fbpx

نهاية حقبة آل الأسد

0 311

حزيران القادم هو موعد الانتخابات الإيرانية القادمة، التي بسببها هناك تريث أمريكي في التعامل مع الملف التفاوضي الإيراني، لأن التفاوض مع الحكومة الإيرانية الحالية سوف يمنحها مزيداً من أوراق القوة، وهذا مالا تريده إدارة الرئيس بايدن، لذلك يجاهر الإيرانيون بالتحدي، مرة عبر صواريخ المليشيا العراقية، ومرة عبر الإعلان عن زيادة تخصيب اليورانيوم، الذي قد لا يكون حقيقياً، وفي نهاية المطاف، تبقى معادلة القوة الإيرانية ترتكز على الملف السوري أولاً ومدى القدرة الإيرانية في استثماره، لأن الإيرانيين يؤمنون أن قدراتهم التفاوضية تكبر من خلال قدرتهم على الإمساك بالملف السوري.

أما الإدارة الأمريكية تدرك هذه اللعبة تماماً، لذلك هي حريصة على تجريد السلطات الإيرانية الحالية من كامل أوراق القوة في سوريا، سواء من جانبها السياسي أو العسكري. فالانتخابات الرئاسية في سوريا التي تسعى إيران بكل جهدها لإتمامها، هي ملغاة ولا قيمة لها لدى الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ما يعني أن النظام السوري إذا ذهب إليها فهو ذاهب إلى الفراغ، الذي سيضع حلفاء النظام السوري جميعهم، أمام موقف لا يحسدون عليه، وهو موقف خاسر للروس الذين استعرضوا كامل أسلحتهم على المدنيين السوريين لبيان جودتها للمشترين، غير أن استمرار هذه اللعبة لم يعد ممكناً للروس، ناهيك بالمجهول القادم، حيث يفضل الروس صفقة مع الأمريكان تضمن لهم بالحدود الدنيا استرداد ديونهم المتبقية على النظام، بالإضافة إلى ميناء طرطوس الذي سيكون مفيداً لصيد السمك ورحلات الاستجمام أكثر من كونه محطة عسكرية في المياه الدافئة، بالتالي لا يملك الروس إمكانية معاندة الموقف الأمريكي/الأوروبي، خصوصاً وأن للروس تجارب سابقة في مسألة كوسوفو.

هناك صدام مصالح حتمي بين إيران وروسيا في الملف السوري، وهناك صدام عسكري من نوع آخر بين إسرائيل وإيران، حيث تستمر إسرائيل (بجلد الإيرانيين) بمزيد من الغارات المتتالية على قواعدهم وملحقاتهم في سوريا، وهو ما سيبقي موقف السلطات الإيرانية الحالي هزيلاً للغاية.

أما في جانب المعارضة السورية، فتبقى تسريبات المرحلة القادمة تتمثل في العودة للقرار “2254” الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول 2015 ومدى القدرة على تطبيقه، وصولاً إلى حلول سياسية تفرض آلية ميدانية على الأرض، تنتهي بتشكيل مجلس رئاسي وآخر تشريعي، إضافة لمجلس قضاء أعلى ومجلس عسكري انتقالي.

عموماً هناك رؤية سياسية تفكر فيها المعارضة، التي من الضروري أن تصل إلى اتفاق يراعي مصالح الشعب السوري، وقلق مختلف الأطياف السورية خصوصاً من اللون الجهادي، لأن هذا القلق له انعكاساته الداخلية والخارجية أيضاً، وهي مخاوف لا تبددها البدلة الرسمية التي ارتداها (أبو محمد الجولاني) في لقائه مع الصحفي الأمريكي، التي كان الجولاني حريصاً على ارتدائها بدون ربطة عنق، ولهذه النقطة قراءة سياسية تتعلق بلون الحركة المنتمية للقاعدة سابقاً، والتي عاش قادتها عمراً في إيران وبينهم ثقافة مشتركة.

في النهاية، عند الحديث عن سوريا، يبقى الحل السياسي الحاضر في العقل الأوروبي والأمريكي هو الحل الذي تم في البوسنة والهرسك، الذي أوقف الحرب الدموية هناك، وأعاد إنتاج البوسنة والهرسك كدولة مستقلة في منظومة سياسية جديدة برعاية دولية، بالتالي إن الحقيقة القادمة لا محالة هي رحيل آل الأسد من السلطة، لذلك لا نستغرب سرقة النظام لأصحاب رؤوس الأموال الموالين له، ما يعني أن آل الأسد أدركوا أنهم في طريق حزم الحقائب، وبالتالي فإن حقائب الموالين هي الأكثر ضخامة في هذا الوقت.

سوريا ذاهبة إلى الوصاية الدولية، وهو الخيار الأخير والممكن المتاح.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني