مرض اللشمانيا يستشري في مخيمات الشمال السوري
ينتشر مرض اللشمانيا في معظم المخيمات المتوزعة على الحدود السورية التركية شمال محافظة إدلب بسبب الاكتظاظ وانعدام مقومات النظافة العامة ووجود المياه الملوثة المكشوفة، ونقص الرعاية الطبية، وتتنوع الإصابات بين المزمنة والخطيرة والأقل ضرراً.
الطبيب محمد وليد التامر نقيب أطباء الشمال المحرر يتحدث لـ نينار برس عن أسباب انتشار مرض اللشمانيا في الشمال السوري بقوله: “يعيش أكثر من مليون و200 ألف شخص في الشمال السوري ويلات النزوح، في ظل وضع صحي مترد، ويعد اللشمانيا من الأمراض الأكثر شيوعاً وانتشاراً في المخيمات بسبب التلوث البيئي في ظل تردي الوضع الخدمي، وسوء الصرف الصحي ومصارف المياه، كما تفتقر المخيمات إلى مراكز صحية ثابتة لتقديم الرعاية والخدمات الطبية واللقاحات اللازمة لتفادي الإصابة بالأمراض.”
ويتابع الطبيب محمد: “اللشمانيا مرض جلدي طفيلي المنشأ ينتقل عن طريق قرصة ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة جداً لا يتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية لونها أصفر، ويزداد نشاطها ليلاً، ولا تصدر صوتاً لذا قد تلسع الشخص دون أن يشعر بها، وتعمل على نقل العدوى من دم شخص مصاب إلى شخص سليم.”
ويشير التامر أن للمرض أنواع منها اللشمانيا الجلدية أي حبة السنة التي تصيب الأماكن المكشوفة من الجلد، بالإضافة إلى اللشمانيا الحشوية، التي تصيب أحشاء الإنسان وقد تؤدي إلى الموت.
ويشدد الطبيب على ضرورة الوقاية من المرض من خلال المحافظة على النظافة الشخصية ونظافة الخيام وماحولها وإبعاد النفايات عن المخيمات، والابتعاد في إنشاء المخيمات عن مكبات النفايات والصرف الصحي الخاص بالمدن والبلدات، مع التدخل السريع من قبل المنظمات الطبية لإيقاف انتشار المرض ورش المبيدات الحشرية، وإغلاق مجاري الصرف الصحي المكشوفة التي تعتبر بؤرة تجمع الذباب والبعوض المسبب لهذه الآفة.
الطفلة ميساء أصيبت باللشمانيا وعن ذلك تتحدث والدتها بقولها: “نزحنا من مدينة سراقب ليستقر بنا الحال في أحد المخيمات على أطراف بلدة دير حسان.”
وتشير أم ميساء إلى وجود مياه الصرف الصحي المكشوفة في المخيم والروائح الكريهة، وانعدام مواد التنظيف والمعقمات، وهو ما أدى إلى انتشار الأمراض الجلدية بكثرة بين النازحين في المخيم.”
وتتابع أم ميساء: “بدأت بقعة حمراء بالظهور في وجه ابنتي ميساء البالغة من العمر عشر سنوات، وبعد التحليل المخبري تبين أنها حبة اللشمانيا، وبسبب بعد المراكز الصحية عن المخيم بدأت أشتري الدواء من الصيدلية رغم غلاء ثمنه بهدف معالجة ابنتي.”
كذلك الطفل عبد الله الحاكورة نازح من معرة النعمان إلى مخيم على أطراف مدينة سرمدا الحدودية، حيث يعاني جراء إصابته باللشمانيا التي انتشرت في وجهه ويديه وقدميه، وأخذت تتوسع وتسبب له تقرحات وتشوهات، عدا عن انعكاسات هذه الإصابة على نفسيته ما جعله انطوائياً يرفض الخروج من الخيمة، محاولاً إخفاء ما تسببت به اللشمانيا من تشوهات، علماً أن الطفل قلما يحصل على العلاج لبعد المخيم الذي يسكنه عن المراكز الصحية، وعن ذلك يتحدث والده لنينار بالقول: “نعيش في المخيم حالة حرجة، فلا مأوى صالح للسكن ولا خدمات، كما تنتشر في فصل الصيف الكثير من الحشرات بالإضافة إلى تردي وضع الصرف الصحي في المخيم وقلة المياه الصالحة للشرب، كما نفتقر للمراكز الصحية القريبة، حيث أضطر لقطع مسافات بعيدة تصل إلى 15 كم ليتلقى ولدي العلاج في مركز طبي في إحدى البلدات المجاورة.”
يناشد أبو عبد الله المنظمات أن تنظر بعين الرحمة إلى النازحين في المخيمات لتقديم يد العون، ومساعدتهم على عيش حياة كريمة، مؤكداً أن 20 شخصاً من سكان المخيم يعانون من مرض اللشمانيا الجلدي في ظل غياب وجود مستوصف أو نقطة طبّية .
تتسع يوماً بعد آخر حلقة انتشار الأمراض بين النازحين في المخيمات العشوائية في محافظة إدلب نتيجة تراكم القمامة وانتشار حفر الصرف الصحي التي تجمع حولها الذباب والحشرات الضارة وتنطلق منها روائح كريهة تزيد معاناة النازحين، وتسبب لهم الأمراض والأوبئة، وخاصة في فصل الصيف.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”