث المفجعة لسنوات ففي ليلة 21 آذار 2008 استهدفت عناصر الأمن السوري محتفلين كرد في شوارع القامشلي ما أدى لاستشهاد ثلاثة شبان وجرح عدد آخر وفي 2003 سقط شهيدان في الرقة بالرصاص وسجن العشرات في كل من الرقة وحلب ومناطق أخرى.
وكان المعتقلون الكرد يعتقلون استناداً إلى حالة الطوارئ التي أعلنت في 18 آذار 1963 وكانوا يتعرضون لأنواع التعذيب كافة وانتهاك الحقوق بتهمة محاولة تقسيم سوريا والعمل على اقتطاع جزء منها هذه التهمة التي كانت ولا تزال ملازمة للكرد وتنتهك حقوقهم وتحارب قيمهم بسببها.
طقوس نوروز العيد القومي الكردي تشمل إشعال النيران ليلة 21 آذار والاحتفالات في الشوارع والساحات بالرقص والموسيقى وفي يوم 21 آذار ينطلق المحتفلون مرتدين الزي الفلكلوري الكردي إلى مواقع يتم تحديدها مسبقاً خارج المدن وتشمل الاحتفالات حفلات غنائية وتقديم فرق فلكلورية خاصة لرقصات شعبية وفلكلورية وعروض تمثيلية وحلقات الدبكة الشعبية الجماهيرية ويستمر الاحتفال حتى مساء 21 آذار.
احتفالات الكرد هذا العام في شمال وشرق سوريا توزعت في مناطق عدة منها ما أقامها المجلس الوطني الكردي ومنها ما دعت إليها الإدارة الذاتية وكان نائب المبعوث الأمريكي لشمال وشرق سوريا ديفيد براونشتاين قد شارك أبناء الشعب الكردي في إيقاد شعلة نوروز ليلة 21 آذار في الحسكة كما شارك في احتفالات يوم العيد في سد الحسكة الغربي.
كما شارك كل من ريدور خليل مسؤول مكتب العلاقات العامة لقوات سوريا الديمقراطية ونسرين عبدالله الناطق الرسمي باسم وحدات حماية المرأة في احتفالية للمجلس الوطني الكردي في منطقة المالكية وقدما التهاني للمحتفلين في خطوة تعتبر تعزيزاً لوحدة الصف الكردي.
نوروز الكرد الذي يعني اليوم الجديد كان دوماً مبعثاً للفرح والبهجة وبقي الكرد على مدى العصور ورغم القمع والقتل والإنكار مستمرين في الاحتفال بهذا العيد على أمل أن يتم خلاصهم من الظلم القائم كما تخلص كاوا الحداد من زهاك الظالم وتبقى شعلة نوروز الأمل القادم الذي لا ينطفئ في قلب كل الكرد.